في رمضان البحرين: الناشط نبيل السميع.. الشهيد السادس عشر في عام المقاومة والفداء
المنامة – البحرين اليوم
لا يكتمل هذا الشّلال الأحمر إلا حين يفور عميقاً في ليالي الشهر العظيم، ليكتب حكايةً أخرى من حكايات الدماء الثائرة.
الناشط نبيل السميع ينال هذا الحظ العظيم، في الشهر الكريم، وكأن في هذه الأسرة أسرارا من لمفاتيح الفتح والشهادة. سيرةُ الناشط الذي أرعب بنادقَ المرتزقة في معتقله خلال فترة التسعينات؛ تنتهي بمسرح مليء بالدماء، وبالآهات التي لا يعلم إلا الله كيف هزّ أنينها الأصداءَ. الشهيد الذي قدّم الوفاء في كلّ محطات الكرامة والنضال، وخلال أكثر من عقدين، لم يستطع المجرمون عليه صبرا. لم يجدوا ذريعةً يُمسكون بها ضده، أو يلفقون عليه الاتهامات لجرّه نحو الطوامير. كان حاضراً في الميادين، ومثله لا يمكن إلا أن يكون حاضراً بإيقاعٍ خاص لا يُمحى أثرُه.. ولكنهم عجزوا عن الظفر بظلّه والكشْفِ عن سرِّه، فلاحقوا روحَه ونصبوا له الحبائل والمصائد.
هو “وطن لا يتوقف النزيف من شرايينه”. ابنه جهاد، أصغر المعتقلين (١٠ أعوام)؛ كان علامةً على أن قسمَ الشهادة والوفاء لا يغادر هذا البيت. صورُ الشهداء التي تحضر في كلّ منازل العائلة، ومنذ الشهيد حسن طاهر السميع، كانت تحفر في كلّ جيل ثأرا وثورة. يأخذ كلُّ جيل من الآخر عهداً باستمرار المسيرة، ووعداً بعدم التنازل أو الركون إلى نار الظلمة والقتلة. لا يغيّر من ذلك كلّ الإرعاب والإرهاب، ولا يُبدّل هذا الصمود كلُّ هذه الجحافل التي تُحَشَّد من شذاذ الآفاق لمواجهة شعبٍ لم يفارق أصله الثابت ولم ينقطع عن فروعه الشامخة، ولو دامَ سيل الدماء.
ستدمع العيون، وستُعلَّق راياتُ الحداد في أيام العيد المطلّة على الأبواب.. ولكن ابتسامتك الساحرة، وجهادك الخالص والخاص.. ستمنح الناسَ أملاً آخر لا ينتهي، وتدفُّقاً سائلاً من العنفوان الذي هلَّ منذ بدء هذا العام، ٢٠١٧م، مع الشهيد عباس السميع وصحبه، وتجمَّعَ بعدها فوّراً في مقاومة الشهيد رضا الغسرة وأخوته، ثم أخذ ألوانه المدهشة من أوّل شهيد فدائي، وأضِيفت عليها ألوان أخرى من الشهيد العجوز والشهيدين سهوان وآل مبارك، ثم تعود إليها ألوانُ الفداء بكثافةٍ، وبوزن خمسة من الشهداء، وبينهم الشهيد الحيّ، محمد الساري، الذي يربط الشهيدَ نبيل بالنسب والعهد، بالانتفاضة وبالثورة، وإلى أن يتوثق بينهما الرّباط والصّراط.. بحبلِ الشهادة الأقدس.