متابعات: خالد الخليفة وحزب الله.. والطريق إلى تل أبيب
البحرين اليوم – (خاص)
متابعات
ما وراء الخبر
بخفّةٍ لا تعبّر عن وزنه المتطاير، لا يكفّ وزير خارجيّة الخليفيين، خالد الخليفة، عن أن يكون ناطقاً باسم آل سعود في شأن الموقف من حزب الله.
يعرف الوزير بأنّ هذا الحزب اللبنانيّ ليس مُتاحاً أمام لعبة الابتزاز، فضلاً عن التهديدات التي تقوّيه وتمنحه الحضور الأكبر بين محبّيه والموالين له داخل لبنان وخارجه. فإلام يرمي آل سعود – وبالتبعية آل خليفة – من وراءِ الإمعان في استهداف الحزب، وبذات القاموس الإسرائيليّ؟
السعوديّة أمام مرحلة افتراق تاريخيّ، وهي عاجزةٌ حتى الآن عن اجتياز “المحطّة” الأخيرة باتجاه إسرائيل. الأيدي الممدودة إلى الكيان الإسرائيلي باتت معروفة، ولا يخجل السعوديون من هذا الأمر. إنّما البقية المنتظرة من آل سعود هو الارتماء الكامل في أحضانِ تل أبيب، وعلى الطريقةِ التي يُعلن فيها النظام “الآيل للسقوط” – كما تقول التقارير الغربيّة – بأنّ “إيران” وحلفاءها؛ هم العدوّ “فاحذرهم”. هذا ما يشغل السعوديّة تحديدا. إنها حائرة في توقيت إعلان الانضمام العلني والمباشر في الحلف الإسرائيلي، وليست “جاهزة” حتّى الآن للتوقيع على بيان “الصلح” التاريخي مع الدولة العبريّة التي تجمعها معها مصالح ومواقف، أكثر مما تجمعها مع دول العالم العربي والإسلامي.
جزءٌ من خطّة “التقريب المتسارع”، والتهيئة الماراثونيّة للارتماء في الحضن الإسرائيلي؛ هو “شيطنة إيران”، وتثبت تهمة “الإرهاب” في رؤوس حزب الله، وبالتالي إدخال “العالم الشيعي” في دائرة الاستهداف المفتوح، وبما يفتح الطريق لأنْ يكون التقارب مع إسرائيل “ضرورة تاريخية” و”إجراءا وقائياً” و”عملاً مشروعاً”. وليس بعيداً عن ذلك، ما قاله وزير الحرب الإسرائيلي الأسبوع الماضي أثناء مؤتمر الأمن في ميونخ، حينما وضع “العالم الشيعي” في دائرة “العدو” المشترك بين إسرائيل والسعودية، والبحرين بالالتحاق.
لا يكف الإعلام السعودي عن تنفيذ خطة التقارب، والتهيئة النفسية. هناك إمعانٌ لا حدود له في إلصاق كلّ “الشر الكوني” في إيران وحزب الله. جهد إعلامي وعمليات ذهنية يقوم بها هذا الإعلام المبرمج، بتخطيط “مدروس” من المخابرات السعودية، ومع استفادة قصوى من “الليبراليين والإخونجية السعوديين” المتصالحين مع وهابية آل سعود، أمثال عبد الله الغذامي، تركي الحمد، كساب النعيمي، وغيرهم كثير. وفي البحرين، تبدو الطوابير “الطائفية” مهيأة لإتمام المهمة، والزيادة عليها، وبفضل وفرة “المجنسين” و”الإرث الطويل” من الموالاة العمياء، والتشطير المذهبي سيء الصيت.
خالد الخليفة، وبحكم وظيفته في العلاقات الخارجية، متورّط حتى أذنيه في هذا المخطط. هو ملمّ تماماً بالدور السعودي الذي يباشره، تركي الفيصل – رئيس المخابرات السعودية السابق – لمسارعة الخطى نحو إسرائيل. ولدى الوزير الخليفي تجارب “ثرية” على هذا الصعيد.
إحماء متواصل تزعّمه خالد الخليفة، منذ 19 فبراير، وحتى اليوم، وعلى النحو التالي:
– “على لبنان ان يختار بين انتماؤه الى أمته و أشقاؤه او التعايش مع الإرهابي العميل الذي يضر بمصلحته و كيانه ايما ضرر”.
– “حزب الله الإرهابي ليس عدو للسعودية و البحرين و لكل العرب فحسب ، بل هو العدو الاول للبنان . و وحدة لبنان و حضارة لبنان العربية الأصيلة”.
– “ليس كافيا ان “ يوقف” حزب الله الإرهابي تعرضه لأشقاء لبنان لتعود المياه الى مجاريها . لبنان امام مفترق رئيسي و له الاختيار”.
– ” إنحاز العرب لوحدة لبنان منذ عام 1943 . و اليوم لبنان ينأى بنفسه عن محيطه العربي و يتمسك بوحدة مع مكون ارهابي مصطنع ليس له أساس تاريخي”.
ليس مهماً هنا الأخطاء اللغوية والإملائيّة. إنما الخطأ التاريخي الذي يقع فيه الوزير المثير دوماً للسخرية.
هذه المسارعة تنمّ عن “أعمى تاريخي”، لا يجيد قراءة التسلسل الزمني لنشوء حزب الله، وتناميه اللا محدود، وقوّته المرئية واللا مرئية. والأخطر من ذلك، فإنّ هذه المواقف “الخفيفة” تعني أنّ الخليفيين باتوا غير قادرين على إمساك أنفسهم عن السقوط مع سيدهم السعودي، وكأن الخيار الوحيد لديهم هو الذهاب مع آل سعود إلى سقوطهم التاريخي المؤجل، فضلا عن السقوط الأخلاقي العاجل.
ربما يكتشف الوزير، والنظام الخليفي من بعده، أن الأمور ليس كما تُصوّرها تقارير المخابرات السعودية، ولا كما يُراد للسعوديين والخليفين أن ينظروا. ومن المؤكد، كما يقول الصحافي اللبناني طلال سلمان في “السفير”، بأن “المتعجّل” محمد بن سلمان لن يفلح في مسعاه الانتقالي لجعل “مملكة الصمت” سيدة “العالم السني”، ولسبب بسيط: “الفتنة العمياء تصيب مُشعلها أولاً، وقبل أي طرف آخر”. والحكمة الفضلى اليوم هي: “الحمد لله الذي جعلنا أعداءنا حمقى”.