مؤتمر “السلام ..” بالمنامة.. حملة لتبييض الفساد والإنتهاكات في البحرين
البحرين اليوم – مقالات
بقلم: ريان سويدان
فضائح أجهزة السطات الخليفية بانتهاكات حقوق الإنسان تكاد لا تعدّ ولا تُحصى. وبين الحادثة والأخرى دائماً ما تحاول تلك الأجهزة تبييض الإنتهاكات والتعتيم عليها أمام المجتمع الدولي، ملتحفةً برداء السلام والتسامح والإزدهار.
وليس غريبا أن يتسابق النظام الحاكم في البحرين لاحتضان مؤتمر اقتصادي استثماري يأمل أن يكون ذا طابع دولي جامع، محاولاً من خلاله التعتيم على الفساد الاقتصادي والإجتماعي المتفاقم داخل البلاد، لا سيما وأن اقتصاد البحرين يعد اقتصاداً ريعياً، بالإضافة الى تمركز ثروة الدولة بيد العائلة الحاكمة.
“السلام من أجل الإزدهار” تحت هذا العنوان وبمبادرة أمريكية من الرئيس دونالد ترامب تستقبل المنامة الورشة الاقتصادية الإستثمارية نهاية الشهر الجاري. بدورها سارعت السعودية والامارات الى الاعلان عن المشاركة في هذه الورشة التي ألبسوها رداء الانماء وايجاد فرص عمل، وغيرها من الشعارات التي ما عادت تنطلي على أحد، خصوصا وأن هاتين الدولتين شريكتان لآل خليفة في انتهاكات حقوق الإنسان، بل إن السعودية هي المتحكم ببعض أنظمة دول الخليج لا سيما البحرين والإمارات.
حول المبادرة الأمريكية لإقامة هذا المؤتمر تحديداً في البحرين، بعيداً عن غاياته السياسية، يظهر جلياً مدى دعم الإدارة الأمريكية المتمثلة بالرئيس دونالد ترامب لسياسة البحرين وانتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان في الداخل.
ومنذ عام أعلنت الادارة الأمريكية عن استمرارها وموافقتها على تزويد البحرين بالأسلحة رغم توجيهها السلاح ضد المدنيين. وسبق أن رفض الرئيس دونالد ترامب وقف بيع الأسلحة والمعدات العسكرية للسعودية التي تستخدمها في الحرب على اليمن الى جانب الدول الحلفاء. ويترقب الكثيرون معرفة موقف الإدارة الأمريكية من مشروع القانون الذي تقدم به السناتور راند بول في الخامس عشر من مايو الماضي بالكونجرس الأمريكي، والذي يرفض فيه بيع بعض المواد والخدمات الدفاعية للسلطات في البحرين.
مؤشرات عدة ممكن أن تحسم مسبقاً فشل هذا المؤتمر وغايته في تبييض الفساد على مختلف الصعد في البحرين، فانطلاقاً من الجانب الاقتصادي، وتحديداً من ناحية توزيع الثروة، تشير التقديرات إلى أن 12.2 ٪ من البحرانيين يعيشون على أقل من 5 دولارات في اليوم.
ينسب ذلك العدد بشكل رئيسي إلى النساء البحرانيات والشيعة والعمال الأجانب. ويدل تفاوت الثروة في البحرين إلى مدى الفساد الاقتصادي بين أسرة آل خليفة الحاكمة.
ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، فإنّ أغنى 20٪ من السكان يمتلكون 41.6٪ من إجمالي الدخل المكتسب، مما يعكس عدم المساواة الاجتماعية في البحرين.
أما لجهة الإنفاق العسكري، فيتم استيراد كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة لقطاع الأمن الشامل في البحرين على حساب الإسكان الاجتماعي والتنمية الاقتصادية.
وتُستخدم هذه الذخائر ذاتها بشكل روتيني لقمع المعارضة بين الأغلبية الشيعية المهمشة سياسياً. إن انعدام الشفافية والمساءلة لقطاع الأمن، فضلاً عن دوره في القمع، يسمح لآل خليفة بمقاومة الدعوات الداخلية والخارجية إلى حد كبير لإجراء أي تغييرات ديمقراطية. ومع تزايد مستوى الاستياء المجتمعي من النظام الملكي، وتقسيم الثروة بشكل غير عادل، فإن استمرار نفقات الدفاع المحلية الكبيرة دون استراتيجية أمنية واضحة تزيد من نزع الشرعية عن النظام.
وفقاً لمنظمة الشفافية الدولية، سجلت البحرين 36/100 من حيث فساد القطاع العام، مما يشير إلى أن نسبة الفساد مرتفعة للغاية، فنسبة “صفر” تعدّ مؤشراً لشدّة الفساد، ونسبة 100 تشير إلى انعدام وجود الفساد. ويبدو أن لا وجود لجهاز حكومي قائم ينظّم شراء العقود الحكومية، ناهيك عن ممارسات الإنفاق المسؤولة من قبل المسؤولين الحكوميين في البحرين.
إن مؤتمر المنامة الذي سينعقد هذا الشهر بمبادرة الإدارة الأمريكية ليس إلّا حملة جديدة من حملات التبييض التي تحاول السلطات الخليفية استغلالها لتغطية انتهاكاتها وفسادها المستشري، ومن جانب آخر تعزيز رعاية حليفتها الدائمة. وفي ظل تلك الأجواء توجه دعوات تطالب الإدارة الأمريكية الى التطرق لقضايا حقوق الإنسان في البحرين ومحاسبة المسؤولين بحسب الأسس القانونية الداعمة لحقوق الإنسان التي تتبجح بها الولايات المتحدة كقانون “ماغنستكي”. ويطالب آخرون إلى تفعيل قانون حظر دخول مسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان الى الولايات المتحدة، وفي ذلك يظهر مدى إلتزام الجانب الأمريكي بالأخلاقيات والمبادىْ من عدمه، كما يتعرى النظام الحاكم في البحرين ليكشف عن قبح سياسته.