هل سيحل التطبيع أزمة البحرين الاقتصادية؟
البحرين اليوم – اقتصاد
تشهد البحرين أزمة مالية واقتصادية خانقة، زاد من حدتها تراجع أسعار النفط وتفشي جائحة فيروس كورونا. كشفت آخر البيانات الرسمية بشأن اقتصاد البحرين، عن نتائج سلبية تلقي ظلالا من الشك حول إمكانية انتهاء الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد في المستقبل المنظور.
فالأرقام التي كشفت عنها السلطات الخليفية تظهر انكماشا في الاقتصاد بنسبة 8,9 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني من العام الحالي مع تراجع الاقتصاد غير النفطي بنسبة 11,5 في المئة. أرجعت السلطات هذا التراجع إلى تضرر قطاع السياحة وخاصة الفنادق والمطاعم بنسبة 61 في المئة مقارنة بذات الفترة من العام الماضي.
و بلغ العجز في الموازنة خلال النصف الأول من هذا العام نحو (2.1 مليار دولار)، بزيادة تقترب من 100٪ مقارنة بذات الفترة من العام الماضي بحسب بيانات وزارة المالية الخليفية. فيما توقع تقرير حديث، صادر من مصرف البحرين المركزي أن يمثل الدين الحكومي 110 بالمئة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام الحالي.
الاحتياطات النقدية للبحرين تراجعت كذلك بحسب وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، لتصل إلى 290 مليون دينار بحريني (768.82 مليون دولار) في أبريل الماضي وهو أدنى مستوى تصل إليه تلك الاحتياطات منذ عام 1990. لكل ذلك أعلنت وكالة التصنيف الائتماني الأمريكية العالمية “فيتش” عن تخفيض التصنيف الائتماني للبحرين من “-BB” إلى “+B”.
اللافت في خضم هذه الأزمة المتفاقمة ان السلطات الخليفية تقف مكتوفة الأيدي لا تحرك ساكنا لاتخاذ أي إجراء جدي لحل هذه الأزمة وعلى الأقل لمنع تفاقمها بل إنها تراهن على التطبيع لحلها!
فالسلطات تلجأ كعادتها للطرق التقليدية لحل هذه الأزمة ودون معالجة مسبباتها الأساسية, مما ادى إلى تفاقم الأزمة إلى الحد الذي ينذر بانهيار اقتصاد البلاد, وبشكل لن يتضرر منه سوى الشعب فيما ستكون العائلة الحاكمة بمأمن من تداعياته الاقتصادية.
أول تلك الطرق هي إغراق البلاد بالديون الخارجية التي أثبتت انها لا تجدي نفعا ولا تحل الأزمة, أدى هذا الخيار إلى تفاقم هذا الدين ليصل إلى عتبة الـ 40 مليار دولار. كانت فخر سلسلة في هذا المسلسل هي جمع البحرين في شهر سبتمبر الماضي وقبيل توقيعها على اتفاق التطبيع بأيام, لملياري دولار, وسبق ذلك جمعها ملياري دولار أيضا من سوق الاقتراض في شهر مايو الماضي.
وبرغم كل ذلك فإن صندوق النقد الدولي حذّر من ان البحرين في طريقها لتكبد عجز في الموازنة يصنفه الصندوق من بين الأكبر عالميا، متوقعا أن يقفز العجز المالي للبحرين إلى 15.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام من 10.6 بالمئة في العام الماضي.
وأما الطريق الآخر الذي تسلكه السلطات الخليفية لمعالجة الأزمة الاقتصادية فهي المساعدات الخليجية، فقد حصلت البحرين في أكتوبر 2018، على تعهدات من السعودية والإمارات والكويت لتقديم حزمة دعم مالي قيمتها 10 مليارات دولار. تلقت البحرين 4.57 مليارات دولار من هذه الحزمة في شهر مايو الماضي.
لكن هذه الحزمة لم تمنع العائلة الخليفية من زيادة كاهل البحرين بالديون الخارجية. فجميع هذه المساعدات والقروض, تغيب الشفافية في معرفة أوجه صرفها, خاصة وأن فساد العائلة الحاكمة لا نظير له بين دول المنطقة اذا ما استثنينا العائلة الحاكمة في السعودية. ويقف على رأس هرم الفساد حاكم البلاد حمد الخليفة وعمه سلمان رئيس الوزراء وولي عهده سلمان ونجله ناصر.
اللافت أن السلطات الخليفية كشفت هذه المرة عن طريق جديد لحل الأزمة الاقتصادية ألا وهو التطبيع مع ”إسرائيل“! فقد أعلن وزير المالية سلمان الخليفة، في تصريح نقلته وكالة أنباء البحرين“ إن الخطوة التاريخية الشجاعة من خلال إعلان تأييد السلام بين مملكة البحرين ودولة إسرائيل ستساهم في خلق الفرص والآفاق الاقتصادية الواعدة، وتعزز بالتالي من عملية السلام، بوصفها مرتكزا لتحقيق التنمية المستدامة“. غير ان هذه البيانات الاقتصادية السلبية التي أعلنتها البحرين، الأحد الماضي جاءت بعد أيام من إعلانها اتفاقية التطبيع.
الرد على الوزير الخليفي جاء قاطعا من بنيامين نتنياهو , الذي ألقم كل الممنين النفوس بجني مكاسب اقتصادية من وراء التطبيع, ألقمهم إذ قال تغريده عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي ”تويتر”، ”إن اتفاقات تطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين من شأنها ضخ المليارات للاقتصاد الإسرائيلي“.
تصريح يعني بان الدول المطبعة ستتحول إلى بقرة حلوب لإسرائيل عبر عقود الأسلحة وتصدير تكنولوجيا التجسس على المعارضين, والخدمات الأمنية والاستثمار, وبما يعود بالمنفعة على دولة الاحتلال واما البحرين فلن تجني من التطبيع سوى المزيد من التراجع الاقتصادي وإلى الحد الذي قد تعلن فيه البلاد إفلاسها في القريب العاجل!