مشاهدات بحرانية من الجولة الحقوقية الأوروبية لـ(ADHRB) و(BIRD)
البحرين اليوم – (خاص)
بعد أن تعوّدنا على الصورة النمطية للعمل الحقوقي في الخليج، نرى مؤخرا تحوّلاً حقوقيا مدروسا على صعيد الرؤية والعمل المؤسساتي، وعلى النّحو الذي أدى إلى تطوّر آلياته وأهدافه ومنهجيته، ما انعكس إيجابا على المشهد السياسي فيما يسمى بدول مجلس التعاون الخليجي، وعلى وجه الخصوص في البحرين وشبه الجزيرة العربية. والمتتبع للملفات الحقوقية و الإعلام العالمي يدرك جيدا هذا الكلام.
إن الجولة الحقوقية التي قامت بها كلٌّ من منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية في البحرين (ADHRB) ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية (BIRD)، والتي ابتدأت من العاصمة النرويجية أوسلو، مرورا بالعاصمة الجورجية تبليسي، ليحطوا الرحال بعدها في العاصمة الألمانية برلين؛ قبل أن يتوجهوا إلى العاصمة النمساوية فيينا، ليواصلوا بعد ذلك جولتهم الاوربية إلى عدة عواصم أخرى؛ (هذه الجولة) كانت لي فيها مشاهدات مباشرة، حين رافقتهم في بعض اللقاءات المكثفة التي تمّ عقدها مع العديد من النواب في البرلمان الألماني، وممثل رئيسة الوزراء في جمهورية ألمانيا الاتحادية، السيدة أنجيلا ميركل، بالإضافة إلى مسؤول الملف الخليجي في وزارة الخارجية الألمانية، فضلاً عن مختلف المنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني والوسط الإعلامي.
في الواقع، إن الجهود التي تقوم بها (ADHRB) و(BIRD) تستحق تلسيط الضوء عليها، وأستطيع أن أقول إنها جهودٌ وتجارب جديدة على الساحة الحقوقية في الخليج، الذي يشهد تراجعا حقوقياً، و”مكارثية” تجعل من البحرين والسعودية والإمارات وقطر، خاصةً، من بين أسوأ الدول التي تنتهك حقوق الإنسان، وإنْ كان النظام الخليفي والسعودي هما الأكثر صدارةً على هذا الصعيد.
لولا أنني أخشى أن يستفيد النظامان الخليفي والسعودي من تسريباتي لما دار في الاجتماعات بين ( ADHRB) و(BIRD) وبين الجهات والشخصيات التي تمّ الاجتماع معها؛ لذكرت الكثير من الإنجازات الحقوقية التي يعجز النظام الخليفي والسعودي عن تحقيقها، برغم ما ينفقه كلاهما من عشرات الملايين على شركات العلاقات العامة التي تسعى لتجميل وجههما البشع على المستوى الدولي.
غالبية منْ تم الاجتماع معهم من الجهات والشخصيات الرسمية والأهلية؛ أقرّوا أن البيانات والتصريحات ليست كافية اليوم للدفع بالملف البحراني، وطالبوا ( ADHRB) و(BIRD) بوضع تصورات واقتراحات وآليات وخطة عمل حقوقية مجدْوَلة للتحرُّك الجاد والمشترك بينهم وبين (ADHRB) و(BIRD) اللتين قدّمتا – على الفور – جزءاً كبيراً مما تم طلبه منهم، ورفعوا تقاريرهم إلى مكاتبهم الرئيسية في واشنطن و لندن لإنجاز ما تبقى تسليمه.
الجدير بالذكر، أن الغالبية ممّنْ تم مقابلتهم من جهات وشخصيات طلبوا من (ADHRB ) و(BIRD) تقاريرهم الحقوقية لتكون مرجعاً لهم مع تقرير البرفيسور السيد محمود بسيوني، لما تمثله هاتين المؤسستين الحقوقيتين – إلى جانب مركز البحرين لحقوق الإنسان – من سمعة مرموقة في البلدان المتحضرة..
اليوم العمل الحقوقي أصبح بحاجةٍ إلى هكذا عقلية احترافية تديره، وهو يحتاج إلى أن يتجاوز مرحلة الاكتفاء بإصدار البيانات والإدانات و”الإعراب عن القلق” والتوثيق وإطلاق الحملات في وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي، أو الاكتفاء بحضور قمة في جنيف أو حضور جلسات متابعة للتوصيات، أو عقد مؤتمرات وندوات جانبيه، أو إنشاء تكتل حقوقي في عواصم عربية معينة!
ما رأيته من عمل قامت به (ADHRB ) و(BIRD) أشبه بوزارة خارجية متنقلة بين البلدان المؤثرة، وحري بباقي المؤسسات الحقوقية في البحرين والخليج، أن تحذوا حذوهم في العمل الحقوقي، وأوجّه ندائي هنا إلى مجلس إدارة (ADHRB ) و (BIRD) بإنشاء معهد لتخريج نشطاء وكوادر وإدارات متخصصة في المجال الحقوقي، والتدريب على وضع الخطط والبرامج الحقوقية.
ختاماً، أشكر منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية في البحرين و معهد البحرين للحقوق و الديمقراطية لإتاحتهما لنا الفرصة للحضور والاستفادة من تجربتهم في العمل الحقوقي المؤسساتي، وأتمنى من باقي المؤسسات الحقوقية والسياسية أن تأخذ بيد المغتربين البحرانيين في المهجر كما فعلت هاتيين المؤسستين من البحرانيين اللاجئين في برلين.