من يسرق صندوق الثروة السيادية في البحرين؟
رأي البحرين اليوم – خاص
صندوق ثروة سيادية هو صندوق مملوك من قبل دولة يُنشأ عادة من فوائض ميزان المدفوعات، عائدات الخصخصة، الفوائض المالية، الأراضي، الشركات والأسهم. ولا يشمل تعريف صناديق الثروة السيادية أصول احتياطي العملات الأجنبية التي تحتفظ بها السلطات النقدية لأغراض التقاعد أو السياسة النقدية. ويتمثل الطموح الأساسي لصندوق الثروة السيادي في جمع المدخرات الوطنية طويلة الأجل لصالح الأجيال المقبلة، وذلك بتنويع الاستثمارات على الصعيدين القطاعي والجغرافي.
يعود أول تأسيس لصندوق سيادي إلى العام 1953 حيث أنشأته دولة الكويت تحت اسم الهيئة العامة للإستثمار، وتبلغ قيمة أصوله قرابة 600 مليار دولار. ويعتبر صندوق الثروة السيادية في النرويج الأكبر في العالم إذ تقدر قيمة أصوله بحوالي 1 تريليون دولار. ويتلقى الصندوق عائدات الدولة النفطية لإدارتها وتمويل برنامج الرعاية الاجتماعية الحكومي السخي عند جفاف آبارها من النفط والغاز، ويستثمر صندوق الثروة السيادي إيرادات النرويج من إنتاج النفط والغاز في الأسهم والسندات الأجنبية والعقارات.
ونمت الصناديق في منطقة الشرق الأوسط التي تضم 4 من أكبر 10 صناديق في العالم، فيمثل حجم هذه الصناديق الأربعة، 40% من إجمالي أصول الصناديق السيادية على مستوى العالم. أبرز تلك الصناديق صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي يدير حوالي 360 مليار دولار من الأصول. ويوجد في الإمارات العربية المتحدة ثلاثة صناديق سياسية مبادلة، وهيئة الإمارات للاستثمار، وأقواها جهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA) الذي يدير أصولا تقدر ب 800 مليار دولار.
وأسست البحرين عام 2005، “ممتلكات” وهو صندوق الثروة السيادية الخاص بها، والذي يمتلك الآن أصولا بأكثر من 30 مليار دولار في أكثر من 60 شركة في 14 دولة. تستثمر ممتلكات في الأصول غير المتعلقة بالنفط والغاز في مختلف القطاعات بما في ذلك التعليم، الطيران، الرعاية الصحية، المستهلك، الخدمات المالية، التصنيع، العقارات، السياحة والخدمات اللوجستية.
وأما داخليا فإن أبرز الشركات المحولة إلى الصندوق هي شركة الألمنيوم“ ألبا“ وحلبة البحرين الدولية التي تقام عليها سباقات الجائزة الكبرى برعاية ولي العهد الخليفي سلمان الخليفة.
وعند إجراء مقارنة بين ملكية الصناديق السيادية في دول الخليج وبين الصناديق المماثلة في دول نفطية أخرى مثل مملكة النرويج، فيلاحظ أن الملكية في الأخيرة تعود للدولة وللشعب وليس للحكومة أو للعائلة المالكة. فالحكومات المتعاقبة تتولى إدارة هذه الصناديق واستثماراتها، ولكنها لا تتملكها، ويكون دور العائلة المالكة هو تشريفي فقط، ولا تتدخل في أمور الحكم، فيبقى الشعب والأجيال المقبلة هي المالك لأكبر صندوق ثروات في العالم، في بلد يبلغ انتاجه النفطي اليوم أقل من مليوني برميل، فيما تبلغ نفوسه أكثر من ٥ مليون نسمة بقليل.
أما في دول الخليج وفي مقدمتها السعودية والبحرين، فإن العائلة الحاكمة هي الحكومة وهي الدولة، وهي المالك لصندوق الثروة السيادية. فالحكومات غير منتخبة شعبيا، وتسيطر العائلة الحاكمة على كل وزاراتها السيادية والخدمية، كما هو عليه الحال في البحرين. فرئيس الوزراء يمكث في منصبه منذ استقلال البلاد قبل قرابة الخمسة عقود، فيما يستحوذ أفراد من العائلة على الوزارات السيادية كالمالية والدفاع والداخلية والخارجية والنفط وغيرها.
وتخضع إدارة هذا الصندوق إلى العائلة الخليفية، ويبرز هنا دور ولي العهد الخليفي سلمان المولع بسباق الجائزة الكبرى للسيارات الذي يجري كل عام في حلبة الصخير الدولية. فالصندوق يمتلك شركة مكلارين البريطانية للسيارات وهي صاحبة فريق فورمولا ١ لسباقات السيارات. وهذه الشركة التي استثمر فيها ولي العهد، متعثرة وتواجه أزمة مالية دفعتها إلى التقدم بطلب للحصول على قرض من الحكومة البريطانية بقيمة ١٥٠ مليون دولار، لكن الحكومة البريطانية رفضت الطلب.
ومع اشتداد الأزمة الإقتصادية في البحرين فإن البحرانيين يطرحون سؤلا مشروعا، في ظل العجز في الموازنة والتضخم وفرض الضرائب، لماذا لا تستخدم العائلة الحاكمة ثروات ممتلكات لحل الأزمة؟ ولماذا تلجأ السلطات إلى الدين الخارجي الذي تجاوز عتبة ال ١٠٠٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وتجاوز الـ ٣٠ مليار دولار. لماذا تلجأ السلطات إلى سداد ديون البلاد بالديون؟ لماذا لا تستخدم ثروات الصندوق البالغة ٣٠ مليار دولار لحل الأزمة الاقتصادية بدلا من إرهاق كاهل المواطن بالضرائب، وكاهل الأجيال القادمة بالديون؟
إن هذه السياسات الإقتصادية تثبت بأن هذا الصندوق السيادي تتحكم فيه وتتملكه العائلة الحاكمة وليس لشعب البحرين، حاله كحال شركات العائلة الأخرى التي تدير ثرواتها في الخارج كشركة “بريمير” التي تدير أصولا لحاكم البحرين في الخارج تقدر بمليارات الدولارات.
لقد دمرت العائلة الخليفية اقتصاد البحرين عبر نهب الثروات على حساب الشعب الذي يعاني الأمرين من قمع وجور وضائقة اقتصادية، واستبداله بالأغراب فيما ينعم الخليفيون بثرواته التي نهبوها طوال أكثر من قرنين من الزمن.