البحرين اليوم-(خاص)
دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش سلطات آل خليفة الى “إلغاء القوانين التي تسمح بتجريد البحرانيين من جنسيتهم لأسباب غامضة”. وأشارت المنظمة في بيان لها صدر يوم أمس الأربعاء (٢٠ أغسطس) إلى التعديلات التي أجريت على قوانين الجنسية في البحرين هذا العام والتي تم بموجبها منح وزارة الداخلية صلاحيات إضافية لسحب الجنسية من المواطنين الذين يفشلون في ” واجب الولاء” للدولة. واعتبرت ان تلك التعديلات” غامضة الصياغة ويمكن استخدامهها ضد منتقدي الحكومة”.
ورأت المنظمة ان التعديلات الأخيرة لقانون مكافحة الإرهاب وماوصفته بفشل نظام العدالة الجنائية في البحرين لتوفير محاكمات عادلة “توفر ذريعة قانونية أخرى للتجريد التعسفي من الجنسية” وفي ذلك “انتهاك واضح للقانون الدولي”.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة إن “البحرانيين الذين يتجرؤون على الحديث عن التغيير لا يتعرضون لخطر الاعتقال التعسفي والتعذيب فحسب، بل لسلب الجنسية والترحيل إلى مستقبل غير مؤكد.” ودعت السلطات إلى إعادة حقوق المواطنة على الفور إلى 10أشخاص من الذين يواجهون خطر الطرد والى 21 آخرين من الذين سلبت منهم الجنسية.
وأضافت ويتسن قائلة ان “الحكومة البحرينية تبدو مصممة أكثر من أي وقت مضى على إيجاد طرق جديدة وخبيثة لمعاقبة منتقديها ولقمع دعوات التغيير” مؤكدة على أنه “لا ينبغي إنتزاع جنسية أحد على خلفية الانتقاد السلمي للحكومة.”
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش وصفت في تقرير لها صدر في شهر مايو من هذا العام و بالتفصيل كيف ان محاكم البحرين تلعب دورا رئيسيا في الحفاظ على النظام السياسي القمعي في البلاد، مشيرة إلى الأحكام التي صدرت بحق منتقدي الحكومة الذين دعوا لإقامة جمهورية في البحرين.
ومما يجدر ذكره أن المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نصت “على أن لكل فرد حق التمتع بجنسية ما، وأنه لا يجوز حرمان أي شخص من جنسيته تعسفا”. فيما نصت المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه البحرين على أنه “لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده.” كما وأن لجنة حقوق الإنسان، وموثوقة هيئة الأمم المتحدة لتفسير العهد، ذكرت في العام ١٩٩٩ أن مفهوم “نطاق” بلده “أوسع من مفهوم” بلد جنسيته “وأنه ينطبق على الناس الذين تم تجريدهم من جنسيتهم في انتهاك للقانون الدولي.
* السلطة تهيمن على القانون
وقالت المنظمة بأنّ السلطة أدخلت في يوليو 2014 تعديلات قانونية حول الجنسية في البحرين تمنح بموجبه وزارة الداخلية سلطاتٍ لسحب الجنسية من أولئك الذين تعتبرهم يخالفون “واجب الولاء” للدولة، وهو أمر فضفاض، ومن الممكن أن يستخدم بسهولة ضد منتقدي الحكومة، بحسب المنظمة. ويتعاضد ذلك مع التعديلات الأخيرة لقانون مكافحة الإرهاب، إلى جانب فشل نظام العدالة الجنائية في البحرين في توفير محاكمات عدالة، وإصدار أحكام محايدة، وفي توفير ذرائع قانونية للتجريد التعسفي من الجنسية، وهو ما يُعدّ – وفق المنظمة – انتهاكا صارخا للقانون الدولي.
وطالبت المنظمة الحكومة بإلغاء القوانين التي تسمح للسلطات بتجريد المواطنين البحرانيين من جنسيتهم لأسباب غامضة وبحيث تكون تعسفية. وطالبتها بإعادة الجنسية وحقوق المواطنة كاملة وعلى الفور ل 10 مواطنين يواجهون الطرد، وإلى آخرين ممن تم سحب جنسياتهم في غياب الإجراءات القانونية العادلة في هذا الشأن.
وأشارت المنظمة إلى أن السلطات عرقلت الحق في الاستئناف الذين قُدّم في هذه القضية، ورفضت تبرير قرار سحب الجنسية من تسعة رجال وامرأة واحدة ممن لا زالوا في البلاد. وهم يواجهون اتهامات بمخالفة قانون الإقامة في ظل فقدانهم لأي تصريح بذلك.
وكان المحامي تيمور كريمي قد تم استدعاءه في 10 أغسطس الجاري إلى إدارة الهجرة والجوازات بتهمة انتهاك قانون الإقامة، والتي يُطلب منه وآخرين بالالتزام بها بعد سحب جنسياتهم. كما تلقى الزوجين مريم وسيد الموسوي استدعاءات مماثلة، وذلك في 13 يوليو الماضي، حيث استدعوا إلى إدارة الهجرة، وطُلب منهم التوقيع على إفادة تفيد بأنهم لم يقوموا باتخاذ أي إجراء لمراعاة قانون الإقامة، وأن عليهم السعي للبحث عن كفيل. وأوضحت المنظمة بأن نظام الكفيل المعمول به في البحرين، يُطبق على جميع العمال الأجانب المهاجرين، حيث يُصدر صاحب العمل لهم طلبات الإقامة في البلاد، وذلك على الرغم من أن قوانين تنظيم الهجرة والعمل لغير المواطنين لا تنص على بنود خاصة بمن تُجرّد منهم الجنسية، كما قالت المنظمة.
الموسوي قال للمنظمة بأنه عدا عن “رخصة القيادة”، فليس لدي ما يُثبت “أنني موجود هنا”، حيث صادرت إدارة الهجرة جواز سفره وبطاقة الهوية في يوليو 2012م.
وقال عدنان كمال، وهو أحد العشرة المسلوبة جنسياتهم، إلى هيومن رايتس ووتش بأن مصادرة جواز سفره وبطاقته الهوية “تعني أنه لن يتمكن من إصدار جواز سفر أو بطاقة هوية لابنته فاطمة البالغة من العمر سنة واحدة”.
وكانت وزارة الداخلية قد جرّدت في نوفمبر 2012 31 مواطنا من جنسيتهم بموجب المادة 10 من قانون الجنسية البحرينية لعام 1963 وذلك لأنها اعتبترهم يهددون أمن الدولة. وقالت بأنهم يمكن لهم استئناف هذا القرار. لكن الموسوي ومحاميه قالوا لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن أيا من ال 31 لا يمكن لهم الطعن في القرار لأن السلطات إزالة أسمائهم من قواعد البيانات الرسمية، مما يعني أنه لم يعد لديهم أي وضع قانوني، ولا يمكنهم منح توكيل للمحامين لتقديم الطعون بالنيابة عنهم.
وفي يناير من العام 2013، سمحت وزارة العدل سمحت إلى 9 من 31 لإعطاء توكيل للمحامين من أجل تقديم استئناف، وذلك بعد تدخل منظمة العفو الدولية. وقدم أحد المحامي اعتراضا بالنيابة عن إبراهيم كريمي، وهو أحد ال 31، قائلا فيه إن إلغاء جنسيته موكله غير دستوري. وينص دستور البحرين في المادة 7، أن المواطنين البحرانيين لا يمكن تجريدهم من جنسيتهم “إلا في حالة الخيانة العظمى، والحالات الأخرى التي ينص عليها القانون”.
وقد أيدت المحكمة قرار سحب جنسية كريمي في 29 أبريل 2014، مشيرة إلى أن القرار “يرتبط ارتباطا وثيقا بالأمن القومي”، ولك من دون أي تقديم أي دليل يدعم ذلك. وقال كريمي، الذي وصف نفسه بأنه ناشط سياسي، لمنظمة هيومن رايتس ووتش أنه من المتوقع أن يتم ترحيلهم، ولكن لا يعرف متى.
وفي 24 يوليو عام 2014، نشرت الجريدة الرسمية في البحرين تعديلات على قانون الجنسية 1963. المادة 10 تسمح لوزارة الداخلية، بعد موافقة مجلس الوزراء، تجريد جنسية الشخص الذي “يساعد أو يشارك في خدمة دولة معادية “أو الذي” يسبب ضررا لمصالح المملكة أو يتصرف بطريقة ما فيها مخالفة للولاء لها “.
وبالإضافة إلى 31 مواطنا، جرّدت المحكمة في أغسطس الجاري الجنسية من 9 من أصل 14 مواطنا أدينوا بتهم شملت المشاركة في منظمة غير مشروعة ولها علاقات مع إيران. وبموجب القانون الجديد، فإن قرار سحب جنسيتهم تتطلب موافقة الملك.
واستندت الإدانة على المرسوم التشريعي الصادر في 31 يوليو 2013 والذي ينص على سحب الجنسية من البحرانيين الذين يُدانون بانتهاك أحكام مختلفة من القانون الصادر في عام 2006 الخاص بمكافحة الإرهاب.
وقال محمد التاجر، محامي الدفاع عن ثلاثة من 14 المتهمين، لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن الإدانات استندت على اعتراف صادر من واحد من المتهمين. وأعرب التاجر عن قلقه القلق بشأن عدالة المحاكمة، بما في ذلك رفض السلطات السماح له للقاء موكليه، بينما كانوا رهن الاحتجاز قبل المحاكمة. وقال إن بعض المتهمين زعموا أنهم تعرضوا للتعذيب، إلا أن القاضي رفض السماح لهم بالكشف عن آثار التعذيب أمام المحكمة أو الشروع في إجراء تحقيق مستقل في مزاعم التعذيب.