متى يهرب حاكم البحرين للأمام؟
البحرين اليوم – مقالات
بقلم: يعقوب الستري – كاتب من البحرين
تعوّد شعب البحرين من الحاكم الخليفي على سياسة المكر والخداع والإلهاء، وإنْ استلزم الأمر تم تفعيل سياسة “الهروب للأمام”، وهي -لديه- في أعلى قمة العمل غير المتّسم بالعنف الظاهري، بل يقتصر على “العنف السياسي”، وهو ما يمكّن الناس من مواجهته بما يتناسب والوضع الأمني.
في أول مرة استخدم حمد الخليفة سياسة “الهروب للأمام” في عام ٢٠٠٢م، حين ألغى الدستور العقدي وأصدر دستور المنحة غير الشرعي، وحوّل نظام الحكم من إمارة إلى مملكة، وأعلن عن إجراء انتخابات برلمانية وبلدية وفق مقاسات ديكتاتوريته.
هرب حمد للأمام ليبتعد عن وعوده المكتوبة والمنشورة في صحفه الصفراء، ومع أن الجماهير استوعبت الخديعة مبكراً، إلا أن الخبرة لم تكن تواكب القدرة السياسية الفائقة للنظام الذي كان يستعين بالفقهاء الدستوريين وعلماء البلاط، مع رفعه للعصا تارة والجزرة تارة أخرى.
بذرة التمرّد ظلّت في النفوس، تسقيها ظلامات كثيرة وكبيرة، إلى عام ٢٠٠٥م، وقبل انتخابات الفصل التشريعي الثاني للبرلمان، صار لزاماً أن تنفكّ عرى التربيت على اسطوانة “المشروع الإصلاحي” المزوّر، وآن أوان السير ضد التيّار، حينها أينعت أصوات البراءة من مؤسسات الحكم الخليفي ورموزه.
استمر حمد الخليفة في رفع العصا والجزرة لكل مناوئيه، وصار يستعمل العصا بين عام وآخر، إلى أن هبّت رياح الصحوة والربيع، ومرّت على المنامة، ولاح شريط الذكريات على حمد، هنا استجمع قِواه، وظهر على التلفاز، و “هرب للأمام” حينما أمر بتشكيل لجنة تحقيق في استشهاد الشابين علي مشيمع وفاضل المتروك، اللذان قُتِلا في أول يومين من انطلاق ثورة ١٤ فبراير، كما حاول رشوة الجماهير عبر توزيع مبلغ ١٠٠٠ دينار بحريني لكل عائلة.
باءت محاولاته بالفشل الذريع، فالقطار انطلق، ولا عودة للوراء، ومُسِح المربع الأول من القاموس الشعبي، فكان الحل الخليفي كالتالي: دخول قوات درع الجزيرة لأرض البحرين، الهجوم على المناطق وتفعيل البلطجية، قمع الاعتصام المركزي بميدان الشهداء واستباحة كل شيء يتعلّق بالشعب من أموال وأنفس وممتلكات.
حمد الخليفة لا يفقه في السياسة حرفاً، وكان قصير النفس مع معارضيه، ممّا خدم مشروع الخط الممانع، وصار قادة ومريدو هذا الخط صفاً أولاً في مواجهة مشروعه التخريبي، ولمّا يستفيق من كوابيسه المرعبة التي تسبّب بها هؤلاء.