محمد حسين – كاتب بحراني | البحرين اليوم
توالت تصريحات الرمز الوطني الأستاذ عبدالوهاب حسين في الفترة الأخيرة، وصارت – تدريجيًا – تأخذ شكل البيانات السياسية من حيث إبداء الرأي وصياغة المواقف ومحاولة خلق رأي عام شعبي نخبوي بخصوص جملة من المواضيع السياسية، العامة مثل “الإصلاحات الجوهرية” و “التكامل” بين قوى المعارضة، أو المستجدة ك”العقوبات البديلة” أو ما أُفضل أن يُسمى الظلم البديل!
ولست أكتب لكي أنوه بالقيمة السياسية لتصريحات ومواقف شخصية وازنة في المشهد السياسي البحراني كالأستاذ، أو من أجل تقييم صحتها -أي الآراء والمواقف- من عدمه في هذا الظرف الحساس من عمر ثورة ١٤ فبراير، وإنما أحاول أن أقدم فهمًا لمنطلقات الأستاذ في ممارسة شيء من دوره السياسي من محبسه بعد فترة طويلة من الامتناع عن التصدي للعمل السياسي من داخل السجن بناءً على قناعته بعدم صوابية ذلك، وتأكيده مسبقًا أنه سيمتنع عنه إلا بما يخص الحديث عن وضعه والرموز المعتقلين داخل السجن أو “ما تستدعيه الضرورة” ومحاولة فهم المواقف المستجدة لدى الأستاذ عبدالوهاب بناءً على التغييرات التي شهدتها الساحة المحلية مقارنةً مع وضعها قبل عشر سنوات
“هي الضرورة..!”
لقد امتنع أستاذ البصيرة عن إبداء المواقف السياسية منذ اعتقاله في منتصف مارس ٢٠١١، رغم مرور الساحة بالعديد من المنعطفات التاريخية والقاسية، وأكتفي في غير منعطفٍ بالعموميات رغم إصرار بعض رفاقه الرموز العلمائية والسياسية بضرورة إبداء الرأي والمواقف العملية، وهو ما قاموا به وامتنع عنه!
ولأن ما يطرحه “الأستاذ” في مواقفه المتوالية لايتعلق بوضعه أو وضع رفاقه الرموز في المعتقل، فيمكننا الجزم أن الأستاذ ينطلق في حركته وتكتيكه السياسي الجديد من باب الضرورة..
“تماسك البيت الممانع.. وتماسك المعارضة”
أحد المنطلقات الهامة في تصدي الأستاذ المستجد هو الحفاظ على تماسك الساحة وأبناء الحراك – وخاصة داخل ما اصطلح عليه سابقًا ب “خط الممانعة” فيما يتعلق بالموقف من “الظلم البديل” على ضوء وجود تباين عملي بين الرموز في طريقة التعاطي معه رغم انطلاقهم من مقدمات موحدة.
والعارفون بموقعية الأستاذ المحورية داخل “البيت الممانع” يدرك السبب في المرونة الفائقة التي ظهر فيها موقف الأستاذ من موضوع “الظلم البديل” رغم استثناء نفسه منه وتصنيفه لنفسه – كما يُفهم – ضمن الفئة الثالثة حسب المفهوم – غير المنطوق- من رأيه.
لقد ترك خروج المناضل الحقوقي نبيل رجب وتأييده للتعاطي الإيجابي مع المشروع المستجد لدى السلطة إضافة لتصريحات لست في صدد محاكمتها، وما استتبعه من ردات فعل داخل المعارضة ندوبًا، و لاينبغي أن تتكرر التجربة مع الرمز الحقوقي الكبير عبدالهادي الخواجة أو غيره من الرموز والقيادات، سواء على مستوى الفريق السياسي الذي ينتمي له الأستاذ عبدالوهاب، أو على مستوى المعارضة ككل.
“التكامل بين قوى المعارضة”
واحدة من المنطلقات الهامة استشعار الأستاذ بضرورة وصول المعارضة لحالة تكاملية قادرة على إدارة تبايناتها وتكون على مستوى التطلعات الشعبية في التعامل مع الظروف السياسية المتغيرة، وهو ما أكده وتوافق معه آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في بيانه المؤرخ ١٨ سبتمبر ٢٠٢١ وغير المسبوق في مخاطبة قوى المعارضة المختلفة.
وبتقديري أن المنطلقات المذكورة نفسها -أو على الأقل بعضها -دفعت الأستاذ المجاهد حسن مشيمع لكي يصدر موقفه التاريخي برفض الخروج من سجن السلطة بناءً على قوانين مجحفة في أصلها وغاياتها.
وتقودنا هذه المنطلقات جميعها لفهم غير مستعصي على المتابع السياسي العام فضلًا عن المشتغلين في الأروقة السياسية المعارضة والعالمين بكواليسها، أن المشهد السياسي يتغير، وأن هناك شيئا ما يتم إعداده في غرف النظام المظلمة، ويستدعي من المعارضة عمومًا أسلوبًا ونمطًا مختلفًا من التعاطي والتفاعل فيما بينها وبين السلطة، وداخل البيت المعارض يؤدي أما للتغيير الجوهري أو استمرار النضال.