كيف حال المشهد الثقافي العربي بعد الثورات؟
البحرين اليوم – (خاص)
بقلم: عباس الجمري
كاتب من البحرين
منذ انطلاق الثورات في الوطن العربي عام 2011 غاب المشهد الثقافي الأنيق، وتوارت المايكرفونات اللامعة التي من خلالها يبث المثقفون نظراتهم للأفكار ونقدهم للنصوص، واختفت المخدات المريحة التي يتكئ عليها النقاد وهم يجترحون أنماطاً من “دور المثقف” ويفلسفون “علاقة المثقف بالسلطة”، ويؤكدون غير مرة على أهمية الحرية والعدالة في السياسة والاجتماع.
لم يدر مثقفو العرب أن الأجواء الآمنة قبل 2011 ، ستحاصر مقولاتهم، وستكون تحت مباضع الواقع بعدما كانوا هم المبضع النقدي لكل المشهد، فما حصل أكبر من تواري وإنحناء للعاصفة، الناس العادية لا تسأل المثقف لماذا سكت حينما وجب الكلام، وصمت حين لزم الإعلان، بل تسأل عن الاصطفافات التي اتخذها بعضهم والتي ذهل منها بعض زملائهم المثقفين، حين يقف الما بعد حداثي عبدالله الغذامي في صف سلطة وهابية جائرة، أو يقف القومي العروبي عزمي بشارة مع ثورات وضد أخرى، ويأخذ الأنثربولوجي عبدالله يتيم الالتصاق بآل خليفة ..إلى آخره من نماذج فضحت “مقولة دور المثقف”، وكشفت عن بعد التنظير عن الواقع، وبينت زيف “روح” العلمانية التي استوردها العرب من الخارج، ومارسوها بلا “كتالوج” فلسفي يبين لهم كيفية ورودها ومواضع أورادها.
في كل هذا المشهد المشحون بالتشابك، لا ننس بعض المثقفين الذين بقوا على صميم أفكارهم، وهم ليسوا قلة، لكنهم لا يستطيعون خلق مشهد ثقافي يوازي ما حصل.