مسيرةُ النضال لن تتوقف!
البحرين اليوم- المنامة
بقلم الدكتور سعيد السماهيجي
يعود الفيديو (الهوسة البحرانية) المدرج إلى العام ١٩٧٤م، وذلك بعدما سحبت عضوية المناضل الدكتور عبد الهادي خلف من المجلس الوطني في ذلك الوقت بعد الطعن في عمره القانوني لتقلد منصب عضو في المجلس.
تقول الهوسه البحرانية ” مال ميزان العدالة وفاز بالكرسي عميل”، ورغم أن الدكتور عبد الهادي خلف كان يسارياً وعضواً بارزا في جبهة التحرير الوطني البحرانية، إلا أن الشارع العام كان يقدم مفهوم الوطنية فوق الاعتبارات الدينية أو الطائفية أو الفكرية وغيرها.
يقودني هذا المشهد إلى الأحداث التي أعقبت قمع ثورة الرابع عشر من فبراير العام ٢٠١١، حيث كنت عضواً بارزا في الكادر الطبي والتمريضي إلى جانب الدكتور علي العكري، الدكتور نبيل تمام، دكتورة رولا الصفار والأستاذ إبراهيم الدمستاني وآخرين. فإلى جانب المعاناة التي مررنا بها في تلك الفترة من اعتقال وتعذيب ومحاكمة جائرة، وقع عليّ ظلمٌ آخر من المقربين الذين أبعدوني عن الكادر الطبي، اعتقاداً منهم بأني كنت أنتمي إلى جمعية المنبر التقدمي، وعضويتي في جبهة التحرير الوطني البحرانية منذ العام ١٩٦٨م. ورغم أن ذلك الاعتقاد لم يكن صحيحاً، إلا أنهم لم يعترفوا بدوري في الكادر الطبي إلا بعد أن تعرضت إلى الاعتقال في نهاية مارس ٢٠١١!
في فترة الاعتقال دار حوارٌ بيني وبين أحد الأشخاص الذين عُينوا في الكادر الطبي مكاني بعد اقصائي للأسباب التي ذكرتها أعلاه، وهو شخص معروفٌ بانتمائه الإسلامي، وقال بأنه لم يكن يعرف بأن الطريق الذي سلكه في النشاط السياسي وعرٌ وسيكلفه هذا الثمن الذي ليس له طاقة لتحمله.و
أضاف بأنه إذا خرج من السجن بحكم البراءة فلن يعود إلى هذا الطريق، وسيحافظ على عمله وبيته، ومن ثم سألني عن رأيي وقراري؟ فأجبته بأن قراره صحيحٌ لنفسه لأنه عرف قدرته الحقيقية، وعليه أن يترك هذا الطريق ويفسح المجال إلى من يقدر على تحمل هذه الأعباء ويقبل بالتضحية، ولا يتوقف في منتصف الطريق.
بعد انقضاء الأحكام الجائرة وتجربة السجن المريرة، تخلى الكثيرون عن مسؤولياتهم وانزووا جانباً طلباً للسلامة، ولم يتبقى من فريق الكادر أو الفاعلين في هذا الحقل إلا العدد القليل الذين ما زالوا صامدين وثابتين على ذات النهج والمبادىء والقيم الثورية.
هكذا هي الدنيا وطريق النضال السياسي، يعمل (كالمشخال) مصفات تسقط الحصى الصغيرة منها، وتبقى الحصى الكبيرة من المناضلين الذين يواصلون المسيرة وعلى استعداد للتضحيات مهما كلف الأمر.