متابعات: “صورة مسرّبة”.. خبر يختصر حال صحافة آل خليفة في البحرين
البحرين اليوم – (خاص)
متابعات
ما وراء الخبر
“البضاعة الفاسدة، ليس لها إلا صحف فاسدة”.
هذا حال الصحف الرسميّة الصّادرة في البحرين والسعودية.
في البحرين، لم تتوقف الأوراقُ الصّفراء عن توزيع الشتائم والأكاذيب بحقّ المعارضين والنشطاء، وهي تحذو في ذلك حذو صحافة آل سعود التي دخلت موجة غير مسبوقة من “التهريج الإعلامي واستعمال الأوصاف والتغطيات ذات الطابع الشتائمي”، كما يقول إعلامي عربيّ مهتم بصحافة الخليج.
المشهد في البحرين لا يختلف عن الحال في “المملكة التي يُدير إعلامها القصْر الملكي، وجهاز المخابرات”، بحسب الإعلامي العربي الذي يضع “التدهور في لغة الصحافة الرسمية بالبحرين والسعودية؛ مؤشراً على تدهور نظام الأشياء والكلمات فيهما”، بحسب تعبيره.
صحيفة “أخبار الخليج” تلقّت تكذيباً على الإعلام الخليفي/ السعوديّ من جانب السفارة البريطانيّة في المنامة، وذلك على خلفية مقالٍ نشره محمد مبارك جمعة في الصحيفة “طبّل” فيه على فيلم قناة العربيّة السعوديّة (صندوق فبراير)، والذي فبرك تصريحات لقادة الثورة المعتقلين، وبينهم الأستاذ حسن مشيمع، وزعمَ الفيلم المذكور بأنّ هناك اتصالاً تلقّاه الأستاذ مشيمع من مكتب”حزب الله في لندن”. مسؤول في السفارة الأمريكيّة أوضح بأنْ لا مكتب للحزب في لندن، وقال بأن ما يُسمى بالجناح العسكري للحزب “محظور” في بريطانيا. الصحيفة، لن تتوقف مليّاً عند التصريح البريطانيّ، ولن تستدرك لكي تصحّح التلفيقات التي روّجت لها، ولا زالت، كما أنها لن “تتأمل” في حصْر الحظر البريطاني، والأوروبي، للحزب بالجناح العسكريّ، وهو ما يتضمن أن الجناح السياسيّ منه ليس محظوراً، فضلا عن كونه ليس على قائمة “الإرهاب” على نحو الحال مع السعودية وأتباعها في الخليج.
الصحيفة، التي تعبّر عن رئيس الحكومة الخليفية، خليفة سلمان الخليفة، حفلت اليوم بذات الدعايات و”التحليلات” الخيالية ضدّ حزب الله، وكان مقال المغربي، الحسن أبكاس، نموذجاً لتلك الكتابات التي تهتم “فقط” بتبني الكذبة الرسمية حول علاقة حزب الله بالبحرين، والخليج، وليس مهماً بعد ذلك إثباتها. وهو توجّه كتابيّ يختصر المهمة التي باتت الصحافة في البحرين تُساق إليها، وهي مهمة “نشر الأكاذيب”، وعلى طريقة التقارير الأمنيّة التي تصوغها أجهزة المخابرات.
في صحيفة “الوطن”، وهي مشروع “صحافي” تولّد رفقة مشروع “محاربة الوجود الشّيعي في البحرين” الذي يرعاه الحاكم الخليفي حمد عيسى الخليفة، (في هذه الصحيفة) يتعسّر على طلبة الصحافة والإعلام أن يجدوا شيئاً له علاقة بما درسوه في الكليات المحترمة. الصحيفة التي يديرها فصيلٌ من الديوان “الملكي” وتحت إشراف مكاتبِ التحقيق في المخابرات؛ تفضِّل أن تكون مكشوفةً على الكذب دائماً، ولا تجد “الحاجة” أو “الضرورة” لممارسة مهنة الصحافة، ولو في أبسط الأخبار.
يفتح المرء عدد الصحيفة اليوم، الثلثاء 8 مارس، ليجد الوزير (البديل عن وزير “التُّبُعْصُص” عيسى الحمادي) للإعلام، علي الرميحي، وهو يتحدث بهذا العنوان “البحرين سبّاقة في تمكين المرأة، واحترام حقوق الإنسان”. سيكون مفهوماً، هذا التصريح “الجريء”، في حال المرور على “الأعمدة” المنشورة في الصحيفة. أعمدة تُشبه السياط والقيود والقضبان واللعنات والغازات السامة التي تستعملها المرتزقة ضد المواطنين، في السجن والشوارع وداخل المنازل والبلدات.
للراغبين في اختصار الصورة، يكفي مطالعة الخبر المنشور اليوم في الصحيفة، والذي يحمل عنوان “صورة مسربة تكشف تبعية منظمات وبحرينيين لجهات أجنبية”.
الخبر ينقلُ عن “موقع سعوديّ” معروف بأنّه تابع لمخابرات آل سعود. هنا لابد من التأمل: “صحيفة” تنقل عن “موقع”.
“عِماد” الخبر هو الحديث عن “صورة مسرّبة”. ومعنى التسريب، هو أنّ أمراً سريّاً تم كشفه، وبطرقٍ خاصة. فما الصورة التي تم تسريبها؟
الصورة نشرتها (البحرين اليوم)، وهي من تصوير مراسلها في جنيف، الذي يغطّي فعاليات مجلس حقوق الإنسان هناك. إذن، ليس هناك تسريباً، ما يعني أن الخبرَ استند على كذبةٍ فاضحة.
تنسلّ عن هذه الكذبة، سلسلةٌ أخرى من الأكاذيب. مراسل (البحرين اليوم) يُصبح مراسلاً لقناة أخرى. والصورة (المسرّبة) – بحسب الخبر/ الاحتفالي- هي “برهان” – في نطر البحرانيين – على تبعية المنظمات لأطرافٍ أجنبيّة. ومنظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق ميزانتيها السنويّة “أكثر من مليون دولار”. هكذا ينتهي الخبر “الحصْري” الذي يحتفل به “الوطن”.
الصحيفة لا تجد مشكلة في إعادة نشر “سلّة الأكاذيب” هذه، لأنه ليس لها قرّاء، ولا أحد في البحرين سيُصاب ب”الصدمة الفكريّة والروحية” حال قراءتها. الصّحيفة تكتفي بأداء المهمة (أي نشر الأكاذيب) لأنّها قائمة على هذا الأساس، وهي ترى أن وجودها مستمدّ من الكذب، ومن نظام الأكاذيب. ولا حسيب، ولا رقيب.