“ملك” بغسيل قذر: شلة المراهقين في انقلاب قطر
البحرين اليوم – (خاص)
لم يحمل الفيلم الوثائقي الذي عرضته قناة الجزيرة حول المحاولة الانقلابية في قطر ١٩٩٦ بمعاونة دول خليجية؛ أي جديد لمن كان مهتما وقتها أو بعدها بدراسة الأنظمة الخليجية وتحولاتها. الجديد الذي ربما شكل صدمة للمشاهدين هو تورُّط كلٌّ من حمد عيسى الخليفة ومحمد بن زايد في التخطيط والإمداد اللوجستي للعملية الإنقلابية. فقد كشف الفيلم عن تورط حمد عيسى في توريد الأسلحة عبر سيارات “الفور” التابعة للديوان الأميري وقتها، كما أكد الفيلم على وجود غرفة عمليات في البحرين برعاية حمد نفسه.
البحرانيون بدورهم تلقوا الفيلم بارتياح كبير لأنه – وبطريقة مباشرة – أزاح عن كاهلهم مهمة شرح قضيتهم للرأي العام العربي الذي تعامل مع ثورة فبراير ٢٠١١ بنزعة طائفية تارة وبنزعة متعاطفة مع الدعاية الخلفية تارة أخرى. وسيعرف الرأي العام العربي والعالمي أن شماعة التدخل الخارجي باتت لا تمثل شيئا، وأنها أكذوبة أخرى من أكاذيب “ملك” محتال تظهر قذارة غسيله يوما بعد آخر.
بعض المراقبين علقوا على المعطيات الجديدة بقولهم إنها تمثل تفسيرا جديدا لحقبة مؤلمة كان يشرف عليها حمد عيسى، وأن دوره في الإنقلاب يؤكد شخصيته المضطربة ونزعته الجنونية نحو العظمة الوهمية. آخرون قالوا إن إبراز دور حمد عيسى يعكس التبعية التي طبعت سياسته منذ أن كان ولي العهد، وكان مهمشا من قبل عمه رئيس الوزراء، خليفة سلمان، ولهذا كانت جولاته تنتهي بالفشل وتكشفه سريعا، وهو ما حدث أيضا في إنقلابه على ميثاق العمل الوطني في فبراير ٢٠٠٢ بعد عام واحد من ظهوره المنافق الداعي للإصلاح.
وبعيدا عن تفاصيل تلك المحاولة والتوغل في الأهداف السياسية التي تقف من وراء كشف تلك التفاصيل بعد مرور ٢٠ عاما على حدوثها، يمكن هنا مقاربة الذاكرة البحرانية مع معطيات تلك الحقبة الزمنية التي كشف عنها الفيلم. فالأحداث التي مرت بها البحرين في ١٩٩٦ كانت مفصلية تماما، وذات صلة بالمعطيات الجديدة. وذلك على النحو التالي:
- الدخول فيما عرف بالمبادرة منذ ١٤ أغسطس ١٩٩٥.
- ٢٧ نوفمبر تأييد حكم الإعدام بحق الشهيد عيسى قمبر.
- منذ ٣ يناير بدأ الإنقلاب على أصحاب المبادرة.
- ١٤ يناير اعتقال الأستاذ عبدالوهاب حسين.
- ١٨ يناير اعتقال المرحوم الشيخ عبدالأمير الجمري وكافة أصحاب المبادرة.
- ٢٥ مارس إعدام الشهيد قمبر.
- ٣ يونيو الكشف عما عُرف بخلية حزب الله البحرين.
- تهديد حمد عيسى بإنزال الجيش في شوارع البحرين.
- سبتمبر الكشف عما يسمي بخلية الباكر التابعة للمخابرات القطرية.
وضع هذه الاحداث في سياق المعطيات الجديدة يكشف كيف كان حمد عيسى يتلاعب بمقدرات الوطن وتعريض البحرين لكل الاهتزازات السياسية الداخلية والخارجية مقابل استمراره في مرافقة شلة “المراهقين” وقتها. فقد كانت البلاد تعيش على وهج الأمل في التقارب السياسي عبر ما عرف بالمبادرة بين قوى المعارضة والنظام الأمني في حينها، إلا أن تورط حمد عيسى في الإنقلاب القطري جعله ينقلب على الاتفاق السياسي مع أصحاب المبادرة، وأن يقوم باعتقالهم جمعيا، ويعيد الأزمة إلى ذروتها بتصديق حكم الإعدام على الشهيد عيسى قمبر بعد كشف محاولة الإنقلاب. ليس هذا وحسب، بل إن حمد نفسه، وبعد عدة أشهر من انكشاف دوره في إنقلاب قطر وبعد الإعلان عما يعرف بخلية حزب الله؛ ظهر في الإعلام متوعدا بإنزال ما تُسمى قوة دفاع البحرين للشارع، والطعن في إجراءات وزارة الداخلية التي كانت تأتمر بأوامر خليفة سلمان رئيس الوزراء وقتها.
في النهاية، فإن مقولة تاريخية تثبت نفسها بشكل متجدد، وهي أن نهاية الظلم تصبح أكيدة مع بقاء الصمود والصبر.