النيابة العامة في البحرين.. خرقة يواري بها الخليفيون سوءاتهم
البحرين اليوم – (خاص)
في العرف القانوني؛ فإن النيابة العامة تمثل الدولة والمجتمع، وبالتالي فهي تلتزم الحياد التام في عباراتها وفي قوائم الاتهامات التي تُوجهها للأشخاص. النيابة العامة في البحرين مختلفة تماما عن هذا الحد القانوني، فهي تسعى لأن تكون ممثلا حقيقيا ومخلصا للعائلة الخليفية الحاكمة. اكتشاف هذا المسعى لا يحتاج لعناء، ولا إلى أي بحث قانوني، فكل ما يحتاجه الناظر هو الإطلاع السريع على أي مرافعة تقدمها النيابة العامة في حق المعتقلين السياسيين ليرى كيف يتم تطويع العبارات والأوصاف والتهم، وحتى الأدلة، من أجل إمضاء الأحكام السياسية القاسية.
من جهة أخرى، فإن تقارير حقوق الإنسان التي تختص بمتابعة الانتهاكات والتحقق من وجود الضمانات الحقوقية للمتهمين؛ تتوصل عادة إلى وجود تواطؤ بين الأطراف الثلاثة المعنية – نظريا – بتحقيق العدالة وضمان الحقوق أي: ” التحقيقات، النيابة، القضاء”، وهو مثلث يبدو بشكل متكامل ومنسجم تماما في حالة البحرين. يظهر هذا التواطؤ – بحسب الحقوقيين المطلعين – في عدة جوانب، ومنها:
- عدم الأخذ بأقوال المعتقل المتعلقة بالتعذيب الذي يلاقيه أثناء التحقيق.
- تعقيد حضور المحاميين الخاصين بالمتهم.
- أخذ الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كوسيلة ضغط في تحقيق النيابة.
- إمضاء القضاء لأقوال النيابة العامة في أغلب القضايا.
- عدم مساءلة أو محاكمة أو التثبت من شكاوى التعذيب التي يجهر بها المعتقلون أمام القضاء.
عبر هذه الجوانب، وجوانب أخرى، يقوم مثلث “القضاء والنيابة والتحقيقات”؛ بإصدار الأحكام القاسية والخارجة حتى على القانون الجنائي في البحرين.
خبراء حقوق الإنسان يؤكدون أن هناك حاجة ضرورية لضخ مزيد من معرفة الناس بحقوقهم الثابتة لهم، وأن تلك المعرفة غائبة عن كثير من المعتقلين وأهاليهم بسبب تراكم الحالات وصعوبة الوصول إلى التفاصيل المفيدة فيها. فالتعذيب – من الوجهة الحقوقية – يبدأ من التلفظ بالألفاظ البذيئة أو لكمة خفيفة، ولا يتطلب فيها أن يكون عنفيا أو سببا للجرح أو الإدماء أو غيرها من الحالات الشديدة للتعذيب. والحال كذلك في مسألة التحرش الجنسي، إذ يقول الحقوقيون أن مجرد لمس الأماكن الحساسة أو تعرضها للمضايقة يعتبر تحرشا جنسيا يُعاقب عليه القانون الدولي. ومن جهة أخرى، يرى هؤلاء الخبراء أن المشكلة قد تقع لدى المحاميين أنفسهم عندما يتساهلون مع قضايا موكليهم، ولا يسعون لتثبيت كافة الانتهاكات، حتى ولو كانت بسيطة.
عبر انتهاك هذه الحقوق؛ تصوغ النيابة العامة مرافعاتها ضد المعتقلين السياسيين وتشبيك حبالها لكل النشطاء والمدافعين عن حقوق الناس.
لا يمثل هذا الوصف اتهاما مرسلا للنيابة العامة في البحرين، والنظر إليها على أنها “خرقة” لا تكفي للتغطية على سوأة النظام الخليفي، فعملية مراجعة ولو بسيطة للمرافعات السياسية التي قدمتها النيابة؛ تؤكد أن هذه الشعبة القضائية شعبة من شعب النظام الخليفي.
الاسترجاع هنا يطال كافة المرافعات التي كانت النيابة العامة تقدمها ضد خصومها السياسيين أيضا، ومن بينهم محاكمة الرموز السياسيين في ٢٠١١م، وكان الملفت وقتها هو تطابق مرافعة النيابة العامة المدنية مع مرافعة النيابة العسكرية أيضا، وهو الأمر الذي لا يكاد يخفى على أحد. وجدنا إحدى المرافعات التي تقدمت بها النيابة العامة في محاكمة آية الله الشيخ عيسى قاسم وكيف أنها كانت عبارة عن بيان “داعشي” بامتياز، وتكرر الحال مع لائحة الاتهام التي قُدّمت مؤخرا في المحكمة الجديدة ضد الشيخ علي سلمان، وكيف أن تلك المرافعة لم تراع التوصيفات القانونية المتبعة في الترافع، ولجوء “كاتب” المرافعة إلى الأوصاف السائدة في الصحف المحلية الهابطة.