البحرين اليوم – (خاص)
تكشف (البحرين اليوم) في هذا التقرير عن معلوماتٍ خطيرة تحصّلت عليها مؤخرا، تشير إلى وجود خطة مبيّتة لتصفية سجين الرأي الشيخ زهير عاشور المسجون في سجن جو المركزي في البحرين.
في سياق هذه المعلومات، تؤكد (البحرين اليوم) صحّة الخبر الذي تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي قبل أسبوع، وتحديدا في يوم (الجمعة 16 يناير الجاري)، والذي أشار إلى أن الشيخ زهير عاشور أوصى بأن يُوارى الثرى ويُدفن في مقبرة كرزكان، مسقط رأسه، في غرب البلاد، وذلك في حال وافته المنيّة داخل السجن. وقد أكّد الشّيخ عاشور ذلك بقوله: “إنني إذا متُّ أو قُتلت؛ فأريد أن أُدفن في مقبرة كرزكان، وإذا قاموا بدفني في مقبرة أخرى؛ فوصيّتي أن يُنقل جثماني إلى مقبرة كرزكان”.
لم تكن تلك الوصيّة مجرّد تعبير رمزي أو أمنيّة مقطوعة الصّلة عما يجري، حيث استشعرَ الشّيخ عاشور من خلال التحرُّكات المريبة للضبّاط في سجن جو؛ أنّ أمرا مُدبَّرا يُحاك ضده، وقد يتمّ تنفيذه في أيّة لحظة. وبحسب المعلومات، فإنّه سيتم هذه المرّة استخدام سجين جنائي “مؤهل” للقيام بارتكاب الجريمة، لكي تُخلي إدارة سجن جو، سيء الصيت، مسؤوليتها من التبعات الناجمة عن هذه الجريمة في حال وقعت.
“الجرد”: مجرم ينتهز فرصة الانتقام
تعود تفاصيل القصّة إلى مواجهة حدثت قبل أكثر من أسبوعين بين الشّيخ زهير عاشور، وسجين جنائي متوحّش يُدعى “الجرد”، حيث تصدى عاشور إلى الجّرد حين كان الأخير يهم بالاعتداء جنسيّا على أحد السّجناء السّياسيين، فنهره الشّيخ عاشور ومنعه عن ارتكاب هذه الجريمة، والسّجين الذي كاد يكون ضحيّة هذا الاعتداء الآثم هو من مواليد 1994م، يُدعى (ع. م)، وهو مصاب باختلال عقلي نتيجة التّعذيب.
وقد عمِد الضّباط إلى توظيف تلك الحادثة، ورغم أن الجّرد “مجنّد” من قِبل الضّباط ويتولّى “وظيفة” التجسُّس على السّجناء السّياسيين ويُثير المشاكل بينهم؛ إلا أنهم قاموا بالتقرُّب إليه أكثر بعد تلك الحادثة، وبالغوا في ذلك، حيث جلسوا معه جلسة وديّة لما يزيد على الثلاث ساعات!
والجّرد (من مواليد 1985)، اسمه الحقيقي أحمد عباس، وهو سجين جنائي مصاب بمرض الكبد الوبائي المعدي من الدّرجة الخطيرة، ويعتقد السجناء أنه مصاب بمرض الإيدز أيضا، لكنه ما زال يتمتّع ببُنية قويّة، ويُعتبر من أخطر السجناء الجنائيين في سجن جو. كما أن لديه أخوين مسجونين على خلفية قضايا جنائيّة أيضا. ويعود أصل عائلتهم إلى منطقة الدراز، ولكنهم انتقلوا للسكن في منطقة الرفاع منذ زمنٍ بعيد.
وبالعودة إلى “الجّرد”؛ فإن حوادث الشّجار التي يفتعلها مع السّجناء لا تنتهي، وينقل أحدهم أنه ذات مرة وبسبب مشادة كلاميّة بينه وبين أحد السجناء؛ قام “الجّرد” بملأ ماء مغلي في (سطل)، ثم انتهز فرصة قيام السّجين بأداء الصلاة، وخلال الرّكوع؛ قام بسكب الماء المغلي على جسمه، انتقاما منه لسببٍ “تافه”.
الفرق بين مشاكل “الجّرد” السابقة وبين مشكلته الحالية مع الشيخ زهير عاشور؛ هو أنّ “الجرد” ينال العقوبة في كلّ واقعة شجار أو جريمة داخل السجن مع النزلاء الآخرين ( بحسب نوع المشكلة)، وهو الأمر الذي تسبّب في ارتفاع أحكامه من 6 أشهر إلى المؤبد، ومن داخل السجن، إلا أن “الجرد” هذه المرة ينتظر “مكافأة كبيرة” في حال نفّذ انتقامه الشّخصي، لأن وراء ذلك انتقام آخر يقوم به نيابةً عن ضبّاط السّجن.
المهمة المطلوبة من “الجرد”
بحسب المؤشرات الواضحة داخل السجن؛ فإن المطلوب هو أن تقع مواجهة عنيفة بين “الجرد” والشّيخ عاشور، وتكون أقلّ نتائجها هو نقل مرض الكبد الوبائي للشيخ عشور (وهذا الأمر ممكن عن طريق العضّ)، إنْ لم يكن بالإمكان قتل الشّيخ مباشرة. مقابل ذلك، يحصل “الجرد” على امتيازات خاصّة في السّجن، من بينها تمكينه من إشباع غريزته وشذوذه الجنسي، وهي وعود لن يفي بها الضّباط بالضّرورة، حيث إنّهم ينوون التخلّص من “الجرد” بعد أن “يتخلّص” هو من الشيخ زهير عاشور.
ويحرص الضباط على أن تحدث المواجهة أمام كاميرات المراقبة، لاستخدام ذلك كـ”دليلٍ” على عدم مسؤوليتهم في الواقعة.
ما هو العرض المقدم للجرد
ترجح المعطيات بأن الضباط، وبطريقة خبيثة، أوهموا “الجرد” بأنّ انتقامه من الشيخ زهير عاشور؛ سيكون سببا لخلاصه من السجن، وبعد فترة ليست طويلة، حيث سيحصل – نظير جريمته – على تقرير طبي يكشف عن إصابته بخللٍ عقلي، وأنه غير مسؤول عن تصرفاته، وبعد فترة وجيزة يتمّ نقله من السّجن إلى المستشفى. وبما أنه مصاب أصلا بمرض خطير وقاتل، فيمكن تخليصه من السجن بحجّة إطلاق سراحه “لدوافع إنسانية”.
وإلى أن يُنقل “الجرد” إلى المستشفى، بعد قيامه بالجريمة؛ فإنه سيتمتّع ببعض المميزات في السّجن، ويتم دمجه مع السّجناء “الشّاذين” ليشبع رغباته المحرّمة.
إلا أنّ المؤشرات الواردة؛ تؤكّد أن إدارة السجن تريد التخلص من “الجرد” أيضا، لأنه يتسبّب لهم بمشاكل كثيرة، ولذلك فإنهم سيعملون على التخلص منه، وفور أن ينفذ جريمته ضدّ الشيخ زهير عاشور. وتعتقد إدارة السجن بهذه المكيدة؛ بأنها تثبت أن وزارة الداخلية، أولا، غير مسؤولة عن الواقعة، وباستخدام كاميرات المراقبة كدليل على ذلك، وثانيا تؤكد الحقّ في إنزال “العقوبة القاسية” على “الجرد”، والتخلص منه نهائيّا.
اتهام الشيخ زهير عاشور بالتحريض على قتل شرطي
هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استخدام بعض السّجناء الجنائيين من ضعاف النفوس؛ للإيقاع بالسّجناء السّياسيين، وذلك لكي تبرّر إدارة السجن، والأمن الوقائي تحديدا، اجراءاتهم التعسفيّة وانتهاكاتهم ضد السّجناء السياسيين والإمعان في تنفيذ سياسات التضييق والحرمان ضدهم.
يقول أحد السّجناء الجنائيين بأنه شاهد عيان على حادثة “الشّجار” التي وقعت في مبنى العزل بين السجين السياسي علي الوزير، وأحد الحراس، وذلك في نهاية شهر أغسطس من العام الماضي. ويؤكد السجين الشاهد على أن الشيخ زهير عاشور كان في الزنزانة رقم (8) بينما كان علي الوزير في زنزانة رقم (6). في تلك الفترة؛ لم يكن مسموح للسجناء بالحديث مع بعضهم أو الالتقاء، ووصل التضييق في حينه إلى حدّ أن إدارة السّجن كانت تسمح بخروج كل سجين على حدّة للتريّض والتشمُّس، بينما كان الشيخ زهير عاشور ممتنع أصلا عن الخروج، وطيلة تلك الفترة، بسبب الإهانات والتعدّيات الحاطّة بالكرامة التي يتعرّض لها.
ويضيف الشاهد بأن واقعة الشجار بين الشرطي المدعو (علي جبر)، والسجين علي الوزير؛ وقعت عند كبينة الاتصالات، وأن الشّيخ زهير عاشور لم يكن يعلم أصلا بوقوع الحادثة. ويلفت الشاهد الانتباه إلى كاميرات المراقبة المنصوبة عند كبينة الاتصالات والزنازين، والتي من خلالها يمكن التأكد من صحة هذه الشّهادة.
“حمامو”: جنائي في خدمة الأمن الوقائي
إلا أنّ الأمن الوقائي استخدم سجينا جنائيّا يُدعى إبراهيم منصور ( 24 عام)، ومعروف بلقب “حمامو”، وهو من سكنة منطقة كرزكان، لكن مسقط رأسه يعود إلى منطقة المالكية، ويقضي “حمامو” أحكاما بالسجن تبلغ 20 سنة، على خلفية قضايا أخلاقيّة. قام المدعو “حمامو” – بالتّعاون من الأمن الوقائي – بتقديم شهادة زور ضد الشيخ زهير عاشور، ادّعى فيها بأن الشيخ قام بتحريض السجين السّياسي علي الوزير على قتل الشرطي. وقد سبق للسجين “حمامو” أنْ تمّ استخدامه أكثر من مرّة لتوريط السّجناء السّياسيين والإيقاع بهم. وفي تلك الفترة أيضا قام “حمامو” بالاعتداء على السّجين السياسي صادق الغسرة، حيث سكبَ “الشاي الحار” على وجهه، ودون أي سبب أو مبرّر، وذلك بهدف استفزازه وجرّه للرد، ومن ثم يتدخل الأمن الوقائي لتحويل الضحية إلى مجرم، كما جرت العادة في مثل هذه الحالات المفتعلة.
ومنْ يراجع بيان “الأمانة العامة للتظلمات” الذي صدر يوم (الأربعاء 20 يناير الجاري)؛ يتوقف عند ما ورد في البيان من أنّ هناك شاهدا ضد الشيخ زهير عاشور في قضية التحريض على القتل. لكن “الأمانة”، وغيرها من المؤسسات المتواطئة، لن يستندوا في هذا البيان على شهادات السّجناء السياسيين الذين كانوا في العزل، وإنما بنوا روايتهم المدبرة على أقوال المدعو “حمامو”، والذي قدّم شهادته المزوّرة مقابل إغراءات بسيطة داخل السجن، مع وعود مشكوك فيها بإطلاق سراحه.
من محطات التعذيب
ذكرت عائلة الشيخ زهير عاشور جانبا من تفاصيل التعذيب الوحشي الذي تعرض له الشّيخ عاشور بعد نقله من مبنى 15 على إثر واقعة “الشجار” بين السجين علي الوزير والمرتزق المدعو (علي جبر). والإضافة في هذا الملف؛ هو أن الضّابط المدعو أحمد العمادي كان أحد الذين أشرفوا على تعذيب الشيخ عاشور.
ويضيف سجين – نقلا عن لسان الشّيخ عاشور – بأنّ الشّيخ وأثناء إعادته إلى مبنى 15 تمت مصادرة نظارته الطبية، ورافقه في الباص الشرطيان علي عبد الرزاق ومعين ( من أصول يمنية). وقد تم وضْع الشّيخ في المقعد الخلفي، بينما كان الشرطيان يجلسان في المقاعد الأمامية، ويقول الشيخ عاشور بأنه كان يتلقى الضرب من الخلف، من غير أن يتمكن من التعرُّف على الأشخاص الذين كانوا يقومون بضربه في تلك الوضعيّة.
في اليوم التالي من تلك الحادثة؛ زار الضابط العمادي الشيخَ عاشور، وسأله مستهزئا: “طقّوك” (أي ضربوك)؟. وتابع العمادي: “من هم هؤلاء علي عبد الرزاق ومعين؟”، والواضح أن سؤال الضابط كان للتأكد بأنّ الشيخ عاشور لم يتعرف على منْ كان يقوم بضربه من الخلف داخل الباص.
في تلك الفترة أيضا؛ كان الشيخ زهير عاشور يتعرض للإهانة والسب وسوء المعاملة الحاطة بالكرامة، حتى أنه فقد صبره، ووقف في وجه الجلاوزة في يوم من الأيام، وقال لهم باللهجة الدارجة: “مصختونها” (أي أنكم تماديتم كثيرا).
جرس الإنذار
من سجن مبنى 15 عنبر 1 إلى مبنى 4 بدأت محطة جديدة من العذاب النفسي، ولكنها المحطة الأكثر خطورة، وفي هذا التقرير الخبري الخاص؛ تطلق (البحرين اليوم) مخاوف جديّة من مغبة ارتكاب جريمة بحق الشيخ زهير عاشور، وتحّمل إدارة سجن جو وقسم الأمن الوقائي تحديدا – المرتبط بجهاز الأمن الوطني – مسؤولية أي ضرر يتعرض له الشيخ عاشور في مبنى 4 الذي هو مخصص للمصابين بأمراض معدية وخطيرة، ولا ينطبق تصنيف الشيخ عاشور مع تلك الفئة.
وحتى لا تقع الجريمة، وقبل أن تُسارع إدارة سجن جو وزارة الداخلية لتبرئة نفسها؛ فإننا نضع هذه المعلومات أمام الرأي العام، وأمام عائلة الشيخ عاشور، وكلّ جهة معنية داخل البلاد وخارجها، مؤكدين على مصداقيّة المعلومات التي حصلت عليها “البحرين اليوم” من مصدر موثوق، يتعذّر الإفصاح عنه لأسباب أمنيّة معروفة للجميع.