ساهر عريبيمقالات
هل يتكرر تفجير القديح في البحرين؟
اثارت العملية الانتحارية التي نفذها ارهابي سعودي بجموع المصلين في مسجد الامام علي ابن ابي طالب بالقديح في منطقة القطيف بالسعودية يوم الجمعة الماضية ، تساؤلات عن إمكانية وقوع عملية مشابهة لها في البحرين. ويعود السبب في ذلك الى تشابه الظروف التي يعيشها الشيعة في كلا البلدين والى تطابق سياسات حكومتي السعودية والبحرين في التعامل مع المواطنين الشيعة في كلا البلدين والى سهولة التنقل بينهما.
اذ لا يفصل بين المنطقة الشرقية في السعودية والبحرين سوى جسر يتيح حرية كاملة لحركة مواطني البلدين، وبالتالي يسمح بتسلل عناصر ارهابية سعودية تعيد تكرار مثل هذا العمليات الاجرامية بحق المسلمين الشيعة في البحرين. وأما من حيث الظروف التي يعيشها شيعة البلدين فهي متشابهة من حيث الاقصاء والتهميش والمحاصرة والحرمان من الانتساب الى الأجهزة الأمنية والعسكرية المقتصرة على لون طائفي معيّن، وهو مايسمح بالتراخي في ملاحقة العناصر الإرهابية التي تستهدف الشيعة، هذا اذا ما أحسنا الظن في عدم ارتباط العناصر الإرهابية بالأجهزة الأمنية في كلا البلدين.
سياسات حكومتي السعودية والبحرين متشابهة في تعاطيهما مع الشيعه، وتعتمد هذه السياسات على قمع الاحتجاجات الشعبية المطالبة بانهاء التهميش وبمزيد من المشاركة في ادارة السلطة وتقاسم الثروات . فالسلطات في البحرين قمعت بكل قسوة الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد عام 2011 ،مستعينة بالجيش السعودي الذي دخل البلاد ودمر اكثر من 30 مسجدا فيها. فيما سقط عشرات الشهداء ومئات الجرحى، ولازال يقبع في المعتقلات الآلاف من المحتجين. وكذلك فعلت وتفعل السعودية في المحافظة الشرقية حيث تقمع الاحتجاجات هناك وتستخدم القوة العسكرية لاجتياح المدن وقتل المواطنين وكما فعلت في بلدة العوامية مؤخرا.
وكلا الحكومتين تعتقل القادة السياسيين والدينيين للشيعة وفي طليعتهم أية الله الشيخ نمر النمر المحكوم بالإعدام ،وأما في البحرين فان قادة الثورة المعروفين بمجموعة بحرين 13 صدرت بحقهم احكام مطولة في السجن على خلفية مطالبتهم بإصلاحات سياسية في البلاد، فيما لجأت السلطات مؤخرا الى اعتقال زعيم اكبر جمعية سياسية في البلاد وهو الشيخ علي سلمان. هذه الممارسات القمعية تعطي الضوء الأخضر وبشكل غير مباشر للقوى الإرهابية لتنفيذ عملياتها الاجرامية في كلا البلدين. فمع الاستهانة بدماء وحقوق الشيعة ومع غياب المحاسبة وسيادة سياسات الافلات من العقاب، فان الجماعات الإرهابية تجد في هذه الظروف فرصة لارتكاب جرائمها التي لا تقل بشاعة عن ارهاب الدولة.
ومن ناحية اخرى فان اجواء الشحن الطائفي تعتبر عاملا أساسيا في نمو وترعرع الاٍرهاب. فسياسات كلا البلدين قائمة على تكفير الطائفية الشيعية واتهامها بالشرك وهو واضح في مناهج التثقيف السائدة في المؤسسات الأمنية التي بٌنيت عقيدتها على هذا الأساس، من اجل توفير غطاء شرعي للقمع الحكومي. وهذا الواقع هو الذي دفع بالحقوقي نبيل رجب الى اتهام المؤسسة الامنية في البحرين بأنها حاضنة فكرية للارهاب، الا ان السلطات زجت به في السجن بدلا من ان تغير سياساتها الطائفية.
وأما المؤسسة الدينية في كلا البلدين فهي الاخرى نشرت خلال السنوات الماضية الفكر التكفيري والأمثلة كثيرة على ذلك ومنها خطب الشيخ جاسم السعيدي في البحرين وخطب مفتي السعودية عبدالعزيز الشيخ. فهذا الخطاب التكفيري حظي بماركة من السلطات في كلا البلدين. وأما وسائل الاعلام فيهما من صحافة ومن قنوات تلفزيونية فهي الاخرى ساهمت بنشر بذور هذا الفكر التكفيري الذي تحول الى عنف بفعل عمليات غسيل الدماغ التي تعرض لها هؤلاء الشباب الانتحاريون الذين يعتقدون انهم يتقربون الى الله تعالى بقتل المصلين.
ان عملية القديح هي نتاج طبيعي لسياسات آل سعود القائمة على تأجيج نار الفتنة الطائفية في المنطقة، وهي ذات السياسات التي تمارسها سلطات آل خليفة في البحرين التي تغض الطرف عن نشاطات الجماعات الإرهابية في البحرين والتي ترفرف إعلامها عاليا في البلاد. ولذا فان الارضيّة مناسبة لوقوع مثل هذه الاعمال في البحرين ، بل انها اكثر مناسبة من السعودية. فمن هدم 38 مسجدا شيعيا فانما أعطى الضوء الأخضر للجماعات الإرهابية لقتل المصلين في البحرين، والقضية مسألة وقت لا أكثر ولا أقل.