ما الفخ الذي يصنعه النظام الخليفي كل مرة ونقع فيه؟
البحرين اليوم – (خاص)
عباس الجمري
كاتب من البحرين
يكرر النظام الحاكم في البحرين حدثاً ما ويوظفه في بعدٍ سياسي وآخر إعلامي، ليتوارى هو خلفه ويواري قضايا أساسية تهم المجتمع، ففي أقل من أسبوع، انشغل الناس برجلين: فيصل الزيرة وفاضل فتيل، ورغم أن الذين ينتقدون هذين الرجلين يقرون أنهم غير مهمين في المشهد السياسي، إلا أن إعادة (الإشغال) الذي تحدث عنه نعوم تشومسكي – كسياسة قارة لدى الأنظمة الديكتاتورية – توقعنا في شباكها مرة بعد أخرى، وتدفعنا إلى المزيد من التشتت والتفريع وخلق العناوين الثانوية.
لنرجع بالذاكرة لعام 2011، ظهرت لنا ظاهرة ما تسمى “البلطجية” من ثم “تجمع الفاتح” وبعدها ظهر الصحافي الموالي للنظام سعيد الحمد بفضح من أسماهم الخونة، عبر معلومات خاصة عن كل شخص، مستقاة من جهاز المخابرات، في صيغة ابتزازية رخيصة، من ثم المذيع محمد البشري، الذي يحاكم المواطنين على التلفزيون الرسمي، وهكذا توالت الشخصيات والأحداث الثانوية لتخلق لنا أحداثاً أساسية، أو تصدر نفسها كأحداث أساسية، وهذا له فوائد كثيرة للنظام، وأضرار كثيرة للشعب عموما وللمعارضة خصوصا. أول فائدة للنظام هو أن تتوارى ويواري القضايا الأساسية، ثاني فائدة هي أنه يخلق قضايا توهم بأن مشكلة البحرين “ليست مع النظام فقط أو مع الحقوق المنقوصة”، ثالثها: يفهم المجتمع الدولي أنه الحاضن لكل تلك المشاكل، والذي يمسك خيوط التناقضات فيها، وهو الراعي للسلم الاجتماعي الذي لولاه-أي لولا النظام-لخرط حبل الوئام وتناثرت حباته.
الأضرار التي تعود على الشعب والمعارضة، أولها: خلق تشويش للشارع يضعف العزيمة على التمسك بالقضايا الأساسية، ثانيها: الانشغال في حل أو إبراز موقف عن هذا الحدث أو ذاك، والدخول في تأجيلات-غير مقصودة-للقضايا الرئيسية، رابعها: تعزيز الإجهاد في التفكير والنشاط المعارض بسبب كثرة المشاكل وتفرعها.
هذا الطريق يؤدي إلى مناطق يريدها الحكم ولا يريدها الناس، وعليه فإن المبالغة في تضخيم القضايا الفرعية دون التركيز على أساس النشاط المعارض له ما له من متاعب.
في المقابل؛ يوجد في المعارضة من يفهم هذه الخلطة جيداً، بكل مقاديرها، فيعيد دائما تركيزه على القضية الأم، وهذا النوع من التركيز المعارض يجهد النظام بدل أن يأخذ هو زمام الإجهاد ضد المعارضة.