عبداللطيف المحمود.. بين “عفطة” عطية الله و”نخير” خليفة سلمان
البحرين اليوم – (خاص)
في حمية قَبلية وانطلاقاً من رحم الانبطاح وتلقي أوامر السلطة بكل أريحية؛ سارع رئيس ما يُسمى “تجمع الوحدة الوطنية”، عبداللطيف المحمود، إلى مباركة قرار الديوان الملكي القاضي بمنع أعضاء الجمعيات السياسية المنحلة بحكم قضائي؛ من الترشُّح للانتخابات. المحمود تمادي كثيرا وزايد وأزبد أكثر في موقفه، وكعادته، وذلك عندما وصف أعضاء تلك الجمعيات بأنهم ارتكبوا “جريمة وطنية”، و”خرجوا على الدولة، فلا يحق لهم المشاركة في الانتخابات”.
لنعود إلى الوراء قليلا، ليس إلى الماضي البعيد الذي لا يتذكره المحمود إلا عندما يراجع أوراق حصول عائلته على وثائق جنسية البحرين، عندما جاءت متوسَّلة بعطاء وخيرات البحرين، فهذا التاريخ يتنكر له المحمود ومنْ على شاكلته، لأنه تاريخ موجع وفاضح لفكرة الأصول والهوية الإيرانية التي يحملها في طيات جسده وندبات الزمن القاسي الذي فرت منه عائلته.
مثل هذه الفئة كانت تعيش الاضطراب في الهوية، ويؤرقها أصلها الذي تطالب الدولة أن يكون عدوا لها بعنوان مذهبي طائفي. وهكذا سنجد أن أكثر الموتورين طائفيا، وأكثر الطبالين لهراءات “الدولة الطائفية” والعدائية؛ هم من هذه المجموعات المختلطة في هويتها وتراثها، ولهذا تظهر عقدتها في صراخ طائفي وفي فجور في الخصومة السياسية الموجَّه أساسا من قبل الديوان الملكي.
إذن، التاريخ الذي سيتذكره المحمود ويقر به هو تاريخ يفضح تسوّله أبواب المعارضة للاقتراب منها ومن مشاريعها السياسية، كما حدث في العام ١٩٩٢م، عندما قبل أن يكون عضوا في لجنة العريضة الشعبية للمطالبة بعودة العمل بدستور ١٩٧٣، وقتها كان ينتحل صفة المطالِب ليضمن كرسيا إلى جانب كراسي القيادات الوطنية، وقد وثقت به تلك القيادات وقرّبته ودافعت عنه عندما تعرض للاعتقال الناعم لمدة يومين، وأطلق سراحه بعدها. لكنه سرعان ما أعاد تموضعه عندما وجد “جدية” العمل السياسي، والثمن الذي لابد أن تقدمه القيادات مع شعبها للخلاص من الاستبداد. اضطراب هويته العرقية قاده لاضطراب في هويته السياسية أيضا، فخرج من لجنة العريضة الشعبية منكوسا على قلبه عارفا حجمه وقدره.
عندما احتاجت السلطة الخليفية، وتحديدا الديون الملكي، إلى عناصر “بلطجية” لمواجهة الثورة الشعبية العارمة في العام ٢٠١١م؛ تولي المحمود المهمة بتوصية مسبقة وردت في التقرير المعروف باسم (البندر). وهكذا أعاد الديوان الملكي ظهور المحمود ليكون أكبر مزايد على ملكية “الملك”، وبدأ يُطلق الخرافات والهذيان، وبما لا يحسن قوله وصنعه. صدّق الرجل كذبة “المارد”، وعاش الدور في حال درامية أرهقته وأفقدته صوابه، إن كان بقي فيه شيء من ذلك!
هذا التذكير ليس خاف على أحد اليوم، وهو ليس مهما أيضا إلا من ناحية “النكد السياسي” الذي يتلاءم والتصريحات الجوفاء وغير الوطنية التي يطلقها المحمود أو غيره من دعاة السلطان وسدنة الديوان.
في غير المعلن من القضايا؛ تشير التقارير إلى أن قرار حرمان أعضاء الجمعيات السياسية المنحلة من الترشُّح هو قرار قدمه نواب أحمد عطية الله، وأمر بتمريره سريعا في جلسة نيابية أشبه ما تكون بحفلات “الزار” التي كان الديوان يعقدها قبل سبع سنوات، وبالتالي كان أعضاء تلك المؤسسة “الخاوية على أهلها”؛ متلهفين على تمرير توصية عطية الله وزعيمه خالد أحمد الخليفة، رئيس الديوان الملكي. ومن جهة أخرى، كانت هذه “المؤسسة” شهدت صراعا خفيا بين كتلة خليفة سلمان، رئيس الحكومة الخليفية، وكتلة أحمد عطية الله، فأراد عطية الله أن يعطي كتلة خليفة سلمان درسا في الطاعة والولاء.
وبالتالي، فإن المحمود يحاول التودد مجددا للديوان الملكي لأنه الضامن الوحيد واللاعب الرئيسي في لعبة انتخابات ٢٠١٨، وهو الذي يحدد الأعضاء ويمنحهم رافعة التزلف السياسي، كما أن كتلة خليفة سلمان سينالها العقاب السياسي بحرمان غالبيتها من الفوز في حلفة الزار المرتقبة في سبتمبر ٢٠١٨م.
من جانب آخر من المهم تذكير الذين سارعوا لتمرير القرار أنهم رغم تجاوزهم المواد الدستورية التي يحتجون بها دائما؛ فإن مشاركة التيارات السياسية المعارضة في انتخابات ٢٠١٨ هي مسألة محسومة، أيضا وأن قرار المقاطعة أو التصفير لا يزال ساريا منذ إطلاقه في الانتخابات التكميلية في ٢٠١١. كل ما في الموضوع أن انتخابات ٢٠١٨ يُتوقع أن تكون تحت أقدام الثوار والسياسيين المعارضين، على حد سواء.