متابعات: وهب ولي عهد البحرين ما لا يملك!
البحرين اليوم – (خاص)
متابعات
ما ورء الخبر
خصّص ولي عهد البحرين ورئيس وزرائها سلمان الخليفة قطعة أرض لبناء أول معبد هندوسي في البلاد وثاني معبد في منطقة الخليج من نوعه. جاء التخصيص الرسمي خلال استقبال سلمان لوفد من الطائفة الهندوسية أواخر الشهر الماضي. وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أعلن في فبراير الماضي نبأ سماح البحرين ببناء كنيس هندوسي، بعد مكالمة وصفها بالحارة مع ولي العهد الخليفي سلمان, وشكره على على ما وصفها “هبة الأرض التاريخية” لبناء معبد “سوامينارايان” لطائفة “أكشار بوروشوتام”.
أتى التخصيص في وقت تشهد فيه الهند تحت قيادة حكومة مودي حملة قمع واسعة وتمييز ديني ضد المسلمين وأخيرا إساءة متحدثين باسم حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي المتطرف الحاكم للنبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم, ما أدى إلى خروج تظاهرات في الهند قمعتها السلطات بشدة واعتقلت عشرات المسلمين. وبرغم هذا القمع وهذه الإساءة فإن زعيم الطائفة الهندوسية في البحرين لم يدن تلك السياسات ولا الإساءة للرسول الأكرم. كما تجدر الإشارة إلى أن هذه الطائفة اتهمها مكتب التحقيقات الفدرالي في أواخر العام الماضي باستخدام السخرة في المعابد في جميع أنحاء الولايات المتحدة، مع استغلال مئات العمال من الطبقات الدنيا من الهند.
ورغم ذلك أتى التخصيص تحت شعار التسامح الديني في البحرين! وهو إدعاء أثار سخرية البحرانيين! فالنظام الحاكم في البحرين يمارس سياسات التمييز الطائفي ضد أهل البلاد الأصليين, وهو تمييز وثقته المنظمات الحقوقية الدولية فضلا عن حلفاء النظام وداعميه وخاصة الولايات المتحدة. فلجنة الحريات الدينية في وزارة الخارجية الأميركية لا يخلو تقريرها السنوي بشأن الحريات الدينية في العالم ومنذ سنوات من سرد سياسات التمييز الطائفي والتضييق على الحريات في البحرين.
إذ تشير تلك اللجنة إلى التضييق على ممارسة الشعائر الدينية لاسيما في شهر عاشوراء وإلى التمييز في تولي الوظائف الحكومية في قطاعات الأمن والجيش وقطاعات أخرى, إضافة إلى التضييق السياسي وإقصاء المعارضة وغيرها من السياسات التمييزية التي لا تعد ولا تحصى. كما أن هذه السلطات التي تخصص قطعة أرض لبناء معبد هندوسي, أقدمت في العام 2011 مستعينة بالجيش السعودي على هدم أكثر من ثلاثين مسجدا ودور عبادة لا يزال العديد منها مهدما ولم تعد بنائه.
وبالعودة إلى تخصيص ولي العهد قطعة أرض لبناء ذلك المعبد, يثير بحرانيون أسئلة عن مدى شرعية هذا التخصيص؟ فهل من حق العائلة الخليفية التحكم بأرض البحرين ووهبها لمن تشاء؟ فهل البحرين ملك صرف لعائلة آل خليفة التي لا جذور لها في البحرين, ولكنها احتلتها بالقوة عام 1783 بعد أن قدمت من الزبارة في دولة قطر المجاورة؟ وهل يحق لآل خليفة وهب أراضي البحرين للأغراب في وقت تصادر فيها أراضي أهل البحرين وتستولي على سواحلهم وعلى موانئهم وتحولها إلى ملك خاص للعائلة؟
فقد وزعت السلطات جزءا كبيرا من الأراضي مجانا على أفراد في العائلة في ظل غياب الرقابة المالية والاقتصادية منذ حل البرلمان أواسط السبعينات من القرن الماضي. فمنذ ذلك الوقت وزعت الأراضي القريبة من البحر على أفراد في العائلة الخليفية في وقت يقف فيه آلاف البحرانيين في طوابير للحصول على سكن. ثم جاءت عمليات دفن البحر التي قادها ولي العهد الخليفي سلمان الذي حولها إلى منتجعات سياحية استثمارية يملكها شخصيا, ما أدى إلى تدمير الحياة البحرية وتقليص السواحل بشكل كبير, وعلى سبيل المثال خليج توبلي الذي تقلص طوله إلى أقل من 10 كيلومترات بعد أن كان حوالي 24 كيلومترا. ويعد الخليج بيئة بحرية مهمة ومزارع للأسماك والروبيان ما أثر على الكثير من البحرانيين الذين يمتهنون مهنة الصيد. لقد قدرت الثروة التي جمعها ولي العهد من دفن البحر بعشرات مليارات الدولارات التي وجدت طريقها إلى حسابات ولي العهد في وقت يعاني فيه البحرانيون ومنذ سنوات من أزمة اقتصادية وبلادهم من عجز في الموازنة.
وأما المثال الآخر لعبث الخليفيين بموارد البلاد والسيطرة على أراضيها فهو مرفأ البحرين المالي في العاصمة المنامة الذي افتتح في 2007 وتبلغ مساحته 380 ألف متر مربع, ويضم عدد من المعالم الشهيرة مثل مركز التجارة العالمي البحرين، وأبراج اللؤلؤ، وبنك البحرين الوطني. هذه الأرض الشاسعة اشتراها رئيس الوزراء المقبور خليفة الخليفة عم حاكم البحرين الحالي بدينار واحد لا غير. وقد تضاعفت ثروة خليفة عقب استحواذه على الميناء لتتجاوز أكثر من 50 مليار دولار حتى بات شريك ملك تايلند السابق في سلسلة فنادق كمبنسكي فضلا عن استثمارات في مختلف أنحاء العالم خاصة في جنوب شرق آسيا.
وأخيرا وليس آخرا هناك مثال بارز آخر للاستحواذ الخليفي على الأرض هو جزيرة أم النعسان فهي رابع أكبر جزيرة في البحرين بعد جزيرة البحرين وجزيرة حوار وجزيرة المحرق. هذه الجزيرة يملكها الحاكم الخليفي حمد ويحظر على المواطنين الوصول إليها, أي إنها تحولت إلى ملك شخصي لحمد. شيد فيها حمد عددا من القصور والحدائق. وقد أعلن أفراد عدة من قرى دمستان والمالكية وكرزكان قبل سنوات عزمهم القيام برحلة بحرية إلى جزيرة أم النعسان إلا أن الرحلة ألغيت بعد أن أصدرت وزارة الداخلية الخليفية بيانا ادعت فيه أن الجزيرة خصصها حاكم البحرين لأغراض عسكرية!
ولذا فإن تخصيص ولي العهد الخليفي قطعة أرض لبناء معبد هندوسي, يندرج في إطار سياسات اغتصابهم لأرض لا يملكونها ولا جذور لهم فيها فلم يكفهم احتلالها وتحويلها إلى ملك عائلي بل يهبون ما يشاؤون من أرضها تحت شعار التسامح الديني، في إطار تبييض صفحتهم السوداء المليئة بسياسات التمييز الديني والطائفي ضد أهل البحرين.