آل سعود وآل خليفة: إصرار على قميص “التأجيج المذهبي”.. ولكن الأفاعي ترتد عليهم
البحرين اليوم – (خاص)
مثل الأنظمة “المظلمة” التي عرفها التاريخ، فإنّ آل خليفة وآل سعود يفضلان تمرير الجرائم والسياسة السوداء من خلال عباءة الدين ومنابر الفتوى.
في البحرين، يتذكر البحرانيون قبل نحو 5 سنوات، قبل انتهى العقل المخابراتي الخليفيّ إلى ضرورة الزّج برجل الدّين، الشيخ عبد اللطيف المحمود، وبقية الجوقة التي تحفظها ساحة مسجد “الفاتح”، لأجل “التخريب” على الثورة التي كانت في أوْج انطلاقتها.
التشطير عبر الطائفية هو سلاحٌ فعّال بنظر آل خليفة، وهم كانوا حريصين – طوال عقود النضال الوطني – على إفشال أيّ تقارب سني وشيعي على قاعدة مطالبية وطنيّة واحدة، واستعملوا الإغراء والترهيب لأجل ذلك.
لأسبابٍ كثيرة، نجح الخليفيون نسبياً في خلق الاصطفاف الطائفيّ “المصطنع”، وكان الدّور الفعّال للمجنّسين المحور التّشغيليّ لآلة التخويف والتمزيق واصطناع الأكاذيب التي ترفد في “البئر الطائفي المسموم”. إلا أنّ فشل الشيخ المحمود، في نهاية المطاف، ونزوله إلى “الهامش” في حسابات الخليفيين وجمهوره المفترض على حدّ سواء؛ سجّل تفوّقاً لطهارةِ “المطلب الوطني” لثورة البحرين من جهة، ومن جهة أخرى.. عدم نجاعة الاستخدام الطائفيّ في مواجهةِ ثورةٍ حرص أهلُها على أكبر قدرٍ من الوعي، والتدرُّب على امتصاص أساليب الالتفاف والتّشويه.
لا شكّ أن اختيار الشيخ المحمود كان مدروساً، واعتبر في حينه “ضربة معلم”، وخاصة مع الحرص الذي أبداه منفذو مشروع “التخريب” و”الثورة المضادة”، لإظهارِ “هبّة المحمود” وكأنها مطلبيّة، ولها رأسمال شعبيّ حقيقيّ.
تطورات الأحداث التالية، ومع انتهاء الخليفيين من “استخدام” ورقة المحمود، تبيّن أنّ هناك “نزعة” طائفيّة دفينة في المحمود، كان على الدور المخابراتي الخليفيّ، والسعودي، هو إظهارها على نحو تدريجيّ، وهو ما تمّ بالفعل بعد مارس 2011م، عندما استولى المحمود على “عرش” الخطاب الطائفيّ جنباً إلى جنب عبد الله النفيسي، وبقية رجال الدين المجنسين والمرتزقة الذين انتشروا على ذات المسافة لانتشار المدرّعات الخليفية في خطوط القمع والقتل في بلدات البحرين.
هذا الدرس تلقّاه آل خليفة، أو تعلّموا المداومة عليه، من آل سعود الذين لم يكفّوا عن تغذية الصراعات الإقليمية، منذ 5 سنوات، بالمصطلحاتِ الطائفيّة، وهو منهج “متأصِّل” في بنية النظام السعوديّ، الذي يقوم أساساً على علاقة “أصيلة” مع المذهب الوهابي الذي يراه باحثون “دين الإرهاب المعاصر”.
وفي سياق الخلاف مع إيران، ذهب السعوديون في استعمال الغطاء الديني والمذهبي إلى أبعد مدى، وكان لافتاً إصدار 140 رجل دين متشدد من السعودية لبيان قبل أيام، دعوا فيه دولَ الخليج لمواجهة “الخطر الصفوي”، وذلك بعد دخول إيران مع الغرب مرحلة ما بعد الاتفاق النووي.
وفي السياق نفسه، ذهب إمام المسجد الحرام في مكة المكرمة، الشيخ سعود الشريم، بعيداً في توصيف “الهلع السعوديّ” من رفع العقوبات عن إيران، وقال في تغريدة على حسابه في تويتر بأن ذلك يكن مفاجئاً بالنظر إلى التفاهم بين “الصفويين” و”اليهود والنصارى ضد المسلمين”، بحسب تعبيره.
الباحثون في العقل الجمعي، واستعمالات الخطاب المذهبي في السياسة، يؤكدون بأنّ آثار هذه المنهجية “التدميرية” لا تقف عادةً عند حدود معينة، وهي من الممكن أن تتجاوز “الإطار المرسوم له”، لترتد إلى محرّكي الأفاعي أنفسهم. وقد جرّب آل سعود، وآل خليفة، هذه النتائج أكثر من مرّة، وخاصة بعد أن ارتد الوحش الداعشي عليهم، وقد خرج من أحضانهم، ومن عيون مرتزقتهم ومخابراتهم.