البحرين اليوم – (خاص، بقلم ميشال سايان من فرانس برس)
تؤكد كل من قطر والسعودية عدم وجود أي رابط سياسي أو مالي مع تنظيم داعش، الذي تبنّى اعتداءات باريس، إلا أن خبراء يؤكدون أن العديد من أثرياء الخليج ساهموا في تمويل التنظيم وتعزيز قدراته.
ويقول الخبير الجزائري حسني عبيدي ومقره جنيف لوكالة فرانس برس إن “مسألة تمويل داعش تشكل مصدر إزعاج لفرنسا التي أعلنت الحرب على الإرهاب”.
وتنفي السعودية وقطر نفيا قاطعا أي علاقة لهما بتنظيم داعش وتعلنان رسميا الحرب عليه. لذلك، انضمتا في 2014 إلى حملة الضربات الجوية التي تقودها واشنطن في سوريا. وتستضيف قطر مقر القيادة الأميركية الوسطى التي تدير العمليات ضد التنظيم المتطرف.
وبعد أربعة أيام من اعتداءات باريس الدامية التي أوقعت 130 قتيلا و350 جريحا، زار رئيس وزراء قطر عبدالله بن ناصر آل ثاني قصر الاليزيه ليؤكد للرئيس فرنسوا هولاند “دعمه التام” في محاربة الإرهابيين.
وصباح اليوم نفسه، سئل رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس عن صلات محتملة بين دول الخليج النفطية وتنظيم داعش. فقال لاذاعة “فرانس انتر” إن “السلطات في السعودية كما في قطر تحارب ضد داعش. هذا لا جدال فيه. وليس لدي أي سبب للشك اليوم في التزام هاتين الحكومتين”.
ولكن هل أثرياء هذه الدول هم أيضا بعيدون عن الشك؟ سألت الإذاعة.
وكان جواب فالس “تكمن المسألة في مجمل مصادر التمويل هذه (…)، لكن في الشرق الاوسط، الأمور معقدة دائما”.
ثم اضاف “لا يمكن أن نقبل بأي عنصر يشارك في الإرهاب ضدنا”.
وتقيم فرنسا علاقات “صداقة” مع السعودية التي وصفتها مقالة في صحيفة “لوموند” بأنها “تمول الأصولية السنية عبر العالم”، وترتبط بعلاقات وثيقة مع قطر التي تدعم الإخوان المسلمين. فالإمارة الغنية بالغاز اشترت في مايو 24 طائرة رافال مقابل 6,3 مليارات يورو.
منذ 2010، سلط موقع ويكيليكس الضوء على مسألة تمويل المنظمات المتطرفة بنشره برقية دبلوماسية اميركية جاء فيها أن التبرعات الخاصة في السعودية لا تزال المصدر الرئيسي لتمويل المجموعات الإرهابية السنية.
في تلك الفترة، كانت البرقية تشير خصوصا إلى تنظيم القاعدة الذي نشأ تنظيم داعش من فرعه العراقي. وكشف ويكيليكس كذلك تقاعس قطر والكويت في مكافحة تمويل المتطرفين.
وكتبت المحللة لوري بلوتكين بوغهارد من معهد “واشنطن انستيتيوت” العام الماضي “ليست هناك أدلة موثوقة بأن الحكومة السعودية توفر الدعم المالي لتنظيم داعش” الذي تعتبره “تهديدا مباشرا” لأمنها.
إلا أنها أضافت أن “الممولين الخليجيين الذين يعتبر السعوديون الأكثر سخاء بينهم، أرسلوا مئات الملايين من الدولارات إلى سوريا خلال السنوات الماضية وخصوصا إلى تنظيم داعش ومجموعات أخرى”.
ويتم تقديم هذه المساعدات المالية على شكل “زكاة” وتبرعات لجمعيات إسلامية أو لأفراد.
ويقول حسني عبيدي “ليس هناك تمويل مباشر من الرياض والدوحة للمجموعات المتطرفة. ولكن علينا أن نتذكر بأنه في بداية الثورة السورية كان هناك خط أخضر من الجميع لإغداق المال على المعارضة السورية من كافة التوجهات. تحول داعش نحو التطرف هو الذي عقد الأمور”.
ويضيف إن “السعودية وقطر تستنكران اليوم أعمال داعش الذي يهددهما. ولا بد من الإشارة أخيرا إلى أن تنظيم داعش هو اليوم أقل اعتمادا على الأموال الخارجية”.
وأكد تقرير لمؤسسة “اكشن تاسك فورس” المالية في فبراير الماضي “إن القيمة الإجمالية للتبرعات الخارجية التي يحصل عليها تنظيم داعش ضئيلة مقارنة مع مصادر الدخل الأخرى”، لا سيما النفط منها.
ويقول حسني عبيدي إن “فرنسا والغرب بحاجة لدول الخليج لضبط تدفق هذه الأموال. يجب أن يسعوا للتعاون معها وليس أن يبعدوها عنهم”.