متابعات: الخليفيون والتكفيريون إلى شعب البحرين: “بالذبح جئناكم”
البحرين اليوم – (خاص)
متابعات
ما ورء الخبر
- “اجتثاث الرؤوس”: قوة دفاع البحرين (الجيش الخليفي)
- اقتطاف الرؤوس: جاسم السعيدي (طائفي من أتباع آل خليفة وآل سعود).
لا يحتاج البحرانيون، بعد اليوم، لمزيد من التصريحات لاكتشاف “الرأس” الواحدة التي يفكّر بها التكفيريون والخليفيون على حد سواء. المشاهدُ، والشواهد على ذلك؛ يوميّة.
“الذّبح الدّاعشي” هو اللغةُ المشتركة التي تتحرك تسري بخلايا آل خليفة وآل التكفير في البحرين والسعودية. لم يكن مفاجئاً، أو صدفةً، أن يرفع التكفيريون والموالون لآل خليفة، الجمعة الماضية، أعلامَ “داعش”، وفي ساحةِ جامع “الفاتح الخليفيّ”، وبحضور أبرز الوجوه التي رفعت المشانقَ والسيوفَ في وجه البحرانيين، وعلى مدى خمس سنوات مضت، أو يزيد. إنها تهديداتٌ متّصلة ببعضها، ويفضّل الخليفيّون أن يبلّغوها النّاسَ باللّغة التي يؤمنون بها، ويعيشون عليها، أي لغة “الذبح”.
يريد خليفة أحمد الخليفة، حارس أفاعي “الملك”، أن يجتثّ الرؤوس. قالَ ذلك مباشرةً ودون تورية. والرؤوس هنا؛ هم “المحرِّضون” الذين أعلن وزير الداخلية الخليفي، راشد الخليفة، بأنه سيلاحقها، في الداخل والخارج، وبـ”الرصاص الحيّ”.
قاموسُ الذبح والاجتثاث ليس جديداً على آل خليفة. هدّد وزير الداخلية بالسّلاح، أكثر من مرّة، وقبل ثورة 14 فبراير. ولكنهم زادُوا هذا القاموسَ إظهارا وظهورا بعد دخول “الجيش الوهابي” إلى البحرين في مارس 2011م، وبعد التنفيذ المشترك للمسلسل التاريخيّ – الذي عُرفوا به منذ عقود طويلة، وقرون – بـ”هدْم المساجد” وتحويل السكان الأصليين الشّيعة إلى “هدف مُشاع ومشروع”، للإهانة والتنكيلِ والاضطهاد.
نمى وتنامى التكفيريون في أحضان آل خليفة، وهم وجدوا في راياتِ داعش والقاعدة أحلاماً قديمة ترفرف من جديد، ليضع كلٌّ منهما يده في الآخر، وبمبايعة “أمير المؤمنين”، سلمان بن عبد العزيز، كما يقول السعيدي في وصف الأخير.
هي حربٌ طائفية بامتياز. حدّد راشد الخليفة معالمَها مراراً، وتحت عنوان مواجهة “المذهب الشيعي المبتدع”، و”أتباع ولاية الفقيه”. وهو تحديدٌ اختصره نوّاب البرلمان الخليفي في بيانهم الأخير الذي دعوا فيه لإعلان “الحرب” على “حزب الله وولاية الفقيه”، ما يعني أن “الخطوط العريضة” التي تتحرّك فيها “حروب الذبح” لآل خليفة والتكفيريين؛ تتقاطع تماماً، وإلى حدّ التطابق التام.
إذن، هذه حقيقةٌ ثابتةٌ، أو أضحت كذلك مؤخراً على الأقل. فلماذا لا تجد ردّاً مناسباً من المعنيين، أولاً، بالتهديد؟
المثير للدّهشة أنّ عالِماً كبيراً، مثل العلامة السيد عبد الله الغريفي، لم يجد ما يدعوه، أو يلحّ عليه، لإعلان موقفٍ “واضح” ضدّ خطاب “اجتثاث الرؤوس”، و”إطلاق الرصاص” التي توالى على إطلاقها “وزير الإرهاب”، و”قائد جيش العار”. وفضّل في المقابل؛ أن يوجِّه الكلامِ إلى حادثة مقتل المرتزق محمد تنوير، معبّراً عن “أشد عبارات الإدانة” لها.
بعد آخر بيان لكبار علماء البحرين، والذي دعا السلطات لـ”إعادةِ حساباتها”؛ خرج جيشُ آل خليفة ليعلن بدْءَ مرحلة “اجتثات الرؤوس”. كان خليفة أحمد الخليفة يريد إعلانا مباشرا من “الرؤوسِ” على إدانة مقتل المرتزق في كرباباد. لم يُعْجِب “المشير” تلك الإدانات التي صدرت من “رؤوس” الجمعيات السياسية، أو ما تبقّى منها، وكان المطلوب أن تنطقَ “رؤوسُ” العلماء الكبار بإدانةٍ صريحة للحادثة، وبروحٍ لا تُشكِّك في بيان وزارة الداخلية أو تناور عليه.
العلامة الغريفي كان حريصاً، في مقام هذه الحادثة، على تبيان رؤيةِ الشرْع وموقفه في أمْر الدماء، وفي حفْظ الأرواح والأوطان، وهو في ذلك يؤدي وظيفةً طبيعية، ولا يُعْقَل النقاش فيها أو الاعتراض عليها. إنّما، في المقابل، يتساءل البعضُ عن السّبب الذي يجعل الاعتراض مؤجَّلاً بشأن التعدي على “المذهب”، وتحويل الحرب الخليفيّة جهة “ولاية الفقيه” التي كانت – دوماً، وخلال عمل المجلس العلمائيّ – محوراً لفعاليات “التثقيف الدّيني”، وبينها شعار العام 2006 الذي حمِل عنوان “مرجعيّة الفقيه.. مرجعيّة الإمام”.
لا يشكّ أحد في أنّ ثمّة “مبررات ما” لتأجيل الإعتراض أو التنديد بإعدام “فقيهٍ” اسمه الشيخ نمر النمر، أو اعتقال “فقيهٍ” آخر اسمه الشيخ حسين الراضي. في الوقت الذي يجري فيه التنديد باعتقال والتعدي على فقيه اسمه “الشيخ إبراهيم زكزكي”. ربّما تكون “الشقيقة الكبرى”، حتّى الآن، محلاًّ للملاطفة الدبلوماسيّة، وعلى أمَل أن يكون ذلك – في يوم من الأيام – جسْراً باتجاه “الحلّ السياسيّ”. وأيّاً كان الموقفِ من هذه التبريرات، فإنّ “ميثاق الوحدة”، و”ضرورة حفظ الصّف”، ومبدأ “حقّ الاختلاف في الرأي”؛ يفرضُ على الجميع ألا يذهب بعيداً في “تسديد” الاتّهامات إلى العلماء، والكبار منهم خاصّة.
ولكن العلامة الغريفي، من جهةٍ أخرى، يُتيح للمتابعين، من المحبّين له خاصّة، أن يفتحوا دائرة لا حدود لها للسؤال حول خطاباته المعتادة في مسجد الإمام الصّادق بالقفول.
من المهم العودة إلى الخطبةِ التي اعتبر فيها العلامةُ الغريفي الداعينَ لإسقاط النظام بأنهم “متطرفون”، وأنه ينطبق عليهم مفهوم مثيري “خطاب الكراهية والتحريض”؛ وما لحِقَ هذه الخطبة – بعد موجة الانتقادات – من خطبةٍ رديفة قدّم فيها العلامة “توضيحاتٍ” لما وصفها بـ”الالتباسات الخاطئة”؛ ليفتح فيها المجالَ “للنقد” و”حرية احترام الرأي الآخر”، ومؤكدا على هذا الحقّ في الاختلاف والنقاش و”الرفض”، مع “شريطة الاحترام”، وبعيداً عن “القذف والاتهام والإساءة”.
العودةُ مهمّة لهذه المواقف؛ ولاسيما بالنسبةِ لأولئك الذين ينتظرون – مع نقدٍ لا يهدأ – موقفاً ما إزاء ارتفاع منسوب “التكفير الخليفيّ”، وإدخال “عقيدة” العلماء مباشرةً في دائرة “الاجتثاث” و”الحرب”.
لا أحد يدري، بالضّبط، الأسبابَ التي أحجمت كبار العلماء عن التعليق على ذلك. تماماً، كما هو جهْلُ الأسباب التي جعلت من آخر بيان تضامنيّ أصدره كبار العلماء مع الشيخ علي سلمان، وقبيل جلسة محاكمته، لأنْ ينتهي إلى إلى قوائم البيانات الروتينيّة، وأن يذهب محتواه “القويّ” إلى حيث لا يدري أحد.
هي أسئلة، أو تساؤلات، لا يُراد منها “الاتّهام والإساءة”، وهو أمر “شنيع” حينما يكون الأمر متعلقاً بكبار العلماء، الذين يُجلّ الناسُ ويحترمون.
ولكن مروحة التساؤلات لا تكفّ عن التداول بعد أن بلغ “التكفير الخليفي” الزُّبى، وبات “الذبح” شعاراً رسمياً، وبما لا يحتمل التأويل، أو تأجيل الاعتراض عليه.
بالنسبةِ لعموم النّاس، وكما هو حالُهم من الشيخ الشهيد النمر، ومع العدوان السعوديّ على اليمن، ومع اعتقال الشيخ الراضي، ومع جرائم آل خليفة وآل سعود في الداخل والخارج.. لم ينتظروا إعادة “ترتيب الحسابات”، ولم يتقصُّوا النتائج المتأخرة للوفود ورُسُل “الوسطاء”. لقد حدّدوا موقفهم من كلّ هذه القضايا، وبالطريقةِ التي حدّدوا فيها الموقف “النهائي” من الخليفيين، وداعميهم.. من الأقربين والأبعدين.