لماذا أوقفت السعودية أنشطة مركز المؤسسة العربية في واشنطن؟
البحرين اليوم – خاص
أعلن علي الشهابي رئيس مركز” المؤسسة العربية” -ومقره واشنطن- أن المركز سيوقف أنشطته نهائيا، مرجعا أسباب ذلك الى خلافات في وجهات النظر بين مموّلي المركز بحسب قوله. ولم يوضح الشهابي وهو سعودي ومن أشد المدافعين عن سياسات المملكة العربية السعودية، ماهية الخلافات التي أدت الى إنهاء عمل المركز ”البحثي“ المدعوم من الرياض.
لكن صحيفة ”واشنطن تايمز“ ذكرت يوم الأربعاء الماضي أن إغلاق المركز تزامن مع رفع دعوى قضائية من قبل الموظفة السابقة في المركز علا سالم، على علي الشهابي بتهمة التحرش الجنسي وأنواع أخرى من الإيذاء وسوء المعاملة التي تعرضت لها خلال عملها في المركز. وأكّد محامي علا الألماني ”جيرسمن شوارتز“ عزمه الإستمرار في مقاضاة الشهابي بالرغم من إغلاق المركز الذي تموّله السعودية بحسب قول المحامي.
وكالة أنباء البحرين اليوم أجرت تحقيقا صحفيا حول الأسباب التي أدت الى وقف أنشطة المركز، وخلص التحقيق الى ان السلطات السعودية اتخذت هذا القرار، بعد أن ثبت لديها فشل المشروع في تحقيق الأهداف التي أسس من اجل تحقيقها. فالمركز الذي يدعى بالمؤسسة العربية، تأسس في واشنطن 2017 كمركز ظاهره ”بحثي“ بهدف التواصل مع الجمهور الأمريكي ومع صناع القرار الأمريكيين بشأن القضايا التي تهم السعودية ومنطقة الشرق الأوسط.
إلا انه كان في الواقع أشبه بشركة علاقات عامة للترويج للنظام السعودي في واشنطن وتلميع صورته. وقد استخدمه السفير السعودي السابق في واشنطن خالد بن سلمان كحلقة وصل مع أعضاء الكونغرس، لأن رئيسه علي الشهابي سعودي الجنسية عرّف نفسه كخبير مطلع على العلاقات الأمريكية السعودية، إذ تولّى ايصال رسائل سعودية الى أعضاء الكونغرس بشكل غير رسمي, وبالمقابل تلقّى تمويلا كبيرا من العائلة الحاكمة، بالرغم من كونه صحفيا مغمورا لم يكن له شأن في الولايات المتحدة.
لكن الشهابي فشل فشلا ذريعا في مهمته، إذ لم يكن هناك أي مردود إيجابي او ثمرة لنشاطات المركز الذي انفقت عليه السعودية مبالغ طائلة، سوى المردود الإيجابي الذي انعكس على نمط حياة الشهابي. فقد تحول وخلال فترة قصيرة هي عمر المركز البالغ عامين، من صحفي مغمور ينحدر من عائلة متوسطة الحال الى مالك لمنزل يقع على اطراف العاصمة الأمريكية وتقدر قيمته بخمسة مليون دولار!
وعاش الشهابي حياة مليئة بالبذخ حيث السيارات الفارهة و التردد على المطاعم الفاخرة وبالعلاقات الإجتماعية الواسعة فضلا عن علاقاته بالجنس اللطيف، بدلا من الإهتمام بتحقيق الأهداف التي أسس من اجلها المركز، حتى أعرض عنه أعضاء الكونغرس بعد أن بان هزاله، ولم يستجيبوا لدعواته لحضور ندوات ينظمها المركز أو لإجراء لقاءات معه. و تلقى في احد المؤتمرات الصحفي تقريعا من العضو الجمهوري البارز في الكونغرس ”ليندسي غراهام“ الذي سبق وان وصف ولي العهد السعودي بالأحمق بعد حادثة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول. إذ خاطب غراهام الشهابي قائلا“ أنا أعرف من انت ومن يمول مركزك وأن كل محاولاتكم لتلميع صورة بن سلمان لن تجدي نفعا“.
وأما الدور الآخر الذي اضطلع به الشهابي فهو التواصل مع المعارضين السعوديين في الخارج ومحاولة إقناعهم بضرورة العودة الى المملكة، وان السلطات ستعفو عنهم وتحتضنهم. وكانت أحد اتصالاته موضع تحقيق من قبل السلطات الأمريكية، بعد محاولته إقناع الصحفي المغدور خاشقجي بالعودة الى السعودية. فقد بذل محاولات مباشرة وغير مباشرة على هذا الصعيد، عبر التواصل المباشر مع خاشقجي أو من خلال تشكيل حلقة ضغط من اصدقاء خاشقجي لإقناعه بالعودة. وقد اثارت هذه المحاولات إنزعاج خاشقجي الذي أطلع السلطات الأمريكية عليها قبل مقتله.
وبعد فشل الشهابي حتى على هذا الصعيد، اقتنعت السلطات السعودية بأن الشهابي ومركز المؤسسة العربية الذي يرؤسه باتا عديمي الجدوى، بادرت الى قطع تمويله ووقف انشطته الغير مجدية. وقد لاقت هذه الخطوة ترحيبا من قبل الناشط وليد الهذلول شقيق الناشطة الحقوقية السعودية المعتقلة لجين الهذلول، الذي وصف في تغريدة له إيقاف أنشطة المركز بأنه ” يخدم النقاشات السياسية الجارية في واشنطن”.
ويظل هذا المركز حلقة في سلسلة متواصلة من شركات العلاقات العامة وجماعات الضغط التي تنفق عليها السلطات السعودية الملايين من الدولارات بهدف تحسين صورتها المشوهة بأحكام الإعدام واعتقال الناشطين وقتل الصحفيين ودعم الإرهاب والحرب على اليمن.