مجلس حقوق الإنسان: المحفل الأقل نفوذا والأعلى صوتا
البحرين اليوم – (خاص)
مثّل خطاب زيد بن رعد الحسين، المفوض السامي لحقوق الإنسان، جلسات مجلس حقوق الإنسان الافتتاحية، (مثّل) رسالة واضحة لكشف حماقات وجرائم السلطات الخليفية في البحرين. رعد كان صريحا وشاملا في سرد الانتهاكات التي تمارسها السلطات الخليفية في البحرين. وعند مقارنة موقع بن رعد باعتباره المفوض السامي لحقوق الإنسان؛ فإن حجم المعلومات التي ترد إليه هائلة جدا وفظيعة في الوقت نفسه.
إن أغلب الشواهد التي وردت في خطابات المفوض السامي كانت من البحرين، في إشارة واضحة إلى أمرين: الأول الحجم الهائل من الانتهاكات التي تحدث في البحرين، والأمر الثاني هو سلوك السلطات الخليفية في التعامل مع التوصيات الصادرة من مجلس حقوق الإنسان. فالجميع يعلم أن البحرين كانت صاحبة الرقم الأعلى في توصيات كل دورة يعقدها المجلس. مع ذلك؛ فإن هذه التوصيات لا تجد سبيلا لتنفيذها، أو حتى أخذها على محمل الجد، فضلا عن القبول بها والتراضي مع مجلس حقوق الإنسان من أجل وضع طريقة لتفادي صدور تلك التوصيات.
في الخطاب ذاته؛ أشار زيد بن الحسين إلى أن جهود المفوضية لحقوق الإنسان “قوبلت بحالات إنكار فارغ واتهامات لا أساس لها وبشروط غير معقولة في اللحظات الأخيرة للبعثات التقنية”. وهنا لا تخلو هذه العبارة من تعريض بعبارة التشهير التي أطلقها وزير الخارجية الخليفي خالد أحمد الخليفة، وقال فيها إن المفوض السامي زيد بن الحسين لا يمثل شيئا بالنسبة لحكومة آل خليفة، وأن توصياته وقراراته لا تعني البحرين نهائيا.
الرسالة الأكثر أهمية في خطاب زيد بن الحسين هي ما أشار إليه من أن البحرين أغلقت الفضاء الديمقراطي، وأن “شعب البحرين يستحقون الاحترام الحقيقي لحقوقهم الإنسانية”. من وجهة نظر بعض المراقبين؛ فإن هذه الرسالة تؤكد البعد السياسي لثورة البحرين في ١٤ فبراير، وأن كل ما يحدث حاليا من انتهاكات حقوقية ما هو إلا نتيجة طبيعة ومتوقعة لغياب التعاقد الاجتماعي وغياب الأطر الديمقراطية الحقيقة التي تكبح جماح الإكراه والتعسف والانتهاكات.
واحدة من أهم الحقوق التي تُصادَر منذ عقود؛ هي حق الناس في اختيار حكومتهم، واختيار النظام السياسي الذي يمثلهم، وبالتالي فإن كل الهياكل السياسية المقدَّمة والتي لا تلبي هذا الحق الطبيعي؛ ستكون قادرة على ممارسة الانتهاكات الواسعة في حقوق الإنسان، وستكون مخرجات تلك الهياكل قريبة جدا من هياكل الاستبداد السياسي والاقتصادي.
من جهة أخرى، أشار بعض المنشغلين في مجال حقوق الإنسان إلى أهمية إعادة التذكير بالحقوق السياسية التي يطالب بها شعب البحرين مقارنة بالجهود التي تبذل في توثيق الانتهاكات ومتابعة الجرائم الإنسانية التي تمارسها السلطات الخليفية في البحرين. فملف الحقوق السياسية بات – بحكم تصاعد الانتهاكات الجسدية – في مرتبة متأخرة من الاهتمام.
ويضيف أحدهم أن هناك توجها دوليا لأن تكون الانتهاكات الحقوقية هي الموضوع الأبرز والأكثر إثارة للاهتمام، بهدف تغييب الحقوق السياسية والمراوغة مع مطالب الثورة السياسية التي انطلقت في ١٤ فبراير ٢٠١١.
في كل الأحوال، لا تزال دورة مجلس حقوق الإنسان الـ٣٧ الجديدة التي بدأت الاثنين الماضي، في بدايتها، وقريبا ستناقش تقارير الدول بما فيها تقرير البحرين الذي سيكون حافلا بانتهاكات أكبر من عام مضى، وستكون هناك توصيات صارمة وشديدة اللهجة ربما، وستقابلها السلطات الخليفية بنوع من التغافل والتعالي انطلاقا من نظريتها في الدعم السعودي والإماراتي، ومعرفتها أن مجلس حقوق الإنسان هو المحفل الأقل نفوذا والأعلى صوتا.
من جانبها، تصر المنظمات الحقوقية على أن يأتي الزمن القريب التذي تتحول فيها تلك التوصيات إلى قرارات أممية، وقبل ذلك أن يُعاد فتح ملف الحقوق السياسية بوصفه حلا جذريا لمجمل الانتهاكات الحقوقية الأخرى الجارية في البحرين.