البحرين اليوم – خاص
بقلم: صادق البحراني
تعوّدنا أن نسمع عن القمع في الشوارع والتعذيب في السجون ومباني التحقيق، وعن غرس الرصاص في أجساد المواطنين العزّل وعن إهانتهم في نقاط التفتيش وأثناء المعاملات الرسمية في بعض الدوائر الرسمية، كما رأينا دخول القوات الأجنبية عبر المنفذ البري في عام 2011 وما بعدها، ونرى التواجد غير الشرعي للقوات الأمريكية والبريطانية وغيرها على الأراضي البحرانية المحتلة.
ورأينا اجتماعات تُعقد تحت مسميات سياسية أو أمنية مع شخصيات عسكرية أو ذات نفوذ سياسي في دول معادية بالعلن مثل الكيان الصهيوني أو أمريكا، أو دول تبيع خدماتها العسكرية والأمنية على العصابة الخليفية مثل بريطانيا وكندا وإيطاليا وغيرها من الدول والشركات العالمية.
كل ذلك مفهوم وداخلٌ في الاستيعاب النظري لدى عموم الناس فضلاً عن النخب، ولكن ماذا عن ما هو أخطر من هذه الحرب العلنية؟، أجل توجد حرب أخرى أخطر من الممارسات سابقة الذكر، يا تُرى ما هي؟
تتوجّه العصابة الخليفية المجرمة لحرب جديدة في التطبيق على المواطنين في البحرين، وهي أكثر أنواع الحروب تأثيراً وأقلّها تكلفة، وهي معقّدة جداً، ولا تحتاج في كثير من الأحيان إلى إسالة قطر دم واحدة، وهي ما تُسمّى حديثاً بـ “الحرب الناعمة”.
ما هي مظاهر هذه الحرب؟
– لا وجود مادي للعدو، فالهجوم ذهني غير محسوس، يستهدف الثقافة والمعنويات.
– تبدأ بهدوء، لذلك يصعب تشخيصها في بداياتها، ويتم التدرّج فيها حسب خطة مدروسة يتم خلالها تغيير المبادئ والقيم بشكل هادئ ودون جلبة.
– اتساع الفئة المستهدفة في الحرب الناعمة، على عكس الحرب المادية المعلنة التي تحدّد أهدافاً وجماعاتٍ معيّنة.
– ميدان الحرب الناعمة هو الميدان الثقافي والنفسي، وبالتالي سهولة السيطرة على البُعدين الفكري والسياسي.
– آثار الحرب الناعمة تبقى لأكثر من جيل، لأنها تقلب الهوية برمّتها.
– الحرب الناعمة تستهدف كافة الأبعاد في شخصية المجتمع المستهدف: العاطفية، الاجتماعية، العلمية، الجسدية، النفسية .. وغيرها، لذلك تُوصَف بالحرب المعقّدة.
– شمولية وتنظيم الحرب الناعمة بالغة الدقة، وتحتوي على خطط عديدة بديلة لأيّ طارئ.
– تخلط السمّ في العسل، وتمزج الحق بالباطل، وتستبدل نقاط القوة في المجتمع بنقاط الضعف.
– التمظهر بالصداقة، فيصبح العدو صديقاً.
أما التطبيقات العملية لكل هذه المظاهر فهي موكولة للقارئ العزيز، وعليه أن يكون نبيهاً جداً في هذه التطبيقات، فمن أجلى الأخطار في الحرب الناعمة الالتباس في التشخيص، ومن أبرز عوامل الوقاية في هذه الحرب هو التزام خط العداء للأنظمة الاستكبارية بلا تردّد وعدم حسن الظنّ بهم مطلقاً، والميل كلّ الميل لخيارات الشعوب المستضعفة.