عاصفة كسر العظم!
البحرين اليوم – مقالات
بقلم: ساهر العريبي
يبدو أن الحملة العسكرية التي قادتها السعودية على اليمن تحت شعار“ عاصفة الحزم“ تحوّلت وبعد قرابة الخمس سنوات من انطلاقها إلى ”عاصفة كسر العظم“ بين الحليفين السعودي والإماراتي. فتطورات الأسابيع القليلة الماضية في اليمن، أثبتت بان الطرفين يخوضان معركة كسر عظم، من خلال أتباع كل منهما في اليمن.
فالعاصفة التي انطلقت بهدف“ إعادة الشرعية“ لم يبق سوى مدة زمنية قليلة لتطلق فيها رصاصة الرحمة على الشرعية المزعومة. فالمجلس الإنتقالي المدعوم إماراتيا أقدم خلال الأيام القليلة الماضية على طرد ماتبقى من حكومة هادي عبد ربه منصور القابع في الرياض، من مدينة عدن ومدن أخرى في الجنوب، فاتحا الباب واسعا أمام عودة مشروع تقسيم اليمن بهدف إضعافه وتقاسم النفوذ فيه بين الحليفين.
لكن هذه التطورات تركت السعودية تضرب أخماسا بأسداس، فبعد مرور أكثر من أربع سنوات على الحرب التي أنفقت خلالها عشرات إن لم نقل مئات المليارات من الدولارات، شعرت السعودية بعد التطورات الأخيرة أنها على وشك الخروج خالية الوفاض من هذه الحرب الهمجية، وأنها لن تجني منها سوى لعنة الأجيال والتاريخ. فهذه الحرب خلّفت أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث بحسب الأمم المتحدة.
فقد وضعت واحدة من أفقر دول العالم على حافة المجاعة، وأدت الى مقتل عشرات الآلاف من اليمنيين، ودمّرت البنية التحتية للبلاد وتسبّبت ينزوح الملايين من مناطق سكناهم. هذا السجل الأسود للسعودية في اليمن، لن تبيضه أموال البترودولار، وسيكتب التاريخ أن تحالفا من عشر دول عربية وإسلامية بقيادة السعودية شن حرب لا هوادة فيها على شعب عربي مسلم أراد أن يعيش حرا ومستقلا وليس حديقة خلفية للرياض.
وأما شعار إعادة الشرعية فقد تحطم على أبواب القصر الرئاسي بعدن الذي اقتحمته القوات الموالية للإمارات، لتترك السعودية متحسرة ولا موطأ لها في أرض اليمن، فأنصار الله الحوثيون، لم يتزحزحوا بإيمانهم وشجاعتهم قيد أنملة من صنعاء وباقي المناطق الشمالية وأما الجنوب فسقط في قبضة الإمارات. هذه الحسرة السعودية دفعتها إلى استنهاض القوات الموالية لها لتشن هجوما عكسيا استعادت فيه قوى مايسمى بقوى الشرعية السيطرة على مواقعها السابقة التي فقدتها لصالح المجلس الإنتقالي.
لكن تطورات اليوم تشير إلى إستعادة المجلس الإنتقالي مرة أخرى مواقعه التي خسرها قبل يومين في حرب كر وفر، الخاسر فيها هو الشعب اليمني الذي أصبح وقودا لحرب المصالح بين الإمارات والسعودية، والتي لاعلاقة لها بالشرعية ولا بإعادة الأمل من قريب أو بعيد. لقد أثبتت تجربة الأيام القليلة الماضية أن التحالف السعودي الإماراتي في طريقه نحو التفكك بعد فشله الذريع في مهمته العسكرية المتوحشة.
ولا يستبعد أن تلقي معارك اليمن بظلالها على ملفات أخرى في المنطقة، وخاصة بعد أن ظهرت بوادر تشير إلى سعي الإمارات إلى النأي بنفسها عن السعودية، حفاظا على مصالحها الوطنية، بعد أن لعبت دورا أكبر بكثير من حجمها، حتى أيقنت قيادتها بأنها أدخلت مستقبل البلاد في نفق مجهول بسبب سياساتها القاصرة. ولقد آن الأوان لتجنب العاصفة المقبلة، ولو على حساب التخلي عن السعودية، ولكن بجني مكسب من حربها على اليمن ولو بتقسيم اليمن أو السيطرة على بعض موانئها وترك السعودية تجر أذيال الخيبة والخسران.