المنامة – البحرين اليوم
لم يكن الاستقبال الحافل الذي لقيه الشّاب عبد العزيز شرف، في بلدة العكر، غريباً عن أهله البلدة، كما هو حال عموم أهل البحرين الذين توافدوا إلى البلدة لإلقاء التحية الحارة ووضع أكاليل الحرية على صدر عبد العزيز بعد أن عادت إليه الحرية، أو بعضها، بعد ٥ سنوات من الاعتقال والمعاناة في سجون آل خليفة.
لكن العيون المتشوقة لرؤية عبد العزيز حُرّاً؛ كانت تنتظر إتمام مشروع آخر من الفرح، وهو فرح الزواج، والتئام الأسرة الصغيرة من جديد. ولذلك استقبلوه بأهازيج الزواج والتبريك. “الزوجة الصّابرة”؛ كان عنواناً للحفل التكريمي الذي حظي به عبد العزيز من قبل النشطاء وآباء الشهداء. فالزوجة هنا هي الوجه الآخر من الحكاية التي تحتاج إلى أكاليل وتحيّات كبيرة ولا تُحصى، كما تقول الناشطة ابتسام الصائغ في الحفل الذي عُقد مساء أمس الجمعة ٢١ أبريل ٢٠١٧م.
ناضلَ عبد العزيز خمساً من السنين المؤلمة داخل السجون المظلمة، ولكنّ نضالاً لا حدود له كان لزوجته مريم، وهي لذلك تستحق أن تكون “بطلة” أيضا، كما تصرّ الصّائغ وهي توجّه تعظيمها الكبير إلى زوجة عبد العزيز. والمطلوب، كما تُكمل الصّائغ حديثها، بأن تتكرر “قصّة مريم في كلّ بيوت المعتقلين الذين يتعرضون للتعذيب والتنكيل، والذين هم بحاجة كبيرة للعون من الزوجات والأمهات والأخوات”. وبهذا النموذج يُنجب عبدالعزيز ومريم “جيلاً من الصمود”، تختتم الصائغ حديثها.
أنْ يكون آباء الشهداء حاضرين في حفل زواج عبد العزيز ومريم؛ هو عنوانٌ آخر لهذه الحكاية: الصبر والشهادة.
والد الشهيد ياسين العصفور وصف زيارة عوائل الشهداء لحفل الزواج بأنها “استثنائية”. فها هنا فرحٌ وفرج.. عُرسٌ وحرية. وأوضح بأن عوائل الشهداء لا يفرقون بين أبناء الشعب في مشاركتهم معهم الأفراح والأحزان، ولكنه أشار إلى أن هناك “مناسبات خاصة ترتبط ببعض المواطنين”، كما هو الحال مع عبد العزيز شرف الذي قضى حكما بالسجن ٥ سنوات بعد أن كان قد كتب “عقده” مع مريم، التي تنتمي إلى كوكبة “عوائل الشهداء” أيضاً. وبهذا كان الإفراج إيذاناً بالأفراح، وقد حرص عوائل الشهداء على استباق أهالي بلدة العكر وعائلة الشرف لتتويج زواج “الشريفين” من آل شرف.
هي، كما قال والد الشهيد، محاولة “لمسح بعض الدموع” و”ردّ الجميل” لهذه العائلة المضحية التي “قدمت عطاءا وتضحية على مذبح الحرية”. وهو تسابق يُجاري المعاناة وهي تُلاحَق بدموع الفرح، وبين يدي القناعة بأن قرابين الشهداء لم تذهب هدرا، بل هي في مكان رفيع من الجزاء عند ربّ السماء.
الناشط علي مهنا استذكر العريس المفرَج عنه عبد العزيز حينما كانا زملاء في سجن جو. كانت المعاناة أعجز من أن تكسر معنويات عبد العزيز، وأصرّ على أن يكون عزيزا، ورافضا للذل والإهانة، وبحكايات لا تزال تحفظها ذاكرة مهنا من داخل السجن للشّاب الذي قدّم الكثير لوطنه، وآن له أن يتنفّس حريّةً وفرحاً، وبانتظار بقية الأنفاس والأفراح الكبرى لكلّ شعب البحرين.