البحرين اليوم – (خاص)
في الوقت الذي يتصاعد التوتر بين إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، وإيران، وتتحرك واشنطن باتجاه أنظمة دول الخليج الأخرى، أعلن البرلمان الأوروبي (EP) “خطوةً في الاتجاه المعاكس”، بحسب تقرير نشره موقع الصحافي الأمريكي المخضرم جيم لوب Jim Lobe، بقلم الصحافي إلدار ماديفو Eldar Mamedov.
في جلسته العامة التي عُقدت في ١٦ فبراير الجاري، اتخذ البرلمان قرارا يدين انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين والكويت، “مع التركيز بشكل خاص على البحرين”. وهي خطوة وضعها التقرير في سياق “استعمال حقوق الإنسان سلاحا جيوسياسيا ضد الأنظمة” القمعية في الخليج.
وقد كان السبب المباشر لقرار البرلمان الأوروبي هو تنفيذ السلطات الخليفية جريمة الإعدام الجماعي في ١٧ يناير الماضي، ضد ٣ نشطاء بحرانيين، وهم الشهداء: سامي مشيمع، عباس السميع، وعلي السنكيس.
ويضيف التقرري “على الرغم من أن القرار غير ملزم”، فإن قرارات البرلمان الأوروبي المعية بالعلاقات الخارجية غالبا ما يتحمل حملها على محمل الجد من قبل الدول المعنية، وهو ما يوضح “الجهود الحثيثة” للنظام الخليفي من أجل عرقلة التصويت على القرار.
يستحضر التقرير “الدفاعات” التي قدمها الخليفيون ردا على القرار الأوروبي، حيث زعموا بأنه لا يوجد حظر لعقوبة الإعدام وفق القانون الدولي، كما اتهموا الاتحاد والبرلمان الأوروبي بـ”فرض وجهات نظرهم” على البلدان “ذات التقاليد الثقافية والقانونية المختلفة”. إلا أن التقرير يكشف مغالطات آل خليفة بالإشارة إلى أن القرار الأوروبي لم يكن بصدد معارضة “عقوبة الإعدام من حيث المبدأ”، بل أكد القرار على المخالفات التي استند عليها حكم الإعدام للقانون الدولي، فيما يتعلق بتوفير الضمانات التي تحمي حقوق المتهمين، وحقهم في محاكمة عادلة، وهو ما كان منتفيا.
ويستشهد التقرير بما ذكرته منظمة (ريبريف) من ضرورة أن يستند حكم الإعدام على “أدلة واضحة، ومقنعة، لا تدع مجالا لأي تفسير بديل عن الوقائع”، وهو ما لم يكن متوفرا في حكم الإعدام الذي نُفذ في يناير الماضي، حيث قالت المنظمة بأنه “لا يوجد دليل مقنع يربط المتهمين بالجريمة التي يُتهمون بها”، وأن الحكم استند على “اعترافات تم انتزاعها بشكل شبه كامل تحت وطأة التعذيب”. فضلا عن ذلك، فلم تتوافر “محاكمة عادلة” للمحكومين بالإعدام، والتي ينص عليها العهد الولي للأمم المتحدة الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ويضيف التقرير بأن المحكومين الثلاثة بالإعدام لم يُمنحوا “الحق في التماس العفو”، حيث أُعدموا بعد أقل من أسبوع من صدور الحكم النهائي بإعدامهم. ووفقا لكلا من (ريبريف) ومكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فإن السلطات لم تمنحهم “أي سبيل يمكن من خلالها تقديم طلبٍ للحصول على عفو”.
وبناء على هذه الأدلة، يقول التقرير، تحقّق البرلمانيون الأوروبيون من وجهة نظر منظمات حقوق الإنسان من أنّ “هذه الإعدامات غير قانونية”.
فشل ذريعة “التدخل الإيراني”
أما “خط الدفاع الثاني” الذي بذلته الحكومة الخليفية، بحسب تعبير التقرير، فهو تنفيذ سلسلة من “الإجراءات الأمنية القاسية، بما في ذلك استئناف تطبيق عقوبة الإعدام”.
في السياق، انكبّ الخليفيون على تحريك الاتهامات النمطية بشأن التدخل الإيراني في البحرين، وذكر التقرير بأن ممثلي النظام الخليفي – وفي معرض الوقوف في وجه القرار الأوروبي – استشهدوا بمقال كتبه ماثيو ليفيت ومايكل نايتس – من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى – والذي تحدث عن “الإرهاب المدعوم من إيران في البحرين”، بحسب زعم المقال.
ويجادل التقرير بشأن هذه الادّعاءات مستشهدا بما نشره اميل نخلة – الباحث الأمريكي المعروف – في الموقع نفسه، الذي قال بأن إعادة نشر تلك الادّعاءات يُشبه ما فعله النظام السعودي عندما أعدم الشيخ نمر النمر في يناير من العام ٢٠١٦م. إلا أن هذه الوسيلة فشلت في تحليل الواقع، حيث إن هذه الإعدامات “تؤجِّج الاستياء الشعبي إلى درجةٍ كبيرة، وأكبرَ بكثير من أي تدخل إيراني”، بحسب التقرير.
ويؤكد التقرير فشلَ حجة التدخل الإيراني في تغيير قناعة غالبية البرلمانيين الأوروبيين. وينقل كلمة عضو البرلمان، آنا غوميز – من الحزب الاشتراكي البرتغالي – والتي كانت من الداعمين الرئيسيين لقرار الإدانة، حيث أوضحت في البرلمان “إن حلا مستداما للأزمة في البحرين لا يكمن في تكثيف حملة القمع ضد المعارضة، ولكن في التعامل مع قطاعات مختلفة من المجتمع البحراني، بما في ذلك، على وجه الخصوص، أغلبيته الشيعية، وعلى أساس من الكرامة والاحترام، والمساواة في الحقوق”.
في السياق نفسه، ندّد المفوض التجاري الأوروبي سيسيليا مالمستروم – الذي يمثل السلطة التنفيذية للاتحاد الأروربي – بالإعدام في البحرين، من غير أن يشير إلى “دور إيران على الإطلاق”، كما جرى التنديد بمبيعات الأسلحة والتكنولوجيا الغربية إلى النظام الخليفي، و”التي تُمكّن النظام من القمع الداخلي”.
يختم التقرير بالقول إن تركير البرلمان الأوروبي على انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، منذ العام ٢٠١٥م، يعد “إشارة سياسية واضحة إلى افتقار ادعاءات الحكومة (الخليفية) للمصداقية الدولية”، بما في ذلك ادعاءات التدخل الإيراني المزعوم.