ما هي المسطرة التي يقيس بها أصحاب “البرلمان” الحل لمصائبنا؟
البحرين اليوم – (خاص)
لم يعد الشغف في مصطلح “الواقعية السياسية” يثير أحداً إلا أولئك الذين وجّهوا المصطلح نحو وجهات محددة، ولآمال معينة. وعدا ذلك فإن هذه المصلح بات “ساقطا” حتى في حسابات الإقليم فضلا عن الوضع المحلي، الذي هو بمثابة “مرجل” صغير يُزجَّر كلَّ حينٍ بنارِ ذلك الإقليم المعقد.
البعض يقولب “الواقعية السياسية” في دخول البرلمان، ويحدّد – بمسطرة لا نراها – أنّ حلاً ما لوضع البحرين المتفاقم سيحلّه برلمان مقيد يراد له أن ينفذ ثلاث مهمات: السباحة في أمواج عالية التعقيد، الوصول إلى شاطئ التفاهم والحوار بعد قطيعة فرضها “الفجور في الخصومة”، ومن ثم إيجاد حل واقعي ومنطقي يرضي كل الأطراف المتشابكين في أكثر من أزمة.
الشغف مقتول في الإصغاء إلى مثل هذه الدعوة/الدعوى، في ظل تجاوزات كثيرة وخطيرة يقوم بها النظام ضد البحرانيين، ولم يترك أي مجال إلى “التحولق” حول خشب نجاة افتراضية ليست موجودة في التفسيرات والتوقعات السياسية لوضع البلاد الراهن. والسؤال الأكثر وجعاً: ماذا بعد الدخول في البرلمان؟
الدرس الميداني الذي يكتبه الناس – بين فترة وأخرى وباستمرار – يقدِّم جملة مفيدة مفادها: “إننا من ذوي الفهم الجديد”، وهذا ما لم يتلقفه المتابعون التقليديون في شحذ فهمهم لهذا التكوّن المفاهيمي، والذي يصْعب أن تتجاوزه وتفرض عليه حلاً “نخبويا” عبر الدخول في البرلمان أو الحوار مع حاكم يصبُّ على رؤوس الأشهاد انتهاكاته اليومية.
سواء اتفق المرء مع انفجار 2011 أم اختلف؛ فإن الراسخ المشهود هو أن عقلا آخر قد تشكّل في رسم العقل الجمعي، والذي يؤكد حضوره أكثر من مرة في إبطال مفعولية مشاريع تُطرَح هنا وهناك لجرِّ الناس نحو قناعة الدخول في برلمان معطوب.
كل ذلك ليس محطة النقاش التي من المفترض أن تنطلق في فضاء رزين ورصين، بل إن محطة النقاش ومنطلقها يكمن في كيفية التقدير الذي يختصر كل هذا التفاقم ويؤطره في بؤر صغيرة مقارنة بحجم الاستفحال الكارثي الذي أنتجته سياسات آل خليفة.