هل ستتم مقاضاة السعودية أمام المحاكم الأمريكية؟
صوّت مجلس النواب الأمريكي الأسبوع الماضي لصالح مشروع قانون يسمح لضحايا هجمات 11 سبتمبر الإرهابية بمقاضاة السعودية أمام المحاكم الأمريكية، بتهمة تورطها في الضلوع بتلك الهجمات التي شارك فيها 15 إرهابيا سعوديا.
مشروع القانون الذي صوّت عليه الكونغرس الأمريكي في شهر مايو الماضي؛ أصبح بين يدي الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الذي يمتلك حق النقض (الفيتو) خلال مدّة أقصاها 10 أيام لردّه إلى الكونغرس لإعادة التصويت عليه، وحينها يصبح نافذا في حال إقراره بأغلبية الثلثين.
ويدّعي مشرِّعون أمريكيون بأن لديهم أغلبية “مريحة” لتمريره، خاصة وأن المشروع يحظى بتأييد أغلبية النواب من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض، جوش أرنست، رجّح رفْض أوباما لمشروع القانون، متعلّلا بأنه يفتح الباب واسعا أمام مقاضاة الأمريكيين في مختلف أنحاء العالم. لكن الإدارة الأمريكية تبدو محرجة من ردّ القانون في هذه الفترة الحسّاسة التي تسبق الإنتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي تواجِه فيها المرشّحة الديمقراطية للرئاسة هيلاري كلنتون منافسةً شرسة من المرشّح الجمهوري دونالد ترامب، الذي طالما هدّد السعودية، واتّهم اوباما بتأسيس تنظيم “داعش”.
ولذلك فإن أي رفض رئاسي للمشروع سينعكس سلبا على الحزب الديمقراطي في السباق الرئاسي نظرا للتعاطف الشعبي مع الضحايا، ومن ناحية أخرى فإن اعتراض أوباما على مشروع القانون سيكون غير مجدٍ مع عزم الكونغرس على تمريره. غير أن المعارضين للقانون يسعون إلى إقناع الرئيس في هذه المرحلة على رفضه.
ويجادل المعترضون على القانون بأنه ينتهك الحصانة السيادية للدول التي يزعم تورُّط أفراد منها في عمليات إرهابية. يُذكر أن القانون الأمريكي يسمح اليوم بمقاضاة رعايا كل من إيران وسوريا والسودان بعد تصنيفها دولاً إرهابية!
وقد نشطت شبكات العلاقات العامة المموّلة من السعودية مؤخرا في معارضة القانون وتبيان آثاره السلبية، ويأتي في هذا السياق المقال الذي كتبته هيئة التحرير في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية يوم أمس الخميس، والذي “أسفت” فيه على إقرار مجلس النواب لمشروع القانون. واعتبرت الصحيفة أن “مخاطر” القانون تنبع من كونه “يُمكّن الأفراد ومحاميهم من إضافة السعودية الغنية بالنفط، وربما في نهاية المطاف المتهمين الأثرياء؛ إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب”. كما ونصّبت الصحيفة نفسها محاميا عن السعودية، حيث وصفت الإتهامات الموجّهة للسعودية بأنها “لا أساس لها من الصحّة”.
ويأتي هذا الدفاع بعد أن نشر السفير الأمريكي الأسبق لدى بغداد، خليل زلماي زاد، مقالة قبل يوم وكشف فيها عن أن مسؤولين سعوديين كبار اعترفوا له بتمويلهم للجماعات الإرهابية، ومنذ الحرب في أفغانستان.
وتأتي هذه “الإعتراضات” والدفاع عن السعودية؛ بالرغم من سماح القانون للسلطة التنفيذية بتجميد أي دعوى قضائية ضد السعودية بمدة 180 يوما وبانتظار إجراء وزارة الخارجية مفاوضات مع السعودية للوصول إلى تسوية مرضية. كما ويمكن للإدارة الأمريكية تمديد المدّة في حال أكّدت وزارة الخارجية حاجتها لمزيد من الوقت لإتمام المفاوضات.
وهكذا يبدو أن مشروع قانون مقاضاة السعودية في طريقه إلى الإقرار، سواء أقرّه الرئيس الأمريكي أم رفضه، كما يبدو أن السعودية لن تتم مقاضاتها أمام المحاكم؛ وإنما سيتم التوصُّل معها إلى اتفاقية لتعويض عوائل الضحايا، على أن يدفع آل سعود الفاتورة حينها وهم صاغرون، وكما فعل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي عندما تمت تسوية قضية لوكربي، التي أبقته على سدة الرئاسة وحتى حين. فهل سيتم تكرار ذات السيناريو مع السعودية؟