عشرون عاماً: إنجازات حاكم البحرين والموقف الشعبي
البحرين اليوم – مقالات
بقلم: صادق البحراني
اسمحوا لي أيها الأعزة، بلا ديباجة ولا مقدمات، نتذكر ذلك اليوم الذي ذهب فيه الأمير الخليفي عيسى الخليفة عن هذه الدنيا، منحني الساقين، في 6 مارس 1999م. حينها استلم ابنه حمد زمام العبث بهذا الشعب.
حمد ألقى بذور الخصومة منذ بداية استلامه للحكم، حيث سعى حثيثاً إلى تبريد الساحة بوعود ووعود فقط. صار يركب مكوك الزيارات التحشيدية بنفسه، من النعيم إلى سترة، ولو كلّفته هذه الزيارات الكذب علناً مع وجود دليل وإثبات يدينه، كما حصل في مجلس المرحوم السيد علوي الغريفي.
الطاغية الجديد لم يألُ جهداً في إفراغ المؤسسات التي يصرف عليها الملايين من محتواها، وهي بلا فائدة تُرجى، فلا برلمان كامل الصلاحيات، ولا عدل في التوزير، وإنشاء هيئات رقابية مهمتها كشف الفاسدين الصغار فقط! ومهمة حمد وأجهزته هو السكوت والصمت عن هذا الفساد كي يكبُر ويصبح بدرجة “هامور”. ويا له من غباء مغلّف باستذكاء، فهو يساهم في توثيق ما قد يكون في المحاكم مستقبلاً.
استطاع حمد أن يكون اللاعب الوحيد في الساحة السياسية، حيث سبق عمّه السياسي العسكري المخضرم، وفي المقابل كبّلت المعارضة نفسها حيث أحجمت عن الرد السياسي أو الميداني، وهو من الأخطاء التي سيسجلها التاريخ. راح حمد وبكل أريحية يمضي في مشروعه التخريبي والاستبدادي، زاوياً كل من يفكّر في الوقوف في وجهه، حتى أصبح الوضع يحتاج دماءاً جديدة، وأنفاساً لم يعكّرها غبار سنين الخداع.
لم يكن الأمر يحتاج إلا شرارة يفتعلها حمد، وفعلاً، قام حمد بإشعال آخر فتيل في 2010، حينما اختطف العلماء والنشطاء المحسوبون على حركة حق وتيار الوفاء، وعذّبهم عذاباً شديداً وانتهك فيهم ما لم ينتهك في أحد من قبلهم، وبدأت النار ترتفع إلى أن وصلت إلى قمّة الهيجان، وانطلقت أشدّ وأضخم ثورة في تاريخ البحرين على قبيلة الخليفة.
لم تكن في حسبان حمد أو حتى المتماهين مع مشاريعه التخريبية، طلّ صاحب الشيبة عند شروق الشمس، وعاد الرمز من رحلته العلاجية، وتمركز الناس، كل الناس، في الميدان. حمد لم يكد ينام طوال شهر كامل، وكان قاب قوسين أو أدنى من الرحيل بعد 12 عاماً فقط من الحكم الديكتاتوري، لو لا تردّد المترددين من المعارضة وتعطشّ المتعطشين للدماء من الخليفيين والخليجيين.
لا نلقي اللوم كلّه على غير الشعب، فالشعب مسؤول كذلك عن تأخّر مبادراته وتصعيد حراكه، ولكن الأمل لا زال باقياً والفرصة لا زالت قائمة، بشرط التزام الاستقلال في الخطوات الثورية، وتقديم مصلحة الشعب على كل المصالح، وعدم التلكؤ في قلب المعادلات متى ما سنحت الفرصة، وعدم الاعتماد على أيّ فصيل، سياسي أو ثوري، في تقديم مقترح ما، فقد أثبتت التجربة بأن وعي الناس متقدم على وعي النخبة، ولو لا هذا الوعي لما اندلعت هذه الثورة من الأساس.