سوالف “راس القدو”: التتن.. ومدينة سلمان
(البحرين اليوم – راس القدو)
أكثر شي يقهرني هذا الراس اللي مو قاعد يعتدل.. الواحد يحس بأن التتن صاير متروس بريحة مسيلات الدموع.. حلقي اتحوّل إلى “حداد السماء” من كثر ما أختنق لمّه أنفخ في هالراس.. بس مو غلط ما دام أنا “راس القدو”، على قولة أم علاّوي. بس كل هذا صوب واللي صادني أمس في سوق السمج صوب ثاني. أم الأولاد اتقول بأن خواتها وأزواجهم جايين الجمعة عشان يتفطرون في البيت، وخاطرها تطبخ ليهم مجبوس سمج على الفطور. المَرَه كأنها مفكره روحها ساكنة فيلا في جزيرة أمواج، وقاعدة تعزّم كل أسبوع في هالعالم، والبيت حده يشيلنا، وباقي اشوي يطبْ على راسنا.. حتى “بلاوي” الجيران في أنصاص الليالي توصل لينه واحنا نايمين. مو قادر أرمّم البيت اللي ورثته عن أبويي وهذي فاتحة البيت مثل ديوانية ذاك الأهبل اللّي يمبي يدخل انتخابات البرلمان، وصار كل واحد خاطره ياكل ويضرب في الأخماس والأسداس يتلايم عليه.. وفاقي على إئتلافي على جمبازي.. الكل ياكل عيش أبو لهرار!
جتني حسرة وانفرم راسي وأنا أدخل سوق السمج. اشلون الواحد يقدر يجوّد روحه من القهر وهو يشوف ريحة البحراني غايبة عن هالمكان اللي كانوا البحارنة يتلاقون فيه.. أبو خميس والتوبلاني وحجي جاسم.. اختفوا كلهم وصار أبو التجنيس لاعن في المكان لعنة إبليس. بس اللي اللي يقهر أكثر شوفت هالشباب وهم يشتغلون حمّالية.. اللي يسفط في السمج واللي قاعد على الفرشة يبيع خضره، وذاك “ولد الذين انسدحوا” فاتح ليي مدينة ما شافوا الناس منها إلا الريح.. لا ومسمّنها مدينة “سلمان” أبو الفورملا!
صار لي ١٥ سنة وأنا أنتظر الوحدة السكنية، أولادي الثلاثة انفغصوا في حجرة ضيقة واحنا ننتظر بلا فايدة، ومو مصبّرني إلا ولدي الكبير، علاّوي، اللي صار ليه ٦ سنوات مسجون، بس والله العظيم كل ما يتصل أحس بالصبر والعزة، وأكثر شي عاجبني فيه عدم تنازله عن كرامته، حتى لو اتسبّب هذه في حرمانه من الزيارة أكثر من سنة. أمس اتصل لأمه وبارك ليها قدوم شهر رمضان، وقال لها “يمه.. لا تحاتين.. احنا بخير، وراسنا ما راح ينكسر”. إيه يا ولدي.. وأنا راس القدو مكسور عليك، وحسبي الله على سبيجة ورجلها الملعون.