“البحرين اليوم” تكشف هوية “بوس” البلاد القديم الذي أقض مضاجع الخليفيين
البحرين اليوم(خاص):
ترعرع ومنذ نعومة اظافره ينهل من معين الثورة الحسينية, التي صنعت منه ثائرا يقض مضاجع آل خليفة وهو في سن السادسة عشر. اعتقلوه قبل انطلاق ثورة الرابع عشر من فبراير , واما التهمة فكانت التجمهر, اعمال شغب, وتمزيق ملصقات مرشحين لأنتخابات المجلس النيابي.
أودع السجن ولم يطلق سراحه الا بعد اندلاع الثورة ومع تجمع الجماهير في دوار اللؤلؤة. اذ اطلقت سلطات آل خليفة سراح المعتقلين في محاولة منها لتهدئة الأوضاع. الا ان السلطات وبعد مواجهتها للثوار في دوار اللؤلؤة يوم الخميس الدامي, تعقبته وحاصرت بيته في محاولة لاعتقاله,غير انه افلت منهم ولم يتمكنوا من اعتقاله الا بعد مشاركته في فعالية وجهتنا المنامة.
فهو يأبى الجلوس في البيت او الإختباء, فكله عزيمة وتحدي للخليفيين الذين وجهوا له عدة تهم ومنها التجمهر, اعمال شغب, تفجير مركز الخميس, تفجير مركز السهلة, مهاجمة مدرعة, حيازة أسلحة نارية وغيرها من التهم. اقتادوه الى مركز الكضيبية ومن ثم لمركز الحورة حيث تعرض للتعذيب هناك (الفلقة) عبر تعليقه من يديه ورجليه والتعرض للضرب المبرح وحتى الإغماء.
وبعد ذلك نقلوه الى مستشفى السلمانية وظل ينتقل بينها وبين سجن الحوض الجاف ولحد نوفمبر عام 2012. فهو يعاني من اعراض مرض السكلر والتي تضاعفت مع شدة التعذيب في معتقلات آل خليفة التي تذيق البحرانيين الويلات وعلى أيدي مرتزقة مستوردين من كل وحدب وصوب.
وفي المستشفى قرر”البوس” الهرب وقد سماه بهذا الإسم رفاقه نظرا لدوره القيادي وهو الشاب اليافع. فعندما أراد افتتاح حساب على شبكة التواصل الاجتماعي “الأنستغرام” أقترح أصحابه تسميته ب”بوس”. وضع “البوس” خطة للهرب من مستشفى السلمانية ليلة السادس من محرم قبل عامين. كان عليه أن يقلع النافذة من غرفته في المستشفى , الا انه كان بحاجة الى مفك” النكي” نجح في تامينه عبر اتصال هاتفي مع احد أصدقائه الذي ادخله له في علبة عصير وضعت في ثلاجة المستشفى.
نجح البوس في الهروب في تمام الساعة الثانية عشر ليلا من مستشفى السلمانية وعبر مخرج الطوارئ ليقفز من السياج. حاصرت القوات الخليفية منزل اهله ليلتها إلا انها لم تفلح في القبض عليه, ثم حاولت العثور عليه في المضيف الا انها لم تفلح. وفي الليل كان يخرج في موكب العزاء وهو يضرب على “الطاسة”!.
أربعة أشهر قضاها في التظاهر ضد نظام آل خليفة القمعي, عجزت السلطات خلالها عن تقييد حريته برغم الكمائن التي نصبتها له ولرفاق دربه, وبرغم محاصرتهم لمنزله. حتى تمكنت أخيرا من الإيقاع به بعد بلاغ وصلها لتحاصره وتعتقله مع ثلاثة شبان آخرين في شهر ابريل من العام 2013.
اقتادوه الى مركز شرطة الخميس واوسعوه ضربا تحت إمرة ضابط المخابرات طاهر مدن. واما التهمة فهي تفجير المركز وهجوم على المرتزقة وتجمهر ومهاجمة مدرعة وتفجير سيلندر وغيرها من الإتهامات.
وبعد دورة التعذيب تلك تم ارساله الى سجن الحوض الجاف ليتعرض مرة أخرى الى التعذيب هناك قبل نقله الى مركز الحورة للتحقيق معه في قضية هروبه من مستشفى السلمانية. وهناك كانت بانتظاره جولة أخرى من التعذيب لينقل بعدها الى مركز شرطة النبيه صالح ثم ليعاد الى الحوض الجاف حيث بقي هناك اكثر من شهر يتنقل خلالها بين السجن ومستشفى السلمانية حتى صدر عليه حكم بالسجن لمدة 15 عاما وصدر امر بنقله الى سجن جو.
إلا ان الدكتورة المشرفة على علاجه رفضت نقله في تلك الليلة وطالبت بتاجيل النقل الى الصباح. جلس “البوس” يفكر مليا في ترتيب خطة للهروب فليس امامه سوى ليلة واحدة وبعدها سيخسر حريته. وضع خطة محكمة وقرر تنفيذها في تمام الساعة الثامنة مساءا حيث تقفل العيادات الخارجية.
خرج مع الشرطي الذي يرافقه في جولة في ردهات المستشفى حتى توقف الشرطي الباكستاني لشرب قدح من الشاي, فوجد البوس فرصتها للهرب, وحينها نزع المغذي من يده(السيلان) وانطلق مهرولا نحو سياج المستشفى ليتسلقه ويتوارى عن الأنظار للمرة الثانية.
القوات الخليفية حاصرت منزل عائلته بحثا عنه غير انها لم تعثر عليه, فماكان منها الا واعتقلت اخاه علي بعد ان طوق البيت 25 مرتزقا خليفيا. كانت هناك وقفة تضامنية معه في البيت عصر ذلك اليوم.
حققوا مع أخيه وطلبوا من اهله تسليمه لهم متعهدين بعدم رفع قضية جديدة ضده.
عجز الخليفيون عن القبض عليه في الوقت الذي كان فيه البوس لا يأبه لقواتهم ومطاردتهم له حيث كان ينجح كل مرة في افلات من قبضتهم. وظل متواجدا في الميادين يشارك في التظاهرات والأحتجاجات حتى أصيب برصاص الشوزن في احد عينيه حتى فقد البصر. الا انه ظل مواصلا لجهاده ضد نظام آل خليفة.
سألناه عن السر والدافع وراء هذا الإصرار على النضال برغم الظروف الصعبة التي كان يمر بها فأجاب: إنني أؤدي تكليفي الشرعي, ونحن خرجنا من اجل مطالب مشروعة, والجلوس في البيت لن يؤدي الى تحقيقها. ويضيف قائلا” وكيف لي ان أجلس وهم ينتهكون حرمة بيوتنا”. فهؤلاء المرتزقة لا اخلاق لهم ولا ضمير ولا ذرة إنسانية , فقد دخلوا مرة على أبيه المقعد والمصاب بالشلل فرشوا في وجهه رذاذ الفلفل.
لم يكن يخشى الإعتقال برغم كثرة القضايا التي رفعت ضده والحكام التي أصدرتها محاكم الخليفيين بحقه. البوس لا يعلم عدد القضايا التي ربما وصلت الى 25 قضية , استطاع ان يحصي احكاما بالسجن في 10 منها بلغت اكثر من 70 سنة!. كان البوس يستمد العزيمة من امه التي كانت تشجعه وتحضه على الثورة ضد الظالمين.
كانت عينه بحاجة الى علاج لم يتمكن من الحصول عليه داخل البحرين وحينها أشار عليه أصدقائه بضرورة الهجرة من البلاد, إلا انه رفض فهو لا يريد مفارقة الأرض التي احبها ويتركها للخليفيين يعبثوا بها. الا ان إصرار رفاقه دفعه الى الهجرة خارج البلاد وتلك قصة أخرى سيحين الوقت لسردها يوما, فقد نجح البوس في الهروب من البلاد رغم انهم كانوا واحدا من أكثر المطلوبين في البلاد.
إنه الشاب البحراني صادق الحايكي من البلاد القديم الذي تحكي قصته حكاية شعب لا يعرف السكينة ولا الخنوع بل تجري في عروقه دماء الثورة على الظالمين.