قبل نزع الجنسية وبعد تثبيتها.. يسقط حمد
البحرين اليوم – مقالات
بقلم: صادق جعفر – كاتب من البحرين
استنفر الإعلام الخليفي الرسمي و”الإجتماعي” على ترويج قرار تثبيت جنسية 551 من أصل 990 مواطنا نزعت منهم الجنسية بغير وجه حق، على أنه كرم وعطف من الحاكم الخليفي. وانخدعت بعض وسائل التواصل الإجتماعي متماشية مع الترويج إلى انفراجات محتملة بدليل هذه الخطوة “الإيجابية”. وبسذاجة طرحت بعض التحليلات مستشرفة مزيدا من “البوادر” التي ترأب الصدع، “خاصة بعد التقارب العراقي السعودي قبل أسبوع”.
الغريب أن هذه الدعايات التافهة التي انخدع بها البعض، لم تنطلي على المؤسسات الحقوقية التي علقت بطلب تعويض المتضررين، والتأكيد على أن قرار نزع الجنسية في أساسه باطل، كما عبرت بذلك ضمنيا منظمة العفو الدولية.
في كل الأحوال فإن الحاكم الخليفي حمد بن عيسى الذي أطلق يد التعذيب، وبارك هدم المساجد، وأمر باستهداف معتقدات السكان الأصليين، واستعان على الشعب بجيوش أجنبية، لا يمكن أبدا أن يتحول إلى حمل وديع، وملك رؤوف، وحاكم عادل. وأيا تكن الأسباب التي أجبرته على تثبيت جنسية نصف عدد المسقطة جنسيتهم، فهذا لا يعني أن حرب الإبادة الثقافية ضد المواطنين قد توقفت.
وبعيدا عن هذا وذاك فقد رفع المواطنون البحرانيون شعار (يسقط حمد) قبل أن يشرع في نزع الجنسية، ويستأنف التعذيب، ويمارس مختف الجرائم، ولهذا تجذر ذلك الشعار بعد أن مارس أنواع الإنتهاكات الفظيعة التي لم تخطر ببال أحد.
وما لم يتمكن حمد من أخذه من شعب البحرين بالقوة، لن يأخذه بطريق الحيل السياسية، ورغم التسليم بأن قرار تثبيت الجنسية يخفف بعض معاناة المنزع جنسيتهم في الإستفادة من خدمات التعليم والصحة والعمل والسفر وغيرها، غير أن حمد لا يمكن أن ينفذ إلى قلوب الناس، وخاصة عوائل الشهداء منهم، والذين يعتقدون بأنه المسؤول عن إزهاق أرواح أبنائهم.
كيف يمكن لأحد أن يقول لوالدة الشهيد عباس السميع، أو سامي مشيمع أو علي السنكيس أن الذي صادق على إعدام أولادكن رأف بحال المسقطة جنسياتهم؟ أو أن يقول أحدهم أن المسجد الذي هدمته عساكر حمد، قد أعاد بنائه بأحلى من ذي قبل، فينسى أصل الجريمة، ثم يشيد ببناء المسجد؟
ولهذا فإن تثبيت الجنسية وإن كان يشكل أهمية بالغة لدى المتضررين من تلك القرارات والأحكام الجائرة بنزع جنسيتهم، لكنه لا يعني في مسلسل الصراع والسياسة أي شيء يذكر. ومن جانب آخر فإن الحراك الميداني في البحرين كما هو واضح لن يفرط في شعار (يسقط حمد)، لأنه شعار واقعي وضروري كما يعبر أحد النشطاء البحرانيين.
والأكيد مما سبق كله أن الحاكم الخليفي وجد نفسه مضطرا لإجراء تنازل شكلي حول أحكام إسقاط الجنسية تحديدا، حيث أن تلك السياسة مخالفة مخالفة صريحة للقوانين الدولية وخاصة ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على حق الإنسان في التمتع بالجنسية وليس من حق أحد مصادرتها . ولا ننسى بأن أحكام اسقاط الجنسية وصلت إلى مستويات خطيرة، كأن يحكم على أم لطفلين بالسجن سنة مع إسقاط الجنسية، أو أن يكون هذا القرار مع مختلف الأحكام سواء كانت قصيرة أو طويلة.