مراجعات ثورية
البحرين اليوم – مقالات
بقلم: علي الديهي
المبادئ لا تُراجَع ولا تَراجُع عنها، فإنها ثوابت لكل خطٍّ ومنهج، والكلام في الخطط والتكتيكات التي من شأنها أن تحقّق الأهداف من الحركة القائمة، فمن الطبيعي، بل من الواجب، أن تعكف الجماعات على مراجعة دورية لمواقفها وتحالفاتها، فتصحّح مساراتها الخاطئة وتعزّز الصحيح منها.
في ثورة الرابع عشر من فبراير، لابد من مراجعة دورية شاملة للممارسات القائمة، وعلى كافة المستويات، السياسية، الميدانية، الإعلامية، العلاقاتية، الاقتصادية، الثقافية، وغيرها.
وهنا إثارات عامة، وعلى المعنيين الاستجابة لأداء دورهم المأمول:
يمكن القول بأن هناك انعدام للدور السياسي المنوط بالمعارضة، السياسية والثورية، وهناك اعتبارات قد نتفق أو نختلف معها، منها:
– الالتزام الضمني بقوانين ظالمة أو على أقل التقادير وضع خط رجعة مع النظام.
– عدم القدرة على الاستقلال في القرار.
– ضعف الكوادر في الجانب السياسي وعدم أهليتهم.
– عدم الانسجام الفكري في عملية التنسيق الداخلي.
– عدم الاعتراف بالآخر.
– الافتقار وعدم الاستعانة بالعقل السياسي المخضرم وصاحب التجربة.
أمّا على المستوى الميداني، فالجماهير تقوم بدور جيّد إلى حد ما، وهي الرقم 1 فيه، إلا أن الدافعين بالحراك يعانون من بعض الإشكالات:
– محاولة تبريد الساحة مع المفاوضات السرية، التي كانت فاشلة طوال الثمان سنوات الماضية.
– إظهار شعارات تتصادم مع المسار الثوري.
– صراع النفوذ المناطقي.
– عدم اتباع تكتيكات تُتْعب العدو وهي سهلة التتفيذ ومنخفضة التكلفة.
– عدم ارتقاء مستوى الحس الأمني.
إعلامياً، رغم وجود مئات المتفرغين لهذا الجانب ولكن الوضع في الجماعات يشتكي من التالي:
– غياب الاستراتيجية المشتركة.
– التصادم العلني والخفي.
– تحوّل إعلاميي الجماعات المنظّمة لعمل الشبكات المناطقية الخبرية.
– تجاهل ضرب نقاط ضعف العدو بالإضافة إلى عدم الاحتفاء بنقاط قوة الثورة.
– التأثير البيني الناعم وعدم التأثير على العدو وجماعته.
وعلى مستوى العلاقات العامة، فهناك عمل محمود لبعض الجماعات، وانكسار في أغلبها، وهذا راجع للأسباب التالية:
– عدم اعتبار العلاقات العامة مدخلاً رئيسياً لتوسّع عمل الجماعة، وهذا ناجم عن قلّة الخبرة.
– الإحساس بعدم الحاجة لتكوين علاقات مع الأحزاب والدول، لانعدام وجود المشروع السياسي أصلاً.
وفي مسألة التمويل للجماعات، هنا تثبت لنا مسألة قد شدّد عليها رمز إسلامي وسياسي كبير وهو الإمام الخميني الراحل، حينما قرّر استقلالية الحوزات عن الدعم الرسمي لكي تبقى مرجعيتها خارج الضغط السياسي ولتبدي مواقفها دون خوف من أيّ شيء، ولتمارس دورها الشرعي بحريّة. ولينطبق مثل هذا الكلام على جماعات الثورة والسياسة، وطوبى لمن سعى ليكون سيّد نفسه.
وآخر جانب سيتم التطرق إليه هو الجانب الثقافي، وهو ذا شجون، رغم أولويته وصدارة موقعيته، إلا أن إهمال الجماعات له واضح وجليّ، ولا يحوز على الاهتمام المطلوب، فهو الجانب المظلوم ظلماً فاحشاً، رغم تأكيد القيادات على ضرورة حضوره الدائم وفي كل المحافل.
هذه بعض الإشكالات التي تحتاج لمراجعة جدية من قِبَل الجماعات، لتمضي في طريق تحقيق أهداف الثورة ورفع الظلامات عن شعبنا المستضعف.