الملك الخائف.. أو الملك الكذاب: اختر أيهما شئت
تقرير
شكل إعلان وزارة الداخلية الخليفية الأخير مادة دسمة للضحك لدى أغلبية الناس في البحرين، في الوقت الذي كان هذا الخبر مؤلما وجارحا لأسر الضحايا الذين أظهرهم ذاك الإعلان المزعوم.
التحليل الذي يقبله الجميع أن هذا العدد الكبير للخلايا السرية يكشف مدى خوف الحاكم حمد عيسى الخليفة من الشعب الأصلي ومن ثورته السلمية، وكأنه يريد أن يقول للعالم أنه مستهدف دائما من إيران، وكأن أيران لا شغل لها ولا مشغلة سوى البحرين وتدريب خلايا فيها. مع صوابية هذا التحليل؛ إلا أن التحليل الأقرب للصحة هو السلوك الدائم الذي ظهر به حمد عيسى الخليفة منذ 1999 وهو سلوك الكاذب الذي يصدق كذبته ويجبر الآخرين على تصديقها أيضا.
وحدها وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني اللذان يعلمان عدد الخلايا التي تم الكشف عنها منذ 2011 حتى الآن على أقل تقدير. فالناس باتت تترقب دوما لتلقي مثل هذه الإعلانات الدورية دون الحاجة لربطها بحدث سياسي أو مفصل تفاوضي. المتابعة البسيطة والتي لا تحتاج لأي جهد تؤكد أن تلك الأخبار يراد منها تجهييز ملف أمني يخدم أجندة تشويه وشيطنة الثورة وإلباسها لباس الإرهاب والجريمة. فكل محاولات الأجهزة الأمنية فشلت في قمع الثورة أو السيطرة عليها، ولهذا تلجأ تلك الأجهزة القمعية إلى سلوك عدائي معروف ومتسالم عليه لدى الأنظمة الاستبدادية، وهو شيطنة المعارضة ومحاولة تأليب الرأي العام ضدها. هذه النتيجة يعرفها كل من عرف شيئا بسيطا عن بداية الثورة في البحرين في 14 فبراير وكيف استمرت في ظل تكالب ثلاثة جيوش خليجية عليها وبمساعدة أجهزة استخبارات عالمية مثل الاستخبارات الامريكية والبريطانية وغيرها.
النقطة الثانية، أن كل تلك الخلايا تُربَط بجهة واحدة هي إيران والعراق ولبنان، والقاسم المشترك فيها هو الحرس الثوري. الجديد في الإعلان الأخير هو الإدعاء أن الحرس الثوري الإيراني قام بعملية توحيد لكل الفصائل تحت إطار واحد. فهل يكشف بيان الداخلية عن مسمى هذا الاطار الجديد المزعوم وهوائتلاف عسكري أو إلغاء لكل تلك الفصائل؟ أم ماذا؟ مما يعني تهالك الراوية وفقدانها التماسك من جهة، أو البحث عن لفتة جديدة في الإعلان لجذب الأنظار لخبر معروف ومستهلك من جهة أخرى.
الذين تابعوا الاعترافات الخاصة بالخلية الجديدة يعرفون كيف أن الاعترافات جاءت متشابهة حرفيا، وأنه تم تلقينها للأشخاص تلقينا جيدا في الوقت الذي يؤكد فيها المطلعون أن دورة عشرة أيام – وهي المدة التي تتفق عليها كل الاعترافات – لا تكفي حتى للتدريب على استخدام سلاح بسيط وبدائي، فضلا عن أسلحة الكلاشنكوف والآر بي جي ومدافع الهاون، إلا أن يكون هؤلاء عباقرة في العمل العسكري وذوي قدرة فائقة على تلقي التدريب السريع وهضمه. ويضيف بعض المراقبين أن الأسلحة التي أظهرتها وسائل الإعلام المحلية كأدوات ضُبطت – بحسب زعم السلطات – مع هؤلاء تكفي لأن تقلب موازين المعادلة الميدانية في البحرين، وتكفي لأن تُحوّل المشهد السلمي السائد إلى مشهد من مشاهد الحرب العسكرية النظامية. المفارقة أن كل العمليات التي يُقال إنها علميات عسكرية ضد قوات الشرطة؛ لم تُستخدم فيها أي من هذه الأسلحة المضبوطة أو حتى القريبة منها، الأمر الذي يثير علامات التعجب والاستغراب عن جدية التدريب ومصداقية الأسلحة المضبوطة معهم.
يتذكر الجميع هنا في البحرين أن عمليات اعتقالات واسعة النطاق كانت تحدث قبل حوالي الشهر ونص بعد إطلاق سراح مجموعة من معتقلي الدراز، حتى بلغت القائمة أكثر من 45 شخصا وبظروف غير معروفة، وفجأة تقوم وزارة الداخلية بالإعلان عن اكتشاف أكبر تنظيم سري ضم ( 116) شخصا. وجميع الذي اعتقلوا خضعوا للتعذيب والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري في مبنى التحقيقات الجنائية وتحت إشراف جهاز الامن الوطني. أحد الأشخاص الذين ظهروا في اعترافات وزارة الداخلية تظهره الكاميرا ببنية جسدية هزيلة جدا، ويعترف بأنه تدرب على الهاون والار بي جي وغيرها من الأسلحة التي تتطلب قدرا معقولا من البنية الجسدية المعتدلة. إنها أكذوية أخرى من مسلسل أكاذيب “الملك” الكذوب