ليس توضيحاً للمنصف المرزوقي.. في البحرين تلاقى شرّ السعودية والإمارات وقطر
البحرين اليوم – (خاص)
ربّما يرفع الكثيرون “رقابهم” اليوم، وهو يذكّرون بما قالوه من أنّ الرئيس التونسي السّابق، المنصف المرزوقي، لم يكن الرّئيس المناسب لتونس الثّورة. يستدرك أصحاب هذا الرأي، مؤكدين بأنّ المرزوقي “ليس خائناً”، بالطبع، ولكنّه كان يليق به كرسي “حقوق الإنسان”، أكثر من كرسي الرّئاسة، و”هذا مدح، لا ذم”، يضيف هؤلاء.
فجّر المرزوقي الكلامَ عن “الثورة المضادة” على وقْع الاحتجاجات التي تشهدها تونس هذه الأيام وهي تئن من شكاوى أنّ ثورتها، في ذكراها الخامسة، لم تنجح في إزاحة “الفساد”، رغم أنّها استطاعت – إلى حدّ ما – أن تُزيح أبرز “الفاسدين”، وليس “المفسدين” حتّى. واتهم المرزوقي دولة الإمارات بأنّها “عدوة الثورات”، وقال في تصريح لقناة فرانس 24 بأن أبوظبي تموّل “الإنقلابات”.
الموقف السّلبي الذي أمطره المرزوقي على الإمارات، كان مترافقاً مع مديح لدولة قطر، التي قال إنها وقفت إلى جانب ثورة “الياسمين”.
إلا أن المرزوقي، الذي كان صديقاً لأهل البحرين، ويعرف جيداً سجل الانتهاكات التي تتقاطر عليهم من جانب آل خليفة وآل سعود، لم يُشر إلى الدور السّعودي “القيادي” في تأجيج أكثر من “ثورة مضادة” ودعم أكثر “من انقلاب عسكري” في زمن الربيع العربي. وهو تحاشٍ رآه محللون “مبرّراً” لجهةِ “المراوحة السياسيّة” التي تعلّم عليها “الحقوقي البارز” حينما جلس لفترة على كرسي الحكم في بلاده.
الإمارات لم تتأخر في الرّد، وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، بأنّ “هجوم” المرزوقي “تبرير” لإخفاقه، واصفاً إياه ب”الخفة” و”عدم الإتزان”.
وذهب قرقاش بعيداً في اتهام المرزوقي بأنه “مطية” لأصحاب “المشاريع المتطرفة والطائفية” في المنطقة، بحسب زعمه.
الحكومة التونسية، التي انتقدها المرزوقي على خلفية الفشل السياسيّ، سارعت بدورها لإدانة تصريحاته ضد الإمارات، وأصدرت الخارجية التونسية بياناً استنكرت “إقحام” الإمارات “فيما يحدث من أوضاع في المنطقة العربية”.
مشهديّة الدفاع والهجوم، والهجوم المضاد، غابت عنها – إذن – السعوديّة، والتي تجسّد في البحرين دورها “التدميري” غير المحدود، فيما كان للإمارات الدّور المكمّل عبر مشاركتها العسكرية الرديفة لقوات درع الجزيرة السعودية، فيما امتد هذا الدور الإماراتي عبر “تولّيها” أمر ملاحقة المواطنين والنشطاء في المنافذ الجوية. أمّا الدور القطري في ملف البحرين؛ فكان “الاختبار” الحقيقي الذي كشف أنّ دعمها لثورة تونس، ومصر لاحقاً، كان تقاطعاً مع رغبة حكّامها والقائمين بأمر قناة “الجزيرة”، ولم يكن هذا الدعم مرتبطاً بلهفة القطريين لليوم الذي يحكم فيها الشعوب ويسقط الطغاة عن عروشهم، حيث تمثل إمارة الدوحة شكلاً من أشكال الاستبداد المحمي بالثراء “الغازي”. فكان صمت “الجزيرة” العربيّة عن “الظلام” الخليفيّ في جزيرة أوال شهادةً على زوْر آل ثاني في حكاية “الثورات” التي أرادوا أن يكون “أسيادها” والوكلاء الحصريين لها.
تلاقى “الشرُّ” الخليجي في البحرين على امتداد السنوات الخمس الماضية، ولازال يُصعِّد هذا الشّرُّ نيرانه السّوداء، وهو تلاقٍ حريّ بالمختلفين على منْ “يقود” الثورة المضادة أن يقفوا عنده، ليكتشفوا أنّ الأمر في هذا الشأن ليس اختلافاً في “درجات” الشّر، وإنما في وقت “ظهوره” وفي مكان انبلاجه الكامل، أو شبه الكامل. وفي هذه الحال، تُصبح البحرين – التي لم تقف ثورتها أو تترنّح أمام القمع والإغراء والإنقلاب – نموذجاً “مختبرياً” لاكتشافِ حقيقة الثورات، وجوهر منْ يزعم دعمها، أو الاحتفاء بها. وقد يكون للإعلاميّ التونسيّ، مراسل “الجزيرة” السابق، ومدير قناة “الميادين” التي تحجبها السعودية؛ غسّان بن جدو.. الكفاءة الحالية للحديث عن هذا الشّر الخليجيّ، وبخياشيمه الثلاثة.