سفراء قصر الصافرية في تل أبيب: ماذا سيختار وزير الخارجية لبيان أسباب الزيارة؟
البحرين اليوم – (خاص)
بقلم: باقر المشهدي
مختص في شؤون الخليج
على غير عادته؛ لا يزال وزير خارجية النظام في البحرين، خالد أحمد، يلتزم صمت “الفيلة”، ولم يعلق على زيارة “سفراء” قصر الصافرية إلى مدينة القدس المحتلة. في الواقع ليس بمقدور وزير الخارجية الاعتراض على قرار سيده “الملك” الذي قرّر أن يبعث سفراءه إلى تل أبيب والقدس استكمالا وتنفيذا للإعلان الذي أعلنه في سبتمبر الماضي حول رفضه المقاطعة العربية لإسرائيل، وأعلن نيته التطبيع مع إسرائيل علنا، حيث قال لمدير مركز شمعون فيزيال بمدينة لوس أنجلوس الأمريكية؛ إنه سيسمح لرعاياه زيارة إسرائيل رسميا.
هذا القرار أيضا يقف من خلفه ناصر “المعجزة”، نجل حمد، الذي شارك في ندوة للتعايش بين الأديان في المركز، ووقع على وثيقة تدين الكراهية والعنف الديني. وقد كالت الصحيفة الصهيونية “معاريف” المديح لحمد عيسى، وصورته على أنه “أحد أكثر المناصرين للتعايش بين الأديان”، وزعمت أن بلاده يبلغ فيها التعايش بين الأديان “درجة مثالية”، وأشارت إلى أنه يُحتفل بعيد “الحانوكا” العبري مع اليهود بالبحرين، رغم أن عددهم في البحرين لا يتجاوز ٤٠ شخصا.
إذن، فوفد السفراء الـ ٢٤ لم يكن خاليا من الصفة الرسمية، ولم يكن متقوَّلا على الحاكم أو أن يُدّعى عليه – كما قال أحد أعضاء الوفد – بأنه يحمل رسالة لم يحمّلها. وهذه ليست المرة الأولى التي يبعث بها حمد عيسى سفراءه إلى الكيان الصهيوني، ويكفي جردة بسيطة من موقع غوغل لنعرف الخطوات التي سبقت بعث سفراء الصافرية:
- في سبتمبر ٢٠٠٥ أعلن النظام في البحرين قراره برفع الحظر عن البضائع الإسرائيلية، وإغلاق مكتب المقاطعة الإسرائيلية في البلاد.
- في ٢٠٠٦ أعلن السفير الخليفي في واشنطن آنذاك، ناصر البلوشي، إرساله رسالة إلى مكتب الممثل التجاري الأميركي جاء فيها «إن البحرين أنهت المقاطعة الثانوية للبضائع الإسرائيلية في العام ١٩٩٤، وأنها قررت إلغاء المقاطعة الأولية أيضا بهدف تعزيز الأمن والتعاون الإقليمي».
- في ٢٠٠٦ كشفت «يديعوت أحرونوت» أن المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، رون بروساور، زار البحرين بصفته مبعوثا خاصا من وزيرة الخارجية في حينه تسفي ليفني لإجراء حوار سياسي “حساس” مع المنامة.
- في أكتوبر ٢٠٠٧ التقى وزير الخارجية خالد أحمد الوزيرة الإسرائيلية ليفني، حيث بحث معها “سبل تطوير العلاقات بين الجانبين”.
- في ١٨ ديسمبر ٢٠٠٨، أي قبل حرب «الرصاص المصبوب» ضد قطاع غزة بعشرة أيام، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ووزيرة الخارجية ليفني التقيا ملك البحرين حمد عيسى سرا في نيويورك، على هامش «مؤتمر حوار الأديان» الذي عُقد في الأمم المتحدة بدعوة من الملك السعودي آنذاك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود.
- في ١٧ يوليو ٢٠٠٩ نشرت صحيفة «واشنطن بوست»، مقالا لولي عهد البحرين سلمان حمد، قال فيه: «إن العرب بحاجة إلى تفكير جديد إن أرادوا أن تحصل مبادرة السلام العربية على ما تستحقه من تأثير على الصراع العربي- الإسرائيلي الذي يفاقم، دون داع، فاقة الفلسطينيين ويهدد أمن إسرائيل». واقترح سلمان في هذا الإطار أن يكون التواصل مع الإسرائيليين عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية المحلية منها والوطنية.
- في فبراير ٢٠١٤، كشف تقرير صادر عن الجيش الإسرائيلي وجود تعاون استخباراتي وثيق بين جهاز الموساد الإسرائيلي والسلطات الخليفية، وأن المنامة زودت إسرائيل بمعلومات استخباراتية عن إيران وفصائل المقاومة الفلسطينية.
- في سبتمبر ٢٠١٤، قالت السلطات في البحرين إن وزير خارجيتها خالد أحمد التقى على هامش أعمال الدورة ٦٩ للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وفدا من اللجنة اليهودية الأميركية في نيويورك، وتداول معهم بعض القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الملف النووي الإيراني والقضية الفلسطينية.
- في ٢٤ سبتمبر ٢٠١٦ التقى خالد أحمد، أعضاء اللجنة الأميركية اليهودية، وذلك في مدينة نيويورك على هامش اجتماعات الدورة ٧١ للجمعية العامة للأمم المتحدة.
- في ٢٧ ديسمبر ٢٠١٦، صُدم العرب والمسلمون بالفيديو الذي بثته قنوات تلفزة ومواقع إخبارية إسرائيلية، ويظهر فيه مواطنون من البحرين وهم يرقصون إلى جانب حاخامات صهاينة من حركة «أجاد» على إيقاع أغنية تمس بشكل مباشر بالمسجد الأقصى وعروبة القدس المحتلة وإسلاميتها.
- وكشفت هذه الوسائل أن الحاخامات قدموا إلى الحفل الذي أقيم في مدينة المنامة، بناء على دعوة الملك حمد عيسى آل نفسه.
- ومؤخرا، أعلنت البحرين عن إطلاق مبادرة للحوار بين الأديان بأميركا، عبر مركزها الرامي «للحوار بين الأديان والتعايش السلمي»، وذلك بالتعاون «مركز سيمون وايزنتال الصهيوني» الهادف للدفاع عن الكيان الإسرائيلي، وإعادة بناء وعي عالمي نحو اليهود. وأعلن ناصر حمد عن المشروع، بولاية كاليفورنيا الأميركية، برفقة عميد ومؤسس المركز الحاخام مارفن هاير. ويعد المركز أحد أذرع الاحتلال و«الصهيونية العالمية»؛ لتشويه التاريخ، حيث يستثمر مبالغ خيالية لبناء وإدارة المتاحف حول العالم وتقديم العروض المتطورة كالأفلام الوثائقية والعروض السينمائية والمسرحية.
- في سبتمبر ٢٠١٦، أثار خالد أحمد ردود فعل مستهجنة بعدما كتب تغريدة عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» معزيا فيها بوفاة رئيس الكيان الإسرائيلي شمعون بيريز. وقال خالد في تغريدته: «ارقد بسلام أيها الرئيس شمعون بيريز، رجل حرب ورجل سلام لا يزال صعب المنال في الشرق الأوسط». كما شارك ممثلون عن النظام الخليفي في مراسم جنازة بيريز، الأمر الذي لاقى إدانات عربية وفلسطينية.
هل يكفي الآن بيان وكالة الأنباء الرسمية، أو نفي أحد أعضاء جمعية “هذه هي البحرين” مهمتهم التي بعثهم بها حمد عيسي؟
لنر مزيدا من التفاصيل حول هذه الجمعية التي تترأسها السيدة “بيتسي ماتيسون”، وهي إمراة بريطانية ظهرت في فترة ٢٠١١ مدافعة عن بطش النظام وقوات درع الجزيرة السعودية، وكانت لها إطلالات إعلامية سياسية “وقحة جدا”، لا تقل وقاحة عن وقاحة الطباليين المحليين. وقبل ترؤسها لهذه الجمعية؛ أسست ماتيسون اتحاد الجاليات الأجنبية في البحرين. الجمعية بدأت أعمالها منذ ٢٠١٥، إلا أنها لم تشهر إلا في مايو ٢٠١٧ وأعلن إطلاق الجمعية في حفل رسمي بفندق “فور سيزونز” برعاية حمد عيسى، وبحضور مسؤولين حكوميين بارزين في مقدمتهم، وزير العمل والتنمية الاجتماعية جميل حميدان.
الذي يعرف حجم عمل الجمعية، وتجوالها في زيارات خارجية طافت العديد من البلدان الأوربية؛ يعرف حجم المبالغ الباهظة التي تصرف على عملها، وأنْ لا طاقة لأي متبرع “شخصي” أن يكفل تمويل عملها، إلا أن يكون الديوان الملكي أو توابع قصر الصافرية، حيث إنهم هم من يهمينون على خزينة الدولة.
في الختام، تدعو هذه المقالة “طبل الصفيح”، وزير التغريدات الطائشة؛ أن يختار واحدا من ثلاثة دوافع قد تكون وراء قيام قصر الصافرية بإرسال سفراءه إلى تل أبيب:
الدافع الأول: التخلص من تداعيات قضية الشيخ عيسى حمد قاسم.
الدافع الثاني: الهرولة سريعا وراء الجانب السعودي الأمريكي لإنهاء القضية الفلسطينية.
الدافع الثالث: طمأنة الجانب الصهيوني بالاستمرار في مسار التطبيع وقبض العمولة المالية.