شعب البحرين لا يعرف الإستسلام وإحياء ذكرى الثورة خير شاهد
رأي البحرين اليوم – خاص
لم تمر الذكرى التاسعة لانطلاق الثورة البحرانية في 14 فبراير مرور الكرام، سواء داخل البحرين أو خارجها، فقد أحياها البحرانيون خلافا لتوقعات بعض المشككين بعزم وإصرار هذا الشعب.
من المهم النظر إلى حالة الصمود الشعبي باستحضار حجم المؤامرة على شعب البحرين، حيث تضافرت إرادات إقليمية ودولية من اجل إجهاض الثورة ووأدها، لكن تلك المؤامرات فشلت في فرض إرادتها على البحرانيين، ولم تنجح في كسر شوكة ثورته بالرغم من استخدامهم للقوة العسكرية.
من بين ثورات الربيع العربي كانت البحرين هي الوحيدة التي استعان نظام الحكم فيها بعد شهر من إندلاعها بقوات خارجية، تدخلت في قمع المتظاهرين العزل. اجتاحت قوات سعودية وإماراتية البحرين في مارس 2011 ليتبع ذلك موجة من القتل والإعتقالات وهدم للمساجد لم تشهد لها البحرين مثيلا عبر تاريخها، بل لم يشهد لها مثيل على مستوى قم الثورات السلمية في العالم.
قد يعتبر النظام الخليفي نفسه نجح مستعينا بالقوات السعودية في فض الإعتصام الحاشد بدوار اللؤلؤة، وفي تسوية الدوار بالأرض، لكن ذلك لم يكن إلا واحدا من أهم أسباب استمرار الثورة، كما أن جرائم الخليفيين وفرت المسوغ الشرعي والمنطقي للمطالبة باسقاط النظام بعد أن كشف عن طبيعته الدموية.
وجاءت الذكرى التاسعة للثورة المباركة لتؤكد على ثبات الأقدام، وتوصل رسالة واضحة بأن مرور السنين، وتصعيد القمع لا يمكنه أبدا دفع الناس للتخلي عن ثورتهم، والتفريض بتضحيات شهدائهم، أو نسيانهم لقادتهم وأبنائهم في السجون المظلمة.
لقد أحيى البحرانيون الذكرى التاسعة بمسيرات واعتصامات في مختلف القرى والبلدات البحرانية، وجددوا تأكيدهم على شعارهم الثابت بإسقاط النظام وبالمفاصلة والإستمرار “ على طريق النصر”.
كانت ذكرى الثورة مناسبة للتضامن مع المعتقلين الذي يرزحون في السجون الخليفية ويتعرضون إلى الموت بطئ, بحرمانهم من العلاج، وتعريضهم لظروف صحية ونفسية وجسدية سيئة وقاسية، فقد لشدتها بعض الأبرياء أرواحهم.
انطلقت المسيرات التي أحيت الذكرى بالرغم من القمع والحصار والإستنفار الأمني المهول، وفي ظل الإعتقالات والتهديد والوعيد، لكن المرابطين تحدوا آلة القمع الخليفية مؤكدين على عزيمتهم وإصرارهم على المضي بالثورة لتكمل عقدها الأول، وحتى تحقيق المطالب المشروعة.
وفي جو من التعاضد والمؤازرة أحيى البحرانيون الذين يعيشون في المنافي وبمشاركة جاليات مختلفة ذكرى الثورة بفعاليات متنوعة حظيت باهتمام واسع من الإعلام والصحافة الغربية، وبإشادة وتقدير كبيرين من المراقبين. أقيمت إعتصامات في أكثر من 12 مدينة وعاصمة عالمية، منها لندن، بروكسل، كوبنهاغن، لشبونه، دبلن، باريس، بيروت، ملبورن، روما، مدريد وغيرها. الاعتصامات سلطت الضوء على حجم الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في البحرين، ووجهت تحية دعم وإشادة إلى البحرانيين وهم يدخلون عامهم العاشر لثورتهم المظفرة.
وفي أحد قاعات البرلمان البريطاني عقدت ندوة في ذكرى الثورة تحدث فيها ناشطون بحرانيون وبريطانيون، عما يجري في البحرين وعن دور بريطانيا فيما حدث ويحدث في البلاد. وطالب المنتدون المجتمع الدولي بأن يتحلى بالتزامه بالواجب الأخلاقي في ممارسة ضغوط على النظام الخليفي الذي استخف بالمواطنين في البحرين، ومن ورائهم مجلس حقوق الإنسان والمفوضية الأممية السامية التي لم يضع لتوصياتها أي اعتبار. وشهدت العاصمة الألمانية جلسة حوارية مماثلة ليكون صوت البحرانيين مسموعا في كل مكان. وكان البحرانيون على موعد خاص عشية الثورة مع كلمة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم الذي أكد على حتمية الإنتصار، وطالب المعارضة بأن ترتقي لمستوى التحدي وتترك النزاع، وترص الصفوف لتكون قوة للناس وقوة في وجه النظام الظالم.
مجموع هذه التحركات وغيرها أىكدت عدد من الحقائق الثابتة، أولها أن الشعب البحراني لن يتخلى عن ثورته أو يبيع دماء شهدائه مهما بلغ مستوى القمع، أو طال به الأمد. ثانيا أن الرهان على كسر الإرادة الشعبية خاسر وفاشل، فمشاريع التضليل لا تخدع أحدا، كما أن الإستعانة بالخبرات الغربية أمنيا لن يكون إلا محل خسارة لا طائل منها. ثالثا الوفاء للرموز القادة والتزام البحرانيين وتمسكهم بهم، وفشل كل المشاريع التي تفكر في إيجاد قيادات بديلة أو نسيان الرموز الأسرى. رابعا أن فرصة التحالف بين قوى المعارضة ممكنة وضرورية، وتوحيد شعار هذا العام مؤشر إيجابي لكنه دون مستوى الطموح والتحدي الذي يأمله الناس ويطالب به آية الله قاسم. خامسا أنا الشعب الذي لا تنكسر إرادته رغم كل ما يتعرض له من القمع والإرهاب، لهو شعب منتصر، فعدم استسلامه بحد ذاته انتصار يقود للنصر الكبير. “وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم”.