متابعات: هل ينجح الخليفيون بإغلاق ملف “سجن جو” بإصدار الأحكام الجماعية؟
البحرين اليوم – (خاص)
متابعات..
ما وراء الخبر
بالحكم على 57 مواطناً معتقلاً بالسجن 15 سنةً، وبغرامات مالية تصل إلى زهاء 508 آلاف دينار، اختار الخليفيون “إغلاق” ملف أحداث سجن جو التي اندلعت في 10 مارس 2015م. إنها، إذن، العقليّة “الخليفيّة” التي لا يعرف أهلُ الشّر في قصور الرّفاع، وملاحقها، التخلي عنها، منذ أن وطأت أقدامهم أرض أوال، “غزاةً محتلّين”، كما يحلو للمعارضين “الثوريين” التعبير عن تلك المرحلة “السوداء” التي بدأت معها البلاد الدخول في حقبة “موروث الغزو”، كما يعبر الأكاديمي البحراني عبد الهادي خلف.
الناشط الحقوقي ناجي فتيل، المعتقل المحكوم، زاد رصيده 15 سنةً جديدةً، ليكون أبرز شبّان بلدة بني جمرة الذين حُكموا في هذه القضيّة، وبلغ عددهم من البلدة تسعة مواطنين معتقلين.
فتيل الذي لا زال ظهره يشهدُ على شكل النياب والسياط التي تُدير سجن جو المركزي، كان محلا للاستهداف طوال الأشهر الماضية، حيث كان يُتهَم بدوره التوثيقي للانتهاكات التي وقعت في السجن، وهو داخل قضبانه. أيّ أن الجريمة التي يحملها فتيل، إلى جانب العشرات الآخرين، هو أنهم فضحوا “الهولوكست” المصغّر الذي نفذه آل خليفة في السجن الأكبر بالبلاد، وخلال أشهر متواصلة، وباستعمال “أبشع الوسائل في التعذيب الجسدي والنفسي”، كما تقول تقارير حقوقيّة محلية ودولية.
استعمل الخليفيون “المرتزقة” لأداء تلك المهام القذرة. تولّى الدرك الأردني إدارة تلك المهام، تأسيساً على البنية التكفيريّة و”الوحشيّة الصحراوية” التي يُعرَف بها ضبّاط الأردن العاملون في أجهزة القمع والتعذيب الخليفيّة. والحصيلةُ كانت مشاهد “تُشبه ما فعله آل سعود حينما حلّوا واحتلّوا البلاد في مارس 2011م”، كما يقول أحد قادة الثورة المعتقلين، والذين كانوا شهداء على “أصوات” الضحايا و”حفلات” الإبادة المجزأة التي نُفذت في سجن جو، وعلى النّحو الذي دفعَ القيادي المعتقل، الدكتور عبد الجليل السنكيس، لكي يُضرب عن الطعام منذ بدء الأحداث، وحتى اليوم.
علي صنقور، بطل “الصدر العاري” في فتح دوار اللؤلؤة، ورافع المصحف الشّريف في وجه الرصاص، لازال على موعدٍ مع الانتقام، وحسابات آل خليفة معه كانت مفتوحة، لينال 15 سنة إضافية في سجل الأحكام “الجائرة” التي يحملها على صدره المليء بالشجاعة والإيمان.
الأحكام الجماعية التي صدرت اليوم الاثنين، 25 يناير، يريد بها آل خليفة أن يتفوقوا بها على البحرانيين الذين يدسون على صور حمد بالأقدام الثابتة، ويستعدون لإحياءٍ جديد لثورتهم العصيّة على “الإنكفاء” و”الإنحناء”.
أما البريطانيون فهم أصحاب الأيدي التي تغطي على جرائم آل خليفة. السفير البريطاني لا يكف عن إطفاء القناديل لكي لا يرى البريطانيون حقيقة حليفهم الصغير. وثلة من النواب البريطانيين، المتخمين بالدنانير والساعات الفاخرة، وجدوا في الكراسي الوثيرة التي جمعتهم قبل يومين مع وزير الداخلية الخليفيّة، (وجدوا) أنفسهم أصغر من كعب حذاء طارق الحسن، الذي لازال “رأسه الخالي من الشعر” يتذكر ملاحقة الناشطين له في جنيف ولندن. إلا أن البحرانيين لم يفاجئهم الموقف البريطاني “المتواطيء”، واختاروا صور كاميرون وهاموند لتكون رفقة صور حمد في الدوْس والإحراق.
الأمريكيون زاهدون في حقوق الإنسان زهدهم في النفط الخليجيّ الآيل للإنتهاء، وهم فالحون في إطلاق التصريحات والتلاعب فيها، ومنذ أن تحدّث جون كيري عن “مصالحة” في البحرين، ونيّة زيارتها، رأى آل خليفة أنفسهم في “إذن مفتوح” لإنزال المزيد من القمع والانتهاكات، وبحماية سعوديّة كاملة.
بالعودة إلى ملف “سجن جو”، فإنّ الأحكام الجماعية المغلظة لا تؤشّر إلا على الفظاعة التي تعلو النظام الأكثر اعتالاً في المنطقة. والسنوات التي أُضيفت إلى أحكام السجناء لن تزيدهم إلا لمعاناً، ولو طالت الأحكام وازدادت السجون عتمةً. إنهم “تيجان الوطن” التي تلمعُ أكثر بمضي الأيام، وبارتفاع الأحكام.
يؤكد ناشطون حقوقيون بأنّ أحداث “سجن جو” ستكون مورداً لمزيد من النضال الحقوقي في مجلس حقوق الإنسان، وفي أكثر من ميدان للمعارك الحقوقية.
إلا أن ذكرى الأحداث المقبلة ستكون محطة جديدة للاحتفاء ب”التيجان” والتزوّد من صبرهم و”مرابطتهم” داخل السجون. وبقاء هذه الذكرى، في معركة الحقوق وفي حرارة الميادين الثائرة، يعني أن إغلاق هذا الملف على طريقة آل خليفة لن يحقق لهم إلا سوداً من الأحلام المريضة.