في ٣٠ يوم فقط!
البحرين اليوم – مقالات
بقلم: يعقوب الستري – كاتب من البحرين
٣٠ يوما سقط فيه الحكم الممتد لأكثر من ٢٠٠ عام، إنها أسطورة الثورة التي لفظت غبار الحكم الديكتاتوري الذي تشيد على المكر والبطش والإرهاب.
إنها الفترة الزمنية الممتدة بين ١٤ فبراير و ١٦ مارس من العام ٢٠١١ في البحرين، حيث قرّر الشعب أن يصنع تحولات جوهرية في تاريخ بلاده المعاصر، ويصحّح مسار ما طرأ عليه من متسلّطين لا يملكون أبجديات العدل في الدولة فضلاً عن إعْمالها.
منذ غزوهم للبحرين في عام ١٧٨٣م وليوم ١٣ فبراير ٢٠١١، لم يحاول الخليفيون تأسيس قواعد متينة لحكمهم الغاصب، والقواعد القوية في الدول لا تُبنى إلا على سواعد أبنائها الأصلاء، وماذا إذا كان هؤلاء الأبناء يثورون في وجه الحاكم الظالم كل ١٠ سنين؟
بناء القواعد المذكورة لم تكن بحاجة لبهرجة “حمد” أو تخطيط “عطية الله” أو تعذيب “هندرسون” أو كذب “طارق الحسن” أو تضييق “مريم البردولي”، بل كانت تحتاج لحكمة من يقبعون الآن في سجن جو المركزي، فقد كانوا يمثلون مفاتيحاً لحل كل الأزمات، وإلى الآن، إلا أن القرار صار صعباً للغاية، فقد انتُهِكت النواميس الإلهية التي من المستحيل غضّ الطرف عنها.
من الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها السلطة الخليفية أنها أشركت المجتمع الخليجي والدولي في أزمتها مع شعب البحرين، وأثبتت أنها فَزِعة جداً حيث أصبحت تتشبّث بكل قشة مهما كانت ضعيفة، وأكبر مثال على ذلك هو التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني الغاصب.
هذا الكيان الذي بحاجة لمن يحميه، كيف للخليفيين الاستعانة به؟، إنما يدلّ هذا الأمر على الوهن الشديد الذي يعانونه في قِبَال إيمان وعزم شديدَين يتمتع بهما الشعب في ثورته المباركة. فاللوذ بالصهاينة لا يمكن أن يكون إلا كونه جهد العاجز الخائف.
٣٠ يوماً كانت كـ ٣٠ عاماً، كانت العزة لشعب البحرين والذلّة للحكم الخليفي، ونحن في شهر مارس نستذكر البطولات الشبابية والعلمائية في الميدان، البطولات التي أجبرت النظام صاغراً على الاستنجاد بالأدعياء السعوديين والإماراتيين وعدد من دول الخليج، لتتم محاصرة الثوّار وممارسة أبشع أنواع القتل والدمار أمام مرأى ومسمع كافة المنظمات والدول الإقليمية والعالمية، ولا من ينبس ببنت شفة.
لكنها كانت البداية الحقيقية للتغيير الحتمي الذي كان يخشاه الظلمة وأعوانهم، حيث اتّقدت النار في صدور الشعب، وباتوا يردّدون أناشيد المواجهة والمقاومة، وصار الخوف يسكن قلوب العصابة الخليفية، من رأسها وحتى أصغر مرتزق فيها.