أمين سر حركة العمل الشعبي بالكويت إيمان العيسى لـ(البحرين اليوم): تتخوف السلطات الخليجية جداً من بروز مؤسسات مدنية فاعلة فيها
البحرين اليوم – (خاص)
تقف أمين سر حركة العمل الشعبي إيمان العيسى على مسافة من الاطمئنان بالمؤسسات السياسية في الخليج، ولا تتردد من نقد الحراك النسوي “الحالي” بوصفه شكلانياً خرج عن مضمونه العميق الذي كان موجوداً في السابق، العيسى تحاول أن تؤسس لفكرة “الواقعية” بمعناها النقدي، لكن من دون التوقف عند الواقع بلا نضال يأخذ بيد الشعوب الخليجية إلى دول متمدنة ذات معنى. في هذا اللقاء مع “وكالة البحرين اليوم” ستسلط إيمان العيسى الضوء على “حركة العمل الشعبي” في الكويت، وسنتطرق معها إلى حال المؤسسات في الخليج، وهذا نص المقابلة:
* خرج للعلن في العام ٢٠١٣م تنظيم معارض في دولة الكويت، سُمّي بحركة العمل الشعبي، بدايةً، ما هي دواعي الساحة السياسية الكويتية لهذا التنظيم وما الظواهر السياسية الذي أراد أن يعالجها؟
– حركة العمل الشعبي هو تنظيم سياسي منبثق من كتلة العمل الشعبي، والتي كانت تتشكل من مجموعة من النواب تلاقت أفكارهم في العمل السياسي البرلماني حيث كان ظهورهم ككتلة برلمانية منسجمة في أواخر التسعينيات، وكان لهم قاعدة شعبية كبيرة بتصديها لقضايا التي تهم الحقوق الشعبية الدستورية والفساد المالي والإداري للحكومة، فاتخذت نهج معارض صلب في وجه الحكومة آنذاك، حتى أُبْطِل مجلس فبراير ٢٠١٢، وهنا كانت أزمة سياسية كبيرة هزت الاستقرار السياسي، فكانت أغلبية برلمانية تكونت من إرادة الأمة خرجت عن العمل في البرلمان، والتحمت بالشارع، لذلك ألحَّت الحاجة عند أعضاء كتلة العمل الشعبي المؤسسين، وهي أصلاً كانت لديها فكرة إنشاء هذا التنظيم منذ فترة عندما كان عملهم في البرلمان .
وكما ذكرت أن الحدث السياسي في هذا الوقت دعا النواب السابقين إلى الالتحام بهذه المجاميع المؤيدة وتنظيمها بعمل حزبي يضم من تتلاقىٰ أفكاره ومبادئه مع كيانها وأثبتت هذه التجربة التي بدأت في 2013 بأن ومع حداثة الحركة إلا أنها كانت رأس حربة في الحراك الوطني الكويتي ودلالة على ذلك كان استهدافها من قبل السلطة بشكل مُركز فقد تعرضت لضربات على قياداتها ومنتسبيها غير الطبيعية وكان موضوع سحب الجناسي التعفسي من قِبل السلطة أيضاً فقد تعرض أحد قياداتها في 2014 وهو الأخ سعد العجمي رئيس المكتب الإعلامي آنذاك لسحب جنسيته بل ولم تكتفي بسحب جنسيته وإنما تم نفيه خارج دولة الكويت .
والكل يعلم ما تعرض له أمين عام حركة العمل الشعبي الأخ مسلم البراك فقد تم سجنه لمدة سنتان بسبب خطاب سياسي وبتعسف بحرمانه من كامل درجات التقاضي فلم يحصل إلا على درجتان فقط من درجات التقاضي وكذلك تعرض مقرر المكتب الإعلامي الحالي الأخ أحمد الدمخي للسجن بسبب إعادة ذلك الخطاب السياسي .
وكان هناك العديد من القضايا التي من خلالها تم استهداف قيادات أو منتسبين من كوادر حركة العمل الشعبي ولم تكتفي السلطة بذلك فالاستهداف الممنهج مازال فتم الحكم على أحد عشر عضواً في حركة العمل الشعبي ما بين قيادي ومنتسب في قضية دخول مجلس الأمة كالتالي :
الأمين العام مسلم البراك فقد حكم عليه تسع سنوات
عباس محمد الشعبي فقد حكم عليه سبع سنوات
النائب السابق سالم النملان فقد حكم عليه سبع سنوات
النائب السابق خالد الطاحوس فقد حكم عليه سبع سنوات
وليد الشعلان فقد حكم عليه سبع سنوات
نامي حراب المطيري فقد حكم عليه سبع سنوات
علي القحطاني فقد حكم عليه سبع سنوات
محمد مرزوق رويس العتيبي فقد حكم عليه سبع سنوات
أحمد فراج الخليفه فقد حكم عليه سبع سنوات
خالد عبيد الشمري فقد حكم عليه سبع سنوات
محمد خليفه الخليفه فقد حكم عليه سنة مع وقف النفاذ
مع سبعون شخص آخرون وكانت الأحكام قاسية جداً .
وهذا يُعد عن كبر حجم ما تحملته هذه الحركة من تعسف من قِبل السلطة بالرغم من أن مسارها التي اتخذته منذ بداية نشأتها حتى اللحظة كانت تحركات سلمية وفق القانون والدستور الذي أعطى الحقوق للمجاميع السياسية بأن يكون لها كامل النشاط والحرية في إبداء الآراء والاختلاف والفكر السياسي لكن السلطة تصرفت بعكس ما ينص عليه الدستور وعملت على الفحش في الخصومة ولكن الحركة بإذن الله وبإيمان أعضائها مازالوا يعملون مهما كانت الظروف قاسية
تحدثتِ مؤخراً في بعض وسائل الإعلام عن فقدان بعض المجتمعات السياسية في الخليج للمجتمع المدني بمعناه الدقيق، هل من الممكن أن تشرحي ذلك بشكل أكبر؟
من الواضح جداً حتى لغير المختصين بأن دول الخليج تفتقد تماماً لأي مؤسسات مدنية فيها عدا الكويت والبحرين وذلك بسبب أن السلطات في الخليج تقوم بكياناتها الحاكمة على الإرادة الفردية بالحكم الوراثي قد تكون الكويت فقط أفضل حالاً من باقي الدول بسبب وجود دستور 1962 الذي هو المرجعية والحد الفاصل بين النظام والشعب ، دائماً يحتدم الخلاف السياسي في الكويت وتصل الأمور ذروتها ولأن هناك حكمة دائماً ما بين الشعب والنظام الحاكم نصل مهما طالت أمد الخلافات إلى طريق توافقي .
صحيح أن هذه المدة التي مرت وماتزال على الكويت من أزمة سياسية لكن يبقى النظام في الكويت سمح وغير عنيف وهذا الأهم لذلك دائماً خلافنا كمعارضين مع الحكومة وليس نظام الحكم على عكس بقية دول الخليج التي تقمع بها أي أصوات للمعارضة .
هل المجتمع الخليجي مؤهل لخوض التكيف والتعايش مع مجتمع مدني حقيقي فيما لو أتيح؟ وهل النضال لنيل ذلك-في نظرك-يستحق؟
بالتأكيد الشعوب الخليجية حالها حال أي شعوب في العالم فالإنسان الخليجي من حقه أن يكون بمجتمع مدني متطور وحر فكرياً وعقائدياً … الخ
من الحقوق المدنية لأي إنسان في العالمفلا يختلف الإنسان الخليجي بإنسانيته عن أي كيان بشري آخر بل يجب أن يتاح له ذلك ويجب أيضاً على الأفراد في المجتمع الخليجي النضال لمدنيتهم .
لماذا ترفض الحكومات في الخليج وجود مؤسسات متمدنة فاعلة ؟
تتخوف السلطات في الخليج جداً من تكون مؤسسات مدنية فاعلة خصوصاً إذا كانت ذات فكر ثقافي أو سياسي فهي تعتمد بالأساس على بقائها وتفردها بالسلطة على الجهل المجتمعي وعدم التطور المدني الخلاق وهذا تخوف خاطئ فالشعوب الآن تتطور ذاتياً فإذا لم تنتبه هذا الحكومات سيكون الأمر سلبي عليها فاحتواء المجتمع وإعطائه حريته وإطلاق مؤسساته المعبرة عنه هو ضمان سلمي يحمي الجميع حكومات وشعوب خليجية فتقييد ومنع هذه المؤسسات بشكل علني يسهل التعرف عليه وعلى نشاطه أفضل من أن تعمل هذه المؤسسات بالظلام بشكل سري وتحت الأرض .
كيف تستخدم الحكومات الدين في تخدير الشعوب؟
تم تكييف الدين بشكل كبير لمصلحة الحكومات لفترات متفاوتة ومثال على ذلك في المملكة العربية السعودية نجد أنها رعت الأخوان المسلمين بعد البطش بهم في مصر فاحتوتهم لديها وأنشأت الملاذ الآمن لهم ولفكرهم ورعت أيضاً الفكر الوهابي بل واتخذته غطاءاً عليها والآن انقلبت على هذه الكيانات الدينية بشكل قوي جداً وصارت تحارب هذه الأفكار والكيانات بالرغم من أنها كانت ترعاهم وجمعياتهم وأيضاً مثال آخر في الكويت حيث تحالفت الحكومة لدينا لفترة طويلة مع الأخوان المسلمين في الكويت بل وتشاركت معهم في العمل الحكومي بتوزيرهم وتبادلت معهم المصالح السياسية ودام هذا التحالف فترة طويلة من الزمن إلىٰ أن حصل تطور واختلاف سياسي مع الحكومة من قِبل بعض النواب الأخوان هنا تشقلبت الحكومة وارتمت لتيار ديني آخر وهو التجمع السلفي فوزرت من أعضاءه المنسجمين والمتعاطين معها سياسياً ودعمت مؤسساتهم ومقراتهم كنا الأخوان سابقاً إلى أن وصلت السلطة إلى تحالف جديد خلال التسع سنوات الأخيرة ومازالت مع جماعة الجمعية الثقافية الإسلامية وهي من تيار ديني أيضاً للمذهب الشيعي يمارسون من خلاله السياسة ، والكارثة أن هذه التيارات والجماعات الدينية لم تفهم حتى الآن أن هذه الحكومة ليس لها أمان تتحالف معهم ليس حباً لهم ولا لأفكارهم بل لمصلحة وقتية ومع الأسف تستغل قواعدهم ومريديهم التعاطف معها أي مع الحكومة ومتى ما انتهت منهم ركنتهم على الرف واستخدمت غيرهم أما بالنسبة للشعوب أصبحت أكثر وعياً وحذراً من هذه الجماعات ومن تحالفاتها مع الحكومات وخاصة خلال السنوات الست الماضية .
لك رأي لافت في اعتبارك أن بعض الجمعيات والمؤسسات النسائية ما هي إلا صالونات تضم الطبقة المخملية للاجتماعات، هل من الممكن أن تضيئي أكثر على هذا الجانب، وكيف يمكن استخدام القضايا النسوية في سياق سياسي نضالي مناوئ للدكتاتوريات؟
في بداية نشأتها كان للمؤسسات النسوية في الكويت دور قوي وفعال حيث كانت تشارك توعوياً وثقافياً وحتى سياسياً كما حصل سابقاً في المطالبة بحق المرأة في الترشح والانتخاب للبرلمان لكن هذا الدور انحسر بشكل كبير خلال العقد الماضي وصارت من مؤسسات نسوية تخدم قضاياها في المجتمع إلى مؤسسات تخدم مصالح عضواتها فقط وتحولت إلى صالونات لعقد الاحتفالات الموسمية والترفيهية لعضواتها اللاتي هن من طبقة واحدة فقط وهي الطبقة المسماة بالمخملية وهذا واقع نلامسه حالياً فيمر المجتمع في الفترات الأخيرة بأزمات عديدة تستدعي منها موقف تجد هذه المؤسسات لا تكترث بما يدور حولها .
على سبيل المثال :
في الفترة الأخيرة حصلت اعتقالات كثيرة لأصحاب الفكر والرأي ومن الطبيعي أن هؤلاء المعتقلين لهم زوجات وأطفال وأمهات وآباء يواجهون ظروف قاسية كان من المفترض أن يكون الدور المساعد لهم هو هذه المؤسسات سواء بالدعم المعنوي أو التوعوي أو أي شيء المهم المطلوب موقف
حصل أيضا أن بعض النساء وبسبب آرائهم السياسية أو أفكار أخرى أن تعرضوا لقضايا واعتقال أحياناً فلم تحرك هذه المؤسسات ساكناً … فأي دور مجتمعي تقوم به !!!
للأسف لاشيء فقط سفرات للاستجمام وندوات واحتفالات لشهر رمضان والأعياد
هذا لا يعني أنها جميعاً تتخذ هذا الموقف فمازال عندنا في الكويت القلة الذين يمارسون دورهم وإن كان على استحياء وبالتأكيد اتمنى أن يرجع دور هذا الجمعيات والمؤسسات النسوية للريادة مرة أخرىٰ .
تعبرين عن مشاعر جياشة بين فينة وأخرى عن المعتقلين وأهلهم، في البحرين يوجد أربعة آلاف معتقل سياسي، اعتقلوا بسبب مطالبتهم بحرية وتقرير مصير مكفول أممياً، بماذا تنصحين في مسألة ملف المعتقلين السياسيين؟
بالنسبة للشأن السياسي في البحرين لست ملمة بتعمق فيه ولكن مطلعة على الوضع بشكله العام وذلك لانشغالي أكثر في الشأن السياسي في بلدي الكويت خلال فترة كان هناك حراك شعبي بجميع الدول العربية .
أما بالنسبة للاعتقالات هناك رأيين فالسلطة في البحرين تدّعي شيء وأيضاً الطرف الآخر يدّعي شيء ولكن هناك بالتأكيد اعتقالات والأعداد كبيرة جداً ، سمعت عن حالات تعذيب داخل السجون حتى وصلت للوفاة داخل السجن كما أن هناك العديد من الإدانات من المنظمات الحقوقية الدولية وهذا أمر بالتأكيد استنكره كما تستنكره كل الضمائر الإنسانية الحية وأطالب بمحاكمات عادلة وضمانات لحقوق السجناء تكفل لهم كامل حقوقهم الإنسانية وكما أن للمعارضة في البحرين حقوق وحرية مكفولة أممياً لكن يجب أن تكون سلمية وبعيدة عن العنف ، فالعنف أمر غير مقبول من جميع الأطراف وانصح دائماً كما هو عندنا في الكويت فلدينا معتقلين رأي يعانون وكما السجون في الخليج مليئة بمعتقلي الرأي والضمير يجب أن تكون هناك أدلة ثابتة حتى تصل للمنظمات الحقوقية الدولية لأن لا فائدة مع السلطات المحلية إلاّ فضحها وفضح أعمالها ، وأود أن أشدد على أمر أكثر فظاعة وظلماً من الاعتقالات وهو أمر حاصل في البحرين وكذلك في الكويت حيث مارست السلطتين أمر تعسفي جديد غير مألوف وهو سحب الجنسية سياسياً فكيف وصلت الأمور إلى هذا المنحىٰ اللاعقلاني بعقاب المعارضين .
اتمنىٰ أن يمن الله على الشعب البحريني الطيب المسالم بالسلام والاستقرار الدائم وعلى جميع بلدان الخليج فقد طال علينا الألم وحان لنا أن نستكين ونتعايش بسلام .. وهذا حق من حقوق الشعوب الحرة