البحرين اليوم-المنامة
دون سابق إنذار وبشكل مفاجأ انتشرت قوات الأمن الخليفي في محيط سجن جو سيء الصيت، معلنة حالة الطوارىء. الزمان يوم الجمعة 26 يوليو، في الصباح الباكر، أغلقت أبواب الزنازين، ومنعت الإتصالات، وتوقفت الزيارات، وخيم القلق والترقب.
إنها إجراءات تتطابق مع ما حدث في 15يناير 2017، حين خطف رصاص الإرهاب الخليفي أرواح الشهداء عباس السميع وعلي السنكيس وسامي مشيمع، لكن لا أحد يستطيع الجزم بأي شيء، وفي نفس الوقت لا أحد يستبعد حدوث أي جريمة ..
مرت ساعات نهار يوم الجمعة بطيئة، فمن أصعب الأوقات وأطولها ساعات الترقب والإنتظار، وما بين الدعاء والترقب والرجاء أرخى الليل سدوله، وظلت الجفون ساهرة منتظرة معرفة ما وراء الخبر.
بعض السجناء سمع عن إعدام وشيك للشابين اليافعين وضحيتا التعذيب أحمد الملالي وعلي العرب، لكنهم حاولوا عدم تصديق ما تنامى إلى مسامعهم.
انبلج صباح اليوم التالي بنبأ الفاجعة، وعرف الجميع أن العرب والملالي عرجا إلى السماء بعد أن أريقت دمائهما بأمر من السفاح حمد بن عيسى آل خليفة.
صباح الفجيعة اختلف كل شيء، انتفض السجناء في كل المباني والعنابر، اعتلت التكبيرات من الزنازين المغلقة وقام السجناء برمي القوات المرابطة على مداخل المباني ببعض علب الطعام وقناني الماء، وهم يقرعون الأبواب، ويطلقون الهتافات المناوئة للسفاح.
كانت القوات تدرك أن الإقتراب من السجناء سيخرجهم من دائرة السيطرة، وبذلك كانت الأوامر العليا واضحة أن يبقوا في وضعية التأهب على مداخل المباني وتجنب أي احتكاك مباشر.
أعدت إدارة سجن جو بإِشراف مباشر من القيادة الرئيسية للأمن الخليفي خطة محكمة لمنع تكرار انتفاضة مارس في العام 2015، وأبقوا على السجناء داخل الزنازين، وهم يراقبون الوضع عن كثب.
في مبنى ( 1 ) حيث يقبع المحكومون بالإعدام، وهو المكان الأخير الذي نقل منه العرب والملالي قبل أن يتم اختطاف روحهما، ارتفعت صيحات التكبير واهتزت قضبان الحديد. في ذلك المبنى تحديدا سمح للسجناء دون باقي المباني بإقامة مجالس العزاء، ولم يقترب أحد من الحراس أو المسؤولين للمبنى الذي كان الحزن والغضب يعتري نفوس النزلاء فيه.
في ذلك المبنى ينتظر ثمانية نزلاء آخرون تنفيذ حكم الإعدام ضدهم بعد أن يصادق عليه السفاح حمد بن عيسى آل خليفة. ولسان حالهم “ أبالموت تهددنا يا ابن الطلقاء، إن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة”، “فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا”.