المنامة – البحرين اليوم
طردت إدارة المستشفي العسكري في البحرين، وبمعية الميليشيات الخليفية. والدة المعتقل إلياس الملا بعد توجهها إلى المستشفى للاستفسار عن العملية التي كان يُفترض أن تجري له صباح اليوم الخميس، ٨ ديسمبر، وعبرت عن حزنها العميق لمنعها من الاطمئنان على ابنها المريض بسرطان القولون.
وفي اتصال مع (البحرين اليوم)، قالت والدة إلياس بأنها توجهت اليوم إلى المستشفى بغرض مقابلة الطبيب الذي سيجري لابنها العملية للاطمئنان على تفاصيل العملية والإطلاع على التجهييزات الخاصة بها، إلا أنها فور وصولها تعرضت للصد ورفضت الممرضات العاملات في المستشفى طلبها لمقابلة الطبيب، كما ذكرت بأنها تعرضت من بعض الممرضات للهجوم اللفظي والتعنيف، رغم أنها أخبرتهم بأنها لا تريد رؤية ابنها، وأن طلبها يقتصر على مقابلة الطبيب الذي سيجري العملية.
وتتابع والدة إلياس حديثها مع (البحرين اليوم) وقالت بأنها حين سألت عن الوقت الذي ستستغرقه العملية لكي يتسنى لها رؤية الطبيب بعد العملية ومعرفة نتيجتها، لم تجد تجاوبا أيضا، واضطرت للبقاء في غرفة الانتظار على أمل أن تسمع خبرا بهذا الشأن، ولكنها فوجئت بمراقبة مريبة لها من أحد الممرضين – الذي يبدو عليه بأنه من المجنسين – حيث رمقها بنظرات تعالٍ واحتقار، وبعد ثوان جاء رجلان من المخابرات المدنية، وسألا والدة إلياس عن سبب وجودها في غرفة الانتظار، فأخبرتهما بأنها ترغب في مقابلة الطبيب الذي يشرف على عملية ابنها والاطمئنان، ثم انصرفا عنها بعض الوقت، وعادا بعدها بسرعة وطلبا منها أن ترافقهما إلى الباب الخارجي للحديث معها.
وعند الباب، قال الرجلان لها بأنها هنا من أجل أن ترى ابنها إلياس، وأكدا لها بأن لديها زيارة له في السجن في تاريخ ٢٠ الشهر الجاري. إلا أنها شددت بأن وجودها في المستشفى هو لأجل رؤية الطبيب وليس ابنها، واشتد الجدال بينهم، وقال لها أحد عناصر المخابرات بأنه “غير متعاطف معها”، فأكدت له بأنها لا تطلب عطفه!
وتضيف والدة إلياس بأن العنصر المخابراتي بدأ بتغيير نبرات حديثه معها، وسألها بحدة عن كيفية معرفتها بموعد عملية ابنها. وأضاف مهددا: “انظري، نحن لسنا من وزارة الداخلية، نحن من الجيش. عليك أن تأخذي من معك (يقصد ابنتها) وتخرجين من هنا أفضل لك!”.
وتقول أم إلياس بأنها لم تعر انتباها للتهديدات، وأعادت الإلحاح بأنها في المستشفى من أجل رؤية الطبيب، إلا أن المليشيات الخليفية شددت من لهجة التهديد، وقال لها أحد العناصر: “قلنا لك بأن تخرجين من هنا أنت ومع معك، وإلا سوف نحضر لك الشرطة النسائية لطردك بالقوة!”.
إلا أن التهديدات لم تكن تؤثر في الأم التي كان همها واهتمامها موجه إلى ابنها المريض الذي لا تعرف مصير العملية التي كان يُفترض أن تُجرى له. فأعادت مجددا التأكيد بأنها لن تتحرك من المستشفى، وأنها هنا من أجل رؤية الطبيب وليس ابنها المريض. ومع هذا الإلحاح، سُمح لأم إلياس بالعودة إلى غرفة الانتظار، ولكن المليشيات هددتها بأنه في حال اقتربت من غرفة عمليات ابنها “فلا تلومن إلا نفسها!” كما قيل لها!
ظلت أم إلياس في غرفة الانتظار وهي محاطة بعناصر المخابرات، وبنظرات مليئة بالاحتقار، مع التعمد في إظهار بعض الحركات لاستفزازها، وهو ما جعل حزنها يختلط بالغضب. كان قلبها يتفجر حزنا وألما على معاناة ابنها، إلا أن قساة القلب الذين يحيطون بها لم يكونوا يعرفوا معنى للرحمة أو الرأفة، وبدت ملامحهم كالحجارة أو أشد قسوة!
صوت إلياس.. قلب الحياة
لم تصبر أم إلياس على أجواء الاحتقار التي أشاعها المخبرون، فقررت أن تخرج من الغرفة، وتغادر المستشفى بعد أن تيقنت بأنهم لن يسمحوا لها برؤية الطبيب. كانت أم إلياس حريصة على ألا تخرج إلا وهي محاطة بعزتها، وامتنعت أن تُظهر أي لون من الانكسار أو الشعور بالانحناء. كانت تريد أن تكسر جبروتهم، وأن ترد الشتيمة إلى نحورهم، وأن تقول بأن ضعفها أمام معاناة ابنها لن يجعلها ذليلة أمام الجبناء.
عادت الأم إلى المنزل وقلبها ما زال هناك في المستشفى. كانت تنتظر سماع خبر، أو شيء ما يُعيد إلى قلبها النبضات. جاءها ما تنتظر. أجابت على الهاتف، وإذا هو الصوت الذي يُشبه الحياة. كان إلياس يتحدث إليها، ويعيد بصوته إليها جريان الحياة.
أخبرها بأنه لا يزال يشعر بالألم في القسم الأيمن من البطن. وقد كان يُعاني من الإمساك منذ أربعة أيام مضت. وقد وُصف له محلول لتناوله، إلا أنه كان يقوم بترجعيه كل مرة. وقد كان مفاجئا حين علمت الأم بأن ابنها لم يقابل الطبيب بعد العملية، ولم يسمع منه تفاصيلها ونتائجها.
ونقل إليها أيضا بأن عناصر المخابرات التي لاحقتها في المستشفى، جاءوا إليه وقاموا بالتحقيق معه حول وسؤاله عن بياناته الشخصية، كما فتحوا تحقيقا معه عن قضيته، وما إذا كان مذنبا أم لا، كما حققوا معه عن الشخص الذي قام بتصويره في مستشفى السلمانية وهو على سرير المرض، وعن الأشخاص الذين قاموا بنشر الصور.
لم يكن التحقيق مع مريض بمرض خطير، خرج للتو من العملية، هو الأشد “دناءة”! لقد ختم المخبرون الخليفيون تحقيقهم مع إلياس بأنْ أبدوا “الأسف” لكونهم لا يملكون الصلاحية لضربه، وإلا أوسعوه ضربا!
أما أم إلياس، وفي ختام حديثها مع (البحرين اليوم)، فأكدت بأنها لن تسكت عن معاناة ابنها المحروم من العلاج المناسب داخل السجن، وأنها ستظل تحمل قضيته في كل مكان، وقالت بأنها لا تخشى الاعتقال ولو تم تهديدها به كل مرة، والأمر عندها هو التوكل على الله فهو “حسبها ونعم الوكيل”.