:: وجوه الثورة :: سعيد الشهابي.. الواثق بانتصار أحرار البحرين
البحرين اليوم – (وجوه الثورة)
بالنسبة للدكتور سعيد الشهابي (مواليد البحرين ١٩٥٤)؛ فإن ثورة ١٤ فبراير هي خلاصة وافية للإرث المتراكم، والطويل، من الرفض الشعبي لآل خليفة. لا ينظر المعارض المخضرم إلى الأوضاع في البلاد من الزواية المتعارف عليها لدى البعض، وتحديدا من تلك الوجهة التي ترى أنها تحولات “موضعية” بسبب “اختراقات” في متطلبات “الحكم العادل”. بخبرته الطويلة، وباعه الممتد على أكثر من اتجاه؛ يؤكد الشهابي بأن جدران عدم الثقة من الخليفيين قُيّض لها في ١٤ فبراير وما تلاها – أن تعلو، وتشتد، لتفرض واقعا حتميا بعدم إمكان التلاقي بين طرفين متناقضين: المواطنون الأصليون وآل خليفة. من هذه الرؤية؛ فإن المسألة في نظر مؤسس “حركة أحرار البحرين”؛ ليست اشتباكا “مطلبيا” على ضفة المعركة الحقوقية فحسب، بل هي مفاصلة جذرية مستحقة آن لها أن تتفجر دون تراجع.
بشكل أو بآخر؛ يذهب الشهابي إلى أن ثورة البحرين فاجأت الجميع، تماما كما هو تمدُّدها ووصولها إلى مرحلة الثبات الذاتي، الذي كان خارج توقعات الكثيرين ممن كانوا يراهنون على ارتداد الوضع إلى المربع الأول، وظنوا أن المؤثرات وعمليات التفكيك والخذلان يمكن أن تُصيب الثورة في مقتل. انطلاق الثورة كسرَ، بحسب الشهابي، التفكير التقيلدي الذي كان يُقارِب نموذج الاحتجاج البحراني على أنه بركان غير قابل للاستمرار الحي، بسبب الوضع الحساس للبحرين، والتداخلات والتدخلات غير المحدودة التي تهيمن على مجريات الأمور فيها. ومع مرور أكثر من سبع سنوات على استمرار الثورة، وتخطيها بنجاح لأشد الصعاب وأخطرها؛ يُصبح الشهابي أكثر ثقة بقراءته الخاصة التي داومَ على ترسيخها، وقبل اندلاع الثورة، والتي تشدد على استحالة التقارب مع النظام الخليفي، وعلى غرار استحالة الأمر في معركة الوجود والأصل بين الفلسطينيين و”إسرائيل”. الخلاصات النظرية التي وضعها الشهابي في موضوعات التجنيس والتهجير، واستعداء السكان الأصليين، وهوية الفتك والاحتلال؛ تجعله قادرا باطمئنان على المطابقة بين الخليفيين والإسرائيليين، وهو ما يعني ضرورة الارتكاز الأكبر على منظومة المقاومة المدنية التي تعتمدها الشعوب الأصلية وهي تواجه خطر التهديد في وجودها وأصالتها.
فضّل الشهابي انتقاء خطاب واضح في معارضة الخليفيين وتقريعهم. رأى في حمد عيسى أسوأ حاكم خليفي عانى منه البحرانيون. قدّم توصيفات حاسمة لهذا الحاكم الذي أكد سقوطه الحتمي، ذاهبا إلى أن الدعم الأجنبي هو ما يمده فقط بأسباب البقاء، إلا أن التكوين العقائدي للشهابي – والذي تأسس من انتمائه التاريخي لحزب الدعوة الإسلامية – يمنحه وثوقيات جازمة باهتراء النظام وتلاشيه النهائي رغم كل الجيوش الأجنبية التي تُمسك بأعواد عرشه الهش، وما استطاعت إلى ذلك سبيلا. لا يقتصر ذلك على الإيمان بالسنن الكونية، ولكن الشهابي يُدرك أن الأسباب الموضوعية التي يوفرها مناضلو البحرين، داخل البلاد وخارجها، تفعل فعلها التحولي في خلخلة أعقد التحالفات الإقليمية والدولية التي تتوافق على حماية آل خليفة.
يقاتل الشهابي الخليفيين بعنفوان لا يهدأ كما يُصارع العكاز الذي فشل في سلب توقده الثوري. مع إصراره الذي لا يكل في الاعتصامات أمام سفارتي آل خليفة وآل سعود، والمشاركة في الاحتجاجات صيفا وشتاءا؛ يحتفي المعارض الذي لامسَ منتصف الستينات من العمر – بالشبان الذين لا يملون وهم يثبّتون أقدامهم في التظاهرات والاحتجاجات، ويشيد بالقول والفعل بالمجهود الحقوقي والاحتجاجي الذي يخنق الخليفيين في الغرب، مكررا الدعوة – والسعي – إلى الانتقال الأكبر في النضال السياسي الذي يجمع صلابة الميدان في الداخل وبراعة النشاط الحقوقي والاحتجاجي في الخارج، ليضع بعد ذلك نقطة في نهاية السطر وهو يسجّل حتمية الانتصار الطبيعي على “حمد التافة” وعصابته المجرمة.