نوار قسومة لـ”البحرين اليوم”: طرفا أزمة الخليج ينفذان أوامر الدول الراعية.. وآل خليفة جوقة تابعة لآل سعود (٢-٢)
البحرين اليوم – (خاص)
يرى الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة لانكاستر نوار قسومة أن دولة قطر لا تزال محكومة من الأمير الأب حمد آل ثاني، وأنها قامت بدور أكبر منها، لكنه أكد أن الحصار التي تفرضه دول بقيادة السعودية “لن يكسرها”.
وفي الجزء الثاني من مقابلة (البحرين اليوم) مع قسومة؛ يدعو الأخير المعارضة في البحرين إلى “قراءة الواقع” بشكل آخر، محذرا من إمكان أن ينجح النظام الخليفي في تغيير التركيبة الديمغرافية فيما لو استمرت وتيرة التجنيس.
وبشأن دور آل خليفة في المنطقة؛ يذهب قسومة إلى أنه ليس لهم أي دور، مؤكدا بأنهم ليسوا سوى “تابعين لآل سعود”.
فيما يلي نص الجزء الثاني من المقابلة
أزمة قطر
* من الواضح أن الأزمة الخليجية في تصاعد مستمر، في ظل الهجوم المتزايد على الدوحة، ورفض الأخيرة للشروط الخليجية من أجل رفع الحصار والمقاطعة عنها. كيف تقرأ هذه الأزمة؟
– بالنسبة لدولة قطر، لابد من القول أولا أن الأمير الأب هو مازال برأيي الحاكم الفعلي لقطر، وهو منْ أدخلها في هذه المتاهة، وما خروجه من الواجهة إلا نتيجة ضغوطات غربية لمحاولة إعادة تصدير نظامه. هناك غضب كبير وبشكل خاص في البحرين والسعودية والإمارات على الدور الذي تقوم به قطر، والذي يتجاوز حجمها، وربما بسبب محاولاتها زعزعة استقرار هذا الدول.
قطر دولة صغيرة، لا تملك من مقوّمات الدور الإقليمي سوى المال والغاز، وهذا لا يكفي! لكن على ما يبدو فإن الشيخ حمد آل ثاني كان يريد التمرد على هذا الواقع، والأجهزة الغربية التي تساعده في إدارة الإمارة رحّبت بهذا الدور، إنْ لم نقل أنها هي منْ ابتكره، وبشكل خاص دوره في إثارة المشاكل والفتن في الدول العربية، وعلاقته بالإسلام السياسي، والإسلام الإرهابي “الجهادي”.
* وماذا عن الحصار المفروض عليها.. هل يمكن أن يُرغم الدوحة في النهاية للرضوخ؟
– الحصار المفروض على قطر لن يغيّر شيئا! ستخسر قطر الكثير من المال، لكن هذا لا يهم الأسرة الحاكمة، فالغاز مازال يتدفق بغزارة، و”مئات” مليارات الدولارات مودعة في أرصدة واستثمارات لآل ثاني في بريطانيا وأوروبا لمثل هذا “اليوم الأسود”. ورغم الحصار؛ تمكّن تميم آل ثاني من شراء لاعب كرة قدم برازيلي لفريقه الفرنسي بربع مليار دولار، وكأنه يقول للمتعاطفين معه: “لا تحزنوا فإن الله معنا”.
من جهة أخرى، طرفا الأزمة الخليجية تربطهما علاقة قوية مع إٍسرائيل، وفي النهاية يجب التذكير أن قطر تنفّذ أومر الدول الراعية لها، والتي هي بنفس الوقت الدول الراعية للسعودية ودول الخليج. وكأن الصراع هنا بين أعضاء عصابة واحدة، بانتظار أمر من زعيم العصابة وعرّابها لإيقاف هذه المهزلة.
ملف البحرين.. مشكلة الإقليم وخطر التجنيس
* إذا انتقلنا إلى البحرين، ووسط التصدع الإقليمي والتوتر القائم.. إلى أن يتجه ملف البحرين برأيك؟
– الملف البحراني مرتبط بشكل مباشر بالأزمة بين إيران والسعودية. استمرار الصراع السعودي الإيراني يجعل أي حل سياسي بين المعارضة والنظام الحاكم في البحرين مستحيلاً على المدى القريب.
المعارضة البحرانية – وبسبب طبيعة التركيب المذهبي الغالب في البلاد – محكومة بالتعامل مع إيران، كونها البلد الوحيد الذي يقف معنوياً معها. في نفس الوقت؛ فإن إيران غير قادرة على تغيير قواعد اللعبة في البحرين، لأن ذلك سيدخلها في متاهات هي في غنى عنها، على الأقل في الوقت الراهن.
هناك مشكلة طائفية في البحرين، فالنظام الحاكم يمثل السنة، والمعارضة تمثل الأغلبية الشيعية، والزمن يلعب للأسف الشديد لمصلحة النظام في حال نجح على المدى الطويل في إحداث التغيير الديموغرافي عبر التجنيس.
هناك تعتيم إعلامي دولي وعربي على الحراك البحراني، وهذا مؤشر على عدم رغبة الدول الكبرى في إحداث تغيير في البحرين، مما يعني أن على المعارضة البحرانية إيجاد طريقة أخرى لإيصال صوتها. العرب بأغلبيتهم الساحقة لا يعترفون بوجود حراك بحراني، وبالنسبة لهم ما يجري ليس سوى فوضى مفتعلة من قبل “عملاء” إيران.
* في ظل هذه القراءة، ما الذي يتوجب على المعارضة القيام به لتدارك هذه المخاطر وإيجاد ثغرات في العوائق التي تتحدث عنها؟
– المعارضة البحرانية يجب عليها أن تدرك أن البحرين، باعتبارها دولة محدودة الموارد، تعتمد اقتصادياً على دعم واستثمارات جيرانها العرب، وبالتالي فإن تغيير النظام الحاكم وجلب نظام مقرَّب من إيران – حتى لو تم ذلك بسفك محدود للدماء – سيؤدي لحرمان البحرين من الأموال الخليجية، وبالتالي سيُجرِّد المواطن البحراني من رفاهيته. لذلك أرى أنه من الأفضل للمعارضة الاستمرار بالتحرُّك السلمي، والضغط على النظام الحاكم، مع الحفاظ على “مساحة للتقارب معه”، لأن أفضل حلٍّ للنظام والمعارضة هو الوصول إلى صيغة تقاربية تضمن لـ”الملك” عدم المساس به، وسيطرته على الوزارات السيادية، مع مشاركة المعارضة بشكل فعّال في الحكومة. على هذا الأساس؛ فإن المعارضة البحرانية يجب أن تتجنب مهاجمة شخص “الملك”، لأنها بهذه الطريقة تقطع الطريق على أي فرصة لحل الأزمة في المستقبل. وهذه وجهة نظري، وهي مفتوحة للنقاش بالطبع.
* طبعا هذه النظرة كان يطرحها – ولازال – طيف أساسي من المعارضة البحرانية، ولكن الوقائع على الأرض تشير إلى أن النظام حرق كل الطريق، ولم يقطعه فقط، وذلك بسبب تجاوزه لكل الخطوط الحمراء، ورفضه لكل دعوات الحوار من قبل المعارضة السياسية. أيا يكن، لو انتقلنا إلى التموضع الخارجي لآل خليفة، وفي أتون الصراع الجاري، كيف تحدد هذا التموضع والدور؟
– إذا نظرنا إلى آل خليفة باعتبارها الأسرة الحاكمة في البحرين، وهي دولة صغيرة تعتمد كما نعلم جميعا على الدعم السعودي بشكل رئيسي، إذا أخذنا ذلك بعين الاعتبار فإني لا أعتقد أن دور هذه “الأسرة” يتجاوز كونها عضوا في “جوقة مؤيدة” للسعودية. من جهة أخرى،أعتقد أن النظام في البحرين يبالغ بالاعتماد على الحماية السعودية، لأنه يربط بذلك مصيره بمصير النظام السعودي. من جهة أخرى، فقد يكون الدور “الأهم” الذي يلعبه حكّام البحرين في هذه الفترة القائمة هو في الأزمة مع قطر، ويبدو الأمر وكأنه تصفية حساب بين آل خليفة وآل ثاني.