الدكتورة طوعة.. ابنة الشايب.. تتحدى محنة الغربة وتنال شهادة الطب من أرقى جامعات إيران
البحرين اليوم – (خاص)
طوعة عبد الرؤوف الشايب.
ربما لم يكن في حسبان ابنة الناشط البحراني، المسجون في بريطانيا حاليا، أن تكون في دائرة الاستهداف مبكرا. طوعة التي تشبه في عزمها تلك النخلة العصية على الانحناء؛ كانت أولى نساء البحرين اللواتي استهدفن بحرب الهوية في مرحلتها الجديدة، أي تلك التي بدأت بسلب الجنسية والترحيل القسري من البلاد ومنع العودة إليها لمن يكون في الخارج ساعة سلب الانتماء للوطن، كما هو الحال مع طوعة.
تبدأ القصة مع طوعة مع نهايتها. في 19 مايو 2016 تخرجت طوعة من كلية طب الأسنان من واحدة من أهم الجامعات في طهران، وهي جامعة الشهيد بهشتي، والتي تعد الأولى في هذا التخصص على مستوى إيران، ويمتد عمرها قرابة نصف قرن، وشهادتها تحظى باعتراف مرموق في الخارج.
هذا الإنجاز الدراسي كان تتويجا لصبر طويل على معاناة بدأت في العام 2010م، وتحديدا في شهر أكتوبر، حيث سلمت طوعة جواز سفرها إلى سفارة البحرين في طهران بغرض تمديد فترة صلاحيته أو تجديده، ومنذ تلك اللحظة أضحت طوعة مرشحة لأن تكون لاحقا أول بحرانية يتم سلب الجنسية منها، حيث امتنعت السفارة عن إرجاع الجواز انتقاما من والدها الذي لم يكن مفاجئا أنه كان ضمن أول قائمة أصدرها الخليفيون للمسلوبة جنسياتهم بعد ثورة 14 فبراير 2011م.
قبل ذلك، لم يخف آل خليفة سياسة الاستهداف لطوعة، حيث كانت عرضة للتحقيق والتفتيش الدقيق أثناء دخولها أو خروجها من مطار البحرين، وذلك في سياق التضييق الممنهج المتبع ضد النشطاء وعوائلهم.
وجدت طوعة نفسها في غربة قاسية. هي بعيدة عن الأهل المغتربين في لندن، وهي بلا جنسية، وأمامها سيل من المجهول الذي يتزايد سوادا مع كل تهديد وملاحقة و تشويه يمارسه النظام للإمعان في الانتقام من عوائل النشطاء.
بالنسبة لطوعة، فقد وجدت أسلوبها الخاص في مواجهة المحنة. كان العلم والاجتهاد في الدراسة السبيل لديها لكسر الطوق وتحدي المعاناة.
نالت طوعة من البحرين شهادة فني أسنان. الفك المفترس الذي نهش شعبها وأهلها؛ كان بالنسبة لها فرصة أخرى للصمود واقتلاع الأنياب السامة المسلولة في وجهها.
تعلمت اللغة الفارسية وأتقنتها لكي تدخل إلى جامعة طب الأسنان. التحدي الذي ولدته محن الغربة والمظلومية جعلها تصر على الدخول لجامعة الشهيد بهشتي، والتي تعد من الجامعات الجادة والتي تفرض شروطا صارمة لقبول الانضمام إليها، وهي في ذلك من أصعب الجامعات على مستوى الشرق الأوسط.
دخلت طوعة الجامعة وتحدت ظروفها الصعبة. هزمت المحنة، وجعلتها منحة في طريق العلم الذي نالته بأعلى الدرجات، حيث مثلت كلية طب الأسنان في حفل التخرج الرابع عشر للطلاب غير الإيرانيين الذي استضافته جامعة بوعلي سينا في منطقة همدان والذي حضره وزير الصحة ووزير العلوم ومدير جامعة الشهيد بهشتي وسفراء عدد من الدول، إضافة للعديد من المسؤولين الإيرانيين والأجانب.
وقد حضر الحفل ٤٥٠ طالبا من ٢٦ جامعة في إيران.
مثلت الدكتورة طوعة كليتها، ومثلت بلدها البحرين. كسرت أنياب الوحش الذي سلب جنسيتها، ورفعت رأس شعبها وأهلها الذين يريد الخليفيون الانقضاض على وجودهم وهويتهم وملاحقة صوتهم في الداخل والخارج.
ابنة الشايب تهدي تفوقها لأبيها الذي يعاني ظلم وظلام التحالف بين الخليفيين والبريطانيين. تقول له بأن الانتساب إليه يزيدها صعودا وشموخا وتألقا، وأن الغربة القسرية وحرب الوجود والهوية لن يزيدها ويزيد شعبها إلا سموا ومقاومة ونجاحا في نضال العلم والحياة والحرية.