في مقابلات مع “البحرين اليوم”.. معارضون ونشطاء يدعون إلى توسيع إحياء “عيد الشهداء” واعتباره “مرحلة فاصلة في الصراع مع آل خليفة”
البحرين اليوم – (خاص)
يؤكد معارضون ونشطاء بحرانيون في لقاءات مع (البحرين اليوم) بأن عيد الشهداء في البحرين الذي يصادف يوم السابع عشر من ديسمبر من كل عام؛ يُعد “مرتكزاً ضرورياً لفتح آفاق المفاصلة مع آل خليفة”، وقد أكد قياديون في القوى الثورية المعارضة التي أحيت هذه الذكرى هذا العام تحت شعار “شهداؤنا قهروا الموت فانتصروا”؛ بأن هذه المناسبة بمثابة “نقطة تاريخية لفتح قوس التاريخ على الجرائم الدموية التي قامت بها قبيلة آل خليفة تجاه الشعب البحراني منذ احتلال القبيلة لأوال قبل قرنين،” حيث لم تتوقف قوافل الشهداء، فيما كان الشهيد “آيقونة في الصراع مع الخليفيين”.
وقد اختار البحرانيون يوم استشهاد الهانيين (هاني الوسطي وهاني خميس) في ١٧ ديسمبر ١٩٩٤، ليكون منطلقاً لإحياء ذكرى جميع الشهداء وربطها بقضية النضال الشعبي المتواصل ضد النظام الخليفي.
وفيما يلي سلسلة من الآراء والمقترحات التي يقدمها عدد من النشطاء والمعارضين حول إحياء ذكرى الشهداء في البحرين، وأهمية هذه الذكرى من كل عام، حيث تؤكد الآراء على ضرورة توسيع نطاق هذا الإحياء والعمل على وضع برامج عملية لترسيخ هذا العيد وفي سياق المواجهة المفصيلة مع النظام.
عبد الغني الخنجر: انتفاضة الكرامة لها ورمزية عيد الشهداء
يرى الناطق الرسمي لحركة “حق” عبدالغني الخنجر أن عيد الشهداء “محطة نضالية مهمة تستمد أهميتها -ليس فقط من حرارة سقوط أول شهداء انتفاضة الكرامة- بل لأن انتفاضة الكرامة كانت أكبر انتفاضة ضد نظام آل خليفة بعد حل برلمان ٧٤ واقرار قانون أمن الدولة وإنشاء محكمة أمن الدولة”.
ويذكر الختجر بأن “انتفاضة الكرامة اندلعت بعد ثلاثة عقود من البطش والظلم، فقد كان لهذا اليوم أهميته ورمزيته ليصبح يوما لمواجهة النظام خصوصا وأن النظام يعد هذا اليوم يوما لتسلم الخليفيين مقاليد الحكم أو ما يسمى بيوم جلوس الحاكم الخليفي وهذا سبب آخر جعل من عيد الشهداء رمزيا وعمليا ووجدانيا وتاريخيا يوما للمواجهة بين جبهة النظام المستبد والحاكم الخليفي وبين الشعب البحراني”.
ويؤكد الخنجر أن عيد الشهداء “لا يقتصر على التذكير بأنه سقط في هذا اليوم أول شهيدين في انتفاضة الكرامة (التسعينية)، بل تجاوز ذلك ليصبح محفزاً للثورة والتمرد والتظاهر” لافتا إلى “أن هذا اليوم أصبح محطة تجاذب كبيرة بين شعب البحرين والحاكم الخليفي غير الشرعي” ففي الوقت الذي يحافظ “شعب البحرين على إحياء هذا اليوم بطرقه وأبرزها التظاهرات التي تعم البحرين وتجمعات المعارضة في الشتات التي تحتفي بهذا اليوم؛ فإن النظام الخليفي أيضا يحاول في كل عام أن يبرز هذا اليوم على أنه يوم لفرحة النظام، وخصوصا بعد قيام النظام الخليفي بتغيير ذكرى عيد الاستقلال من ١٤ اغسطس إلى ١٦ ديسمبر”، وهي محاولة يضعها الخنجر في سياق “محاولة النظام لطمس تاريخ البحرين وربطه فقط بمناسبات يبتكرها آل خليفة تكرس حكمهم واستئثارهم بسلطة وتتوازى مع إباداتهم الثقافية والديمغرافية لشعب البحرين الأصيل بسنته وشيعته”.
وبشأن تداعيات هذا المشهد؛ يُلفت الخنجر إلى أن “التجاذبات في هذا اليوم لن تنتهي ولن يتم القصاص من قتلة الشهداء إلا في حالة واحدة وهي زوال حكم آل خليفة” ويضيف “حتى فرضية إقامة عدالة انتقالية على غرار تلك التي حدثت في المغرب أو جنوب افريقيا؛ فإن ذلك لن يكون كفيلا بالقصاص من رموز النظام الخليفي الذين تورطوا في قتل الشهداء وارتكاب جرائم جسيمة ضد الإنسانية في البحرين”.
الحوري: تخليد ذكرى الشهداء من نهضة الأمم
أما الناشط يوسف الحوري، فيعتبر أن أهمية عيد الشهداء تكمن “في تأصيل القرآن الكريم لمثل هذه المناسبة التي تمثل ميثاق عمل عقائدي ووطني بين الأحياء السابقين و الأحياء المنتظرين”، وأكد بأن الانتظار هنا “مقصود به استحضار قيم ومفاهيم والشهادة وآثار الشهداء”.
ويضيف “أن المتتبع لنصوص القران الكريم يتيقن أن تخليد ذكرى الشهداء من أهم معالم النهضة الحضارية للأمم” لافتا إلى أن “عيد الشهداء هو نوع من أنواع الميثاق العقائدي والوطني وتركة وارث منهم السابقين إلينا نحن المنتظرين”.
ويؤكد الحوري بأن “الحركة النضالية مستمرة وبوتيرة سريعة (..) إلا أن شعب البحرين لازال متمسكا بعيد الشهداء، ويحرص على إقامته في الموعد السنوي مما أجبر طاغية البحرين على تخصيص يوم عيد الشهداء في السابع عشر من ديسمبر يوما للاحتفاء بقتلاه في اليمن والبحرين؛ من باب المزاحمة والمنافحة وهذا يدل على فاعلية وأثر هذا اليوم على الشعب والسلطة الجائرة”.
لكن الحوري يرى أن “ما تحقق ليس كافيا، ولا عذر لعدم انجاز مشروع يليق بالشهداء في يوم عيدهم”، ويضيف “علينا أن نستفيد من تجارب المجتمعات الأخرى التي أطلقت مشاريع ممنهجة للشهداء وعوائلهم. ونحن كشعب بما يمتلك من طاقات وكوادر وعقول؛ قادرون على إنجاز ذلك”.
السيد السندي: هذا ما يجب عمله وفاءا للشهداء
وكان للقيادي في تيار الوفاء الإسلامي السيد مرتضى السندي رأي حول إحياء هذه المناسبة، حيث يقول “إن مسألة إحياء عيد الشهداء ليست مسألة إحياء ذكرى شهادة الشهداء، بل هو محطة في غاية الأهمية لتعزيز ثقافة الشهادة وتعزيز مكانة الشهداء في ثقافة المجتمع والأمة”، مؤكدا “أن الأمة التي تعتز بثقافة الشهادة هي أمة حية ولا يمكن أن تموت أو تهزم، أما الأمة التي لا تكترث بثقافة الشهادة فهي أمة ميتة وأمة بلا روح وبلا قيم وخالية من قيم الوفاء والتضحية والإيثار والعزة وقيم النبل والشرف”.
ويؤكد السندي على أهمية القيام بخطوات لتعميق هذه المناسبة وتعزيزها، من خلال عدة خطوات يقترحها، ومنها “تعزيز مبدأ وثقافة مجابهة الظلم والباطل وإقامة العدل ونصرة المستضعفين من خلال التظاهرات والفعاليات الاحتجاجية التي تؤكد على استمرارية الحراك الذي استشهد من أجله الشهداء، وهذا ما تقوم به الجماهير البحرانية الأبية في كل عام. وكذلك الاعتزاز بعوائل الشهداء والاهتمام بهم على مستوى تعزيز مكانتهم في المجتمع واحتضانهم وتوفير احتياجاتهم المادية والمعنوية”، ويرى السندي أن هذا الأمر لم يتم “العمل عليه لحد الآن بسبب الوضع الأمني وشحّ الأموال وعدم وجود مؤسسة معنيّة في هذا الشأن”.
ويدعو السندي إلى “كتابة وتوثيق قصص الشهداء ومظلوميتهم وبطولاتهم، وإبرازهم كقدوات للمجتمع والتاريخ وللأجيال القادمة” وكذلك “تشكيل لجنة تعنى بإحياء ذكريات استشهاد الشهداء ويكون لها حضور في جميع مناطق البحرين”، وفي هذا السياق يرى بأن هناك “مبادرات أهلية لإحياء ذكريات الشهداء إلا أنها لا ترقى لمستوى الحالة المؤسساتية”، كما يدعو السيد السندي إلى “تسمية مؤسسات خيرية واجتماعية وشوارع ومشاريع ومراكز ثقافية بأسماء الشهداء اعتزازًا بهم وبمكانتهم”، وأيضا “إنشاء مواقع وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي يتم التعريف من خلالها بالشهداء وعرض كل ما يتعلّق به” و”تشكيل لجنة تعمل على إنتاج وجمع أفلام تمثيلية وأفلام وثائقية وكليبات وأناشيد ومسرحيات عن الشهداء فإن لهذه الأعمال الفنية أثر كبير في نفوس الناس وخاصة الجيل الشاب”، إضافة إلى “إقامة معارض صور ورسم للشهداء وقيم الشهادة وثقافة الشهادة فإن للفن أثر كبير في تعزيز هذه الثقافة”.
الدكتور عمران: إحياء الشهداء إعلان للسعي من أجل أهدافهم
وعن أهمية عيد الشهداء، قال الناشط السياسي الدكتور قاسم عمران لـ(البحرين اليوم) إنه “ومن خلال عيد الشهداء نرّد شيئا ضئيلا من جميل التضحية الغالية لهؤلاء الشهداء الوطنيين حيث إنهم قدموا أقصى ما يستطيع الإنسان تقديمه من عطاء للآخرين دون أن يكون بمقدورهم الاستفادة من أي عطاء دنيوي، ومن هنا ينبغي عدم الاختلاف حول جدوى إحياء ذكرى هؤلاء الشهداء وتخليد عطائهم وإكباره وتضميد جراح ورعاية عوائلهم وذويهم”.
ويضيف الدكتور عمران “ان التمجيد المستحق والإحياء الصحيح لهؤلاء الشهداء وتخليد ذكراهم والإنتصار لقضيتهم هو من قبيل السعي لتحقيق الأهداف التي ضحي من أجلها هؤلاء الشهداء”، وعلل عمران أهمية هذه المناسبة بالإشارة إلى أن “حفظ تضحيات شهداء الوطن وإحياء ذكراهم له أثره البالغ في بقاء واستمرار المطالب التي ارتقوا في سبيل إعلائها” كما يشير إلى أن “عدم استرخاص هذه التضحيات ساهم في فرملة اندفاع البعض على طريق التسويات غير المنصفة والتطبيع مع القتلة”.
ويلفت الدكتور عمران أيضا إلى أن “الاقتصاص لدم الشهداء من قاتليهم – سواء الذين سقطوا منهم تحت التعذيب او عبر القتل في الشوارع والميادين، أو إعداما بأحكاما جائرة – عبر محاكمة عادلة ورد الإعتبار المعنوي والمادي لهم هو بأي حال مطلب لا نقاش حوله، ولكن ما لا يقل أهمية عن هذا مطلب الاقتصاص للشهداء؛ هو وضع هذه التضحية في موقعها الصحيح من حيث بعدها الوطني”.
ويشرح الدكتور عمران مضيفا “ما أعنيه هو أن يتم النظر إلى (قضية القصاص) على أنها جريمة قتل ارتكبها نظام سياسي مستبد ليس بهدف الانتقام من مواطن رفع مطالب وطنية إصلاحية أو حقوقية فقط! بل هي أكبر من ذلك. فهي ليست كجريمة جنائية يقتل فيها مواطن موطنا آخر تنتهي بالحكم على الجاني قضائيا. لأن ارتدادات جريمة قتل الشهداء وانعكاساتها وعواقبها على المستوى الوطني هي غير تلك الجريمة الجنائية التي يقترفها الأفراد ضد أفراد، حيث إن مصادرة حياة مواطن من قِبل نظام سياسي وبغض النظر عن الكيفية التي تمت بها جريمة القتل ينبغي النظر إليه على أنه اعتداء على كل المجتمع المناوئ للنظام”. ويضيف “إن تجريد قضية الشهداء من هذا البعد هو تقزيم لتضحيات الشهداء ومساومة رخيصة على عطاءهم الغالي”.
توسيع رقعة إحياء الشهداء
وقال الدكتور قاسم أيضا أنه “ينبغي توسيع رقعة الفهم لتضحية هؤلاء الشهداء الكرام من مجرد كونها ارتقاء روح شهيد إلى بارئها على يد أشرار لدى النظام؛ إلى كونها جريمة ارتكبها نظام مستبد عن سابق الإصرار بهدف استعباد كل المجتمع، وأن من يتحمل فيها المسئولية المباشرة والاعتبارية هو النظام، وعدم الاكتفاء بالتعويض أو المطالبة فقط بملاحقة مرتكبي او منفذي جريمة القتل، لأن من شأن ذلك استصغار هذه التضحية وتحويلها إلى مجرد جريمة قتل نتيجة لتصرف شخصي ارتكبه موظف مطلق اليد أو أساء التقدير للسلطة الممنوحة له”.
وحول الخطوات التي أنْجزت والأخرى التي لم تنجز وفاءً لشهداء البحرين، قال الدكتور عمران: “ينبغي الإشادة أولا بالجهد الذي بذله العديد من النشطاء الحقوقيين والسياسيين الأوفياء الذين – ورغم المصاعب والعقبات – استطاعوا تثبيت حق شهداء البحرين وتحديد يوم (هو السابع عشر من ديسمبر) في العام، ومنذ مطلع هذا القرن، لتخليد ذكراهم واستذكار تضحياتهم وعطائهم”، كما يوجه الشكر “لذوي الشهداء الذين التأموا في تشكيل ذي أهمية قصوى تحت مظلة رابطة آباء وذوي الشهداء كأولياء دم الشهداء لمتابعة وحفظ حقوقهم التي لا تسقط بالتقادم”.
ويستدرك الدكتور عمران “على أنه ينبغي عدم قصر الإحتفاء بالشهداء وبتضحياتهم وحصرها بيوم الشهداء كيوم وطني، بل الإلتفات إلى إبراز الجوانب الشخصية لكل شهيد وملامح من حياتهم وعطائهم ومجهوداتهم، وملابسات وظروف استشهادهم، وتوثيقها في موسوعة مفتوحة”.
علي الفايز: إحياء الشهداء إحياء للثورة
أما الناشط السياسي علي الفايز، فيرى أن “أهمية احياء عيد الشهداء تأتي من انتقال الشهداء من كونهم مجاهدين ومناضلين إلى رموز للثورة ولأهدافها السامية وأيضا للجهاد والنضال”.
ويؤكد الفايز على أن تخليد الشهداء والاحتفاء بهم “هو تخليد للثورة وأهدافها وتكريس للجهاد والنضال”.
ويضيف “الحركة السياسية قامت ببعض الفعاليات وفاء للشهداء كالاحتفال بعيد الشهداء وزيارة قبورهم ونقل سيرتهم للأجيال، لازالنا قاصرين ومقصرين في الوفاء لهم”.
ويشدد الفايز على أن “أحد السبل المهمة للوفاء لهم وفِي ذلك ايضا الخير لنا أجمع؛ هو عبر غرس الشعور بالامتنان لهم ولعطائهم وعطاء عوائلهم أولا ، وتحويل هذا الشعور بالامتنان إلى فعل تجاههم وتجاه عوائلهم حتى نضمن خلودهم كرموز للثورة وأهدافها ورموز للجهاد والنضال على المستوى النفسي لنا وللأجيال، وعلى المستوى العملي في تكريمهم وعوائلهم للإبقاء على شعلة وجودهم المعنوي وعطائهم متوقدة وخالدة”.