المنامة – البحرين اليوم
يدشّن ائتلاف الرابع عشر من فبراير الجمعة ١٤ يوليو ٢٠١٧م برنامجا ثوريا تحت عنوان “صامدون”، وتنطلق تظاهرة مركزية بالمناسبة في منطقة سترة تحت شعار “جمعة الصمود ١”، وذلك في تأكيد من القوى الثورية المعارضة في البحرين على استمرار الثورة وصمودها رغم التصعيد المتواصل الذي ينقذه الخليفيون ضد المواطنين والناشطين وعلماء البحرين، وفي حملةٍ يقول مراقبون بأنها “الأعنف” منذ بدء الثورة في ١٤ فبراير ٢٠١١م.
وبحسب ناشطين، فإن اختيار الإئتلاف – وهو من القوى الثورية البارزة – لشعار “صامدون” لبرنامجه الاحتجاجي الجديد؛ يمثل “رسالة” إلى النظام الخليفي وردا على الوتيرة “غير المسبوقة” من الترهيب والاضطهاد التي طالت كل مكونات المجتمع والبيئات الاجتماعية والثقافية والدينية للسكان الأصليين في البلاد. ويضيف أحد الناشطين بأن الموقف الشعبي من كلّ ما يجري هو “الصمود، وعلى النسق الذي عرفته الثورة منذ أول يوم لها”.
الجدير بالذكر أن علامة “صمود” والهتاف بكلمة “صمووود”؛ تعد واحدة من ثيمات ثورة البحرين، وارتبطت بعدة مراحل وشخصيات.
وقد كان القيادي في المعارضة، الدكتور عبد الجليل السنكيس، المحكوم بالمؤبد، من الذين حرصوا على تقعيد هذا الشعار، وقد فسّر الحروف التي تتضمنها كلمة “صمود” عندما ارتقى منصّة دوار اللؤلؤة في فبراير ٢٠١١م، فور خروجه من المعتقل، وذلك على النحو التالي: (ص: صبر، م: مقاومة، و: وحدة، د: دفاع). وشكّل هذا التوضيح القاعدة الرمزية التي تشكلت منها لاحقاً العديد من الرؤى والأطروحات وبرامج العمل الثوري.
ومع توالي الانتهاكات من جهة، والقدرة الشعبية على الحضور في الساحات من جهة أخرى، كان المواطنون والثوار والنشطاء يحرصون على تسجيل الموقف بعلامة “صمووود”، مع إمالة حرف “الواو”، لإظهار قوة الثبات والتحدي والقدرة على الانتصار، آجلا أم عاجلا.
وكان الرمز الحقوقي المعتقل نبيل رجب أحد الذين ساهموا في توليف هذه المعاني المحاطة بعلامة الصمود وبطريقة نطقها، لاسيما في السنة الأولى من الثورة حينما كان يجول، وحيداً إلى حدّ ما، في مناطق البحرين وبين المتظاهرين وعلى شاشات التلفزة ووسائل الإعلام؛ لينقل الإيقاع الشعبي الثابت، جنباً إلى جنب استطاعة الناس على هزيمة القمع الرسمي.
وفي الفترة اللاحقة، وخاصة مع بدء السنة الثانية من الثورة، برز الحاج مجيد من بلدة دمستان ليكون اسمه لصيقاً بكلمة “صمود”، حتى أضحى يُعرَف بهذا الاسم بين الناس أكثر من اسمه الحقيقي. ولم يكن هذا الارتباط شكلياً، أو مؤقتاً، بل يمكن القول بأن حجي صمود مثّل واحدا من أبرز “الثيمات” في الثورة البحرانية التي جسّدت مفهوم الصمود، وذلك بحرصه المستمر حتى اليوم على المشاركة في الفعاليات الشعبية، والحضور في البرامج والتظاهرات ذات الصلة بالثورة وبمجتمعها العام. ورغم اعتقالاته المتكررة، والانتقام منه باعتقال أفراد من أسرته، والتعدي عليه بالضرب، إلا أن حجي “صمود” ظل يواصل تعبيره العملي عن اسمه “صمود”، والذي بات يُحيل إليه رأسا، دون غيره، في أذهان المواطنين.
على مدى سنوات الثورة التي تجاوزت الستّ سنوات، كان “الصمود” علامة وموقفاً بين البحرانيين. النشطاء وقادة الثورة في الداخل والخارج؛ كانوا يتبادلوا مع الناس هذا الرمز وهذه العلامة لتأكيد أن اللغة واحدة، والموقف واحد. يرتسم هذا الموقف من غير صعوبة عبر أصابع اليد التي يتعلمها الأطفال الصغار في بيوت البحرين، كما يتعلمون دروس الكرامة ومقاومة مشروع الإبادة الذي يمضي فيه الخليفيون.
الشهداء، وأمهات الشهداء، المعتلقون والمطاردون، الجدران والسماء التي تظلل التظاهرات.. كلّ هذه الفيزياء والفضاءات تنقل العلامة والصوت: “صمووود”. وحين يكون النظام في أشدّ جبروته ووحشيته، فإن الناس يكونون أكثر التصاقا بالصمود، وأسرع في استرجاع صورهم الأولى وهم يلصقون أياديهم بالنصر، ويخاطبون العالم من غير كلام كثير.. فقط بهذه الإشارة التي تكاد تختفي من ميادين العرب، ولكنها تبقى محفورة، بصدقٍ وبثبات، في ميادين البحرين وساحاتها، مرةً بعد أخرى. وفي سترة أنباء قريبة..