:: وجوه الثورة :: الشهيد رضا بوحميد.. معركة مفتوحة مع “المشير” المهزوم
البحرين اليوم – (وجوه الثورة)
يبدو أن الصّدر العاري للشهيد رضا بوحميد، والذي هزم جيش آل خليفة في فبراير ٢٠١١م، لازال (هذا الصدر) يُرعب قصور الخليفيين التي لا تبعد كثيرا عن مسقط رأس الشهيد في بلدة المالكية. بعد سبع سنين من تلك اللحظة التاريخية؛ يُسلّط الخليفيون الانتقام المتكرِّر من عائلة الشهيد، ويظنون أن غليل “المشير“ المهزوم، خليفة أحمد، يمكن أن يهدأ قليلا حينما يرى أخوة الشهيد خلف القضبان، وعندما يستعرض مرتزقته رجولتهم المنقوصة داخل منزل الشهيد وأمام والده الطاعن في السّن، ويرمون عليه وعلى عائلته تهديدات التصفية والانتقام. هو “ثأر“ باقٍ إذن بين الفاتح بوحميد و“المشير“ الخاسر.
استُشهد بوحميد في سنّ الثانية والثلاثين ربيعا. كان سبب الوفاة رصاصة مباشرة من دبابات الجيش الخليفي. كان القتل عمديّا، وعن سبق الإصرار والترصُّد. في ١٨ فبراير ٢٠١١م، كان مطلوبا من حركة الثورة أن تتخذ شكلاً احتجاجيا غير مسبوق، وأن تُثبت أنها ثورة جادة، ولديها إرادة أن تكون المعبر الأخير نحو تحقيق الحلم البحراني الكبير. كان القرار الشعبي هو الزحف مشيا على الأقدام نحو دوّار اللؤلؤة، رمز الثورة، وإبلاغ دبابات المشير المتحصّنة هناك؛ بأنها لا شيء أمام الصدور العارية إلا من غضب الثورة وغليان الكرامة. فعلها جمع من الشبان، ونال بوحميد شرف أن يكون الشهيد الفاتح الذي أسقط صدرُه العاري المشيرَ ودباباته، حيث غيّر دمه الطاهر مسارَ الثورة، وقلبَ الموازين ضد النظام، واضطر داعموه الخارجيون للتدخل السريع لإنقاذه من سقوطٍ حتميّ أسّس له المشهد الخارق للشهيد، وقبل أن تخرق رصاصة “المشير“ رأسه وُتنهي حياته، وإنما لتبدأ بعدها حياته الخالدة في “لؤلؤة البحرين“ وفي ثورتها المتواصلة.
وُلد بوحميد يوم استشهاده. طُبعت صورته في الوجدان والأذهان بعد أن وثّقت الكاميرا فعله الخالد، وسيمياء وجهه وهو يتوقد قبيل الشهادة، ويُحرّك جأشه وهو يرفع قميصه ويُخرِج سلاحه الأقوى من صدره العاري: الأمل. منذ ذلك الحين، أضحى بوحميد أيقونة للشبان “الفاتحين“ الذين لا يكلّون ولا يدخلهم وهن أو قنوط. وتلك هي أعظم شهادة ميلاد: أنْ يكون المرء مولِّدا للآخرين، وصانعاً للأمل، وفاتحا الطريق أمام تحوّل كبير آت لا محالة، ويكون خيُره للجميع.
لهذا كله يبطل العجب، فالانتقام الذي يتعرض له أهل الشهيد اليوم؛ هو إحساس من “المشير“ القاتل بالأثر المستمر لما فعله ابنهم الشهيد. ولأن الجيش لا يرقى لمحاربة الأرواح الشهيدة والشاهدة، فإنه يظن أن خفافيش منه يمكن تحصد الانتقام من العائلة وربّها الذي لم يُعجزه المرض وكبر السن عن فضح سُعاة “المشير“، وأطلق نداءا للعالم يدعوه للتدخل من أجل حمايته من شرّه وشرور ذئابه. لم يكن ذلك نداء خوف أو ارتعاب، بل كان شكلا آخر من أشكال التحدي، والتي يُعرَف معناه الكامل إذا ما رُسِمَ المشهدُ بمعية الرأس المرفوع واليدين الهادرتين والصّدر الثائر نحو السماء.